منوعات

الكونغرس الأميركي يرمي تهمة تفجير المرفأ على حزب الله

السيّد نصر الله وعد بالرد على هذه الاتهامات في كلمة خلال الأيام المقبلة!

أكثر من 4 أشهر على كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، والتي راح ضحيتها 200 شهيدًا وأكثر من 6000 جريحًا، لا يزال اللبنانيون ينتظرون الحقيقة، ولا تزال المسؤوليات تائهة بين الجهات السياسية والأمنية والقضائية كافة. وفي حين أن “التسييس” بلغ أوجه في لبنان لناحية رمي الاتهامات والمسؤوليات تُسجل واشنطن دخولًا خطرًا على خط المواقف من الجريمة الدامية، وتضع حزب الله في دائرة الاتهامات المباشرة. والاتهامات هنا ليست موقفًا سياسيًا مشابهًا لبعض الأصوات الداخلية التي حاولت تحوير الاتهامات السياسية في هذا الاتجاه، بل عبر مشروع قرار تمَّ إقراره في الكونغرس.

“في الأيام المقبلة سيكون لي كلام حول الشأن اللبناني، بخصوص الوضع الحكومي ومستجدات التحقيق بتفجير المرفأ والدخول الأميركي فيه من جديد والوضع المالي والاجتماعي وجمعية القرض الحسن وغيرها من المواضيع”، بهذا الكلام ختم أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله خطابه مساء الأحد. والكلام عن دخول الأميركي في قضية تفجير المرفأ والتصويب الأميركي على الحزب محوره قرار صادر عن الكونغرس الأميركي يتهم فيه صراحةً الحزب بالتسبّب بالتفجير.

المشروع الذي تقدّم به ممثل ولاية نيوجرسي في الكونغرس السيناتور روبرت مينديز، في 13 آب الفائت في أعقاب الانفجار في مرفأ بيروت، ووقعه عددٌ من زملائه في لجنة العلاقات الخارجية، بينهم السيناتور جاين شاهين المتزوجة من المحامي اللبناني الأصل بيل شاهين وماركو روبيو وميت رومني، أقرّه الكونغرس قبل أسبوع من انقضاء العام 2020. واللافت أنه في غمرة الانقسام السياسي بين العدوين اللدودين الحزبين الأميركيين الأساسيين “الديموقراطي” و”الجمهوري”، وجد التوافق طريقه بينهما للتعاون على إقرار هذا المشروع في الكونغرس.

القرار حامل الرقم 682، في الجلسة 116 للكونغرس الحالي، ويحمل عنوان “الاعتراف بالانفجار المدمر الذي هز مرفأ بيروت في 4 آب 2020، والتضامن مع الشعب اللبناني” يبدأ بدعم مطالب الشعب اللبناني بالتغيير يحمل في طيّاته اتهامًا مباشرًا إلى الحزب بالتورط بالانفجار وهو ما فسّرته مصادر مراقبة أنه يندرج من المناخ السياسي المناوئ للحزب والذي برز جليًا في الأيام الأولى التي تلت الانفجار في خطابات وتصريحات جهات سياسية وجمعيات من المجتمع المدني وأيضًا ما روّج له بعض الإعلام العربي. وكان الحزب باشر بمقاضاة كل من اتهمه بالوقوف وراء انفجار مرفأ بيروت فقدَّم دعاوى عبر عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب إبراهيم الموسوي الذي رفض هذه الادّعاءات قائلًا “هذه الاتهامات باطلة وتشكل ظلمًا وعدوانًا حقيقيًّا واستمرارًا لجريمة المرفأ​، لأنه يتم إبعاد أصابع الاتهام عن المجرم، وتوجيها إلى جهات أخرى دون أي أدلة أو براهين، ما يحض على الفتنة ويهدد ​السلم الأهلي​”.

وبالعودة إلى القرار الأميركي، وفي حين تزامن الانفجار مع فترة أزمة سياسية طويلة في لبنان، كما يقول متن القرار، المنشور على موقع الكونغرس الأميركي، “إنّه بعد شهور من الجمود السياسي، شكل لبنان حكومة في كانون الثاني من هذا العام (2020) بدعم من حزب الله، وهو منظمة إرهابية أجنبية مصنفة من قبل الولايات المتحدة، وحلفائها”. وفي حين أدى الفساد المستشري ودائمًا بحسب القرار “وسوء إدارة حزب الله إلى دفع لبنان إلى حافة الانهيار الاقتصادي، بما في ذلك خفض قيمة العملة بنسبة 80٪ منذ عام 2019، وهو أحد أعلى معدلات الدين العام وانعدام الأمن الغذائي والتضخم المفرط”. يزعم القرار في اتهام خطير “أن حكومة الولايات المتحدة لديها مخاوف طويلة الأمد بشأن استخدام حزب الله لميناء بيروت وتأثيره عليه كنقطة عبور وتخزين لمشروعه الإرهابي”.

ويُغلف القرار “قلقه” على الشأن اللّبناني بمساندة “الشعب اللبناني الذي جدد مطالبه بتغيير ذي مغزى في القيادة السياسية اللبنانية، ومساءلة الحكومة، والشفافية”. ويفترض أن استقرار لبنان يكون “مع حكومة تتمتع بالمصداقية والشفافية وخالية من التدخل الإيراني وحزب الله” ويعتبر ذلك من صلب المصالح الأمنية القومية الأوسع لشركاء وحلفاء الولايات المتحدة”.

والأخطر في القرار هو انضمامه إلى جماعة “تدويل التحقيق”، حيث دعا الحكومة اللبنانية إلى إجراء تحقيق نزيه وشفاف، لتحديد أسباب الانفجار والمتسببين به على أن “يشارك خبراء دوليون محايدون مع فريق التحقيق”. ومن المعلوم أن التحقيقات في تفجير المرفأ شارك فيها مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي الـ”أف بي آي” كما شارك محققون فرنسيون في عملية جمع الأدلة.

كما دعا القرار “فريق التحقيق إلى تقييم وتحديد الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار وسوء الإدارة الاقتصادية التي أثرت على شعب لبنان”.

بانتظار ردّ الحزب على هذا الاتهامات على لسان أمينه العام في الأيام المقبلة، فإن قرار الكونغرس الأميركي بحزبيه “الجمهوري” و”الديمقراطي” والمطالبة بإشراك محققين دوليين بالتحقيق في كارثة انفجار المرفأ وإتهام المقاومة، هو بحسب مصادر مراقبة “جريمة إضافية تضاف إلى فاجعة التفجير الأصلية”، لافتةً إلى أنَّها تندرج في إطار الحرب الأميركية على الحزب. وتقول المصادر “الحركة الدولية باتجاه لبنان بعد كارثة انفجار المرفأ والأساطيل الحربية التي تأتي بـ”مهمة إنسانية” كلّها كانت توحي بأن الأميركيين لا يزالون على تشدّدهم لجهة مواصلة الضغط على “حزب الله” والسلطة عبر ملفات عدة”. والقرار الأميركي يأتي في هذا الإطار منسجمًا مع المناخ التصعيدي تجاه لبنان وابتزاز الحزب عبر إدراجه على لوائح الإرهاب وفرض العقوبات على مؤسساته والمتعاونين معه.

عادةً ما يتم استخدام القرارات عندما يكون تمرير القانون غير ضروري أو غير ممكن، عندما تكون القرارات مجرد تعبير عن رأي، فهي تختلف اختلافًا جوهريًا عن القوانين. في جوهرها، تهدف القوانين إلى توجيه ومراقبة الأمور التي تنطبق بشكل دائم على الأشخاص أو القضايا بشكل عام، علاوة على ذلك، فهي قابلة للتنفيذ. وبعد إقرار الكونغرس تحتاج القرارات إلى توقيع الرئيس لتُصبح نافذة وهذا القرار المتعلق في لبنان لم يوقعه دونالد ترامب، الذي يمضي آخر أسبوعين في البيت الأبيض، حتى هذا اليوم. أما تفسيراته وتداعياته القانونية على لبنان وحزب الله فمن غير المعروف اتجاهاتها حتى الآن، بخلاف تأثيرها المعنوي على أداء المؤسسات الأميركية تجاه الدول أو الشخصيات المعنية بالقرار لناحية التعاون والمساعدات أو استخدام القوة.

 

رانيا برو

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى