
في خطبة أثارت موجة من الجدل والاستنكار، خرج الشيخ محمد الشيخ عبد الله، خطيب مسجد الخياط في حي المهاجرين بدمشق، بتصريحات نارية وصف فيها مؤيدي العلمانية بـ”الكفار”، معتبرًا أن الدعوة إلى دولة علمانية تعني “شعبًا بلا دين”، ومتهمًا المطالبين بالفيدرالية بـ”اليهودية”.
خلفية الخطبة
الخطبة التي ألقاها الشيخ عبد الله، ونُشرت مقاطع منها على صفحته الشخصية في فيسبوك، جاءت في سياق سياسي واجتماعي مشحون، حيث تشهد سوريا تحولات عميقة في بنيتها السياسية والدينية بعد سنوات من الحرب. ورغم تحذيره في بداية الخطبة من “الفتنة”، إلا أن خطابه اتخذ منحى تصعيديًا، وصل إلى حد التهديد بـ”سفك الدماء” في حال صدور فتوى بذلك.
ردود الفعل
أثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها كثيرون تحريضًا صريحًا على العنف، وتكريسًا لخطاب الإقصاء والتكفير في بلد متعدد الطوائف والمذاهب. وانتقد ناشطون صمت وزارة الأوقاف السورية، التي لم تصدر أي تعليق رسمي على الخطبة، رغم خطورتها على السلم الأهلي.
في المقابل، دافع بعض المقرّبين من الشيخ عبد الله عن خطبته، معتبرين أنها “تحذير من الانحراف عن الدين”، وليست دعوة للعنف، وهو ما لم يقنع كثيرين، خاصة في ظل استخدامه لعبارات صريحة تبيح الدماء.
العلمانية في السياق السوري
العلمانية، كمفهوم سياسي، تهدف إلى فصل الدين عن الدولة، بما يضمن حرية المعتقد والمساواة بين المواطنين. إلا أن هذا المفهوم غالبًا ما يُشوَّه في الخطاب الديني التقليدي، ويُقدَّم على أنه “عداء للدين”، وهو ما يعكس أزمة فهم عميقة، ويُستخدم أحيانًا كأداة لتخويف الجمهور من أي مشروع مدني أو ديمقراطي.
خطورة الخطاب التكفيري
تكمن خطورة مثل هذه التصريحات في أنها تصدر من منبر ديني رسمي، وتُبث على العلن، ما يمنحها شرعية ضمنية، ويجعلها قابلة للتحول إلى أفعال عنف أو تبرير للتمييز. كما أنها تُقوّض أي محاولة لبناء دولة مدنية جامعة، وتُعيد إنتاج الانقسامات الطائفية التي عانى منها السوريون لعقود.
في بلد كُتب عليه أن يدفع ثمن التطرف والسلطوية معًا، يصبح من الضروري إعادة النظر في الخطاب الديني الرسمي، وضبط منابر المساجد بما ينسجم مع قيم التعددية والعيش المشترك. فتكفير المختلفين سياسيًا أو فكريًا لا يبني مجتمعًا، بل يزرع بذور الفتنة والانقسام.
https://www.facebook.com/61585157524596/videos/25253705330989696/?rdid=jzZWIw0Sf6MaooVs



