تقرير حول واقع الأقليات في سوريا يكشف عن استمرار سيطرة المرجعيات الفكرية المتشدّدة

في ظلّ التحوّلات المتسارعة التي شهدها المشهد السوري منذ عام 2011، لم يعد نشاط الفصائل الجهادية مقتصرًا على الجانب العسكري فحسب، بل امتدّ إلى الفضاء الإعلامي في محاولة لإعادة تشكيل صورتها أمام الرأي العام.
وفي هذا الإطار، قام الدكتور جميل عمّار، الباحث والأكاديمي المختص منذ أكثر من 15 عامًا في دراسة الجماعات الجهادية ومناهضة خطاب الكراهية، وفريق من المتخصصين في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، بإعداد تقرير حول واقع الأقليات والانتهاكات في سوريا خلال الفترة الماضية، مع التركيز على أحداث السويداء الأخيرة، بعنوان:
“Re-branding Extremism: A Data-Driven Case Study of HTS and Risk Implications for Religious Minorities in Syria”.
ركّز التقرير على تحليل شامل لطبيعة التحوّل الذي قامت به هيئة تحرير الشام منذ وصولها إلى الحكم في سوريا، ومساعيها لتقديم نفسها كقوة “منفتحة” لا تعادي الأقليات أو الغرب، وتدّعي تجاوز الفكر الجهادي التقليدي.
اعتمد فريق العمل، بإشراف الدكتور جميل عمّار، على تحليل بنيوي لهيئة تحرير الشام والجماعات الجهادية في سوريا، مستندًا إلى تحليل علمي لبيانات ومنشورات تتناول هذه الجماعات منذ عام 2011 وحتى عام 2025.
أدّى الإعلام دورًا محوريًا في التسويق لهذا التحوّل، غير أنّه استُخدم في الوقت نفسه سلاحًا دعائيًا للتحريض والتعبئة والتجييش الطائفي خلف الكواليس.
وفي هذا السياق، تم تخصيص جزء من الدراسة لتحليل تعامل هيئة تحرير الشام مع الطائفة الدرزية عمومًا، ومع أحداث السويداء الأخيرة على وجه الخصوص.
ولغرض التحقق العلمي، شمل التقرير تحليل محتوى تسع قنوات على تطبيق تيليغرام استخدمت لهذا الغرض، حيث جرى فحص أكثر من 136 ألف رسالة ومنشور. وقد تمّ توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي على مرحلتين لتصنيف الخطاب وتقليص العيّنة إلى 2,260 منشورًا، خضعت لاحقًا لتحليل نوعي يدوي معمّق على مرحلتين إضافيتين لضمان الدقّة وتفكيك بنية الخطاب ومضمونه وآلياته.
إلى جانب ذلك، شمل البحث تحليل عدد من الفيديوهات والبيانات المنشورة على مختلف المنصات الإعلامية، بالإضافة إلى تحليل خطاب الهيئة بعد تولّيها السلطة في دمشق.
أظهرت النتائج أنّ هيئة تحرير الشام تتّبع استراتيجية ممنهجة لإعادة التموضع السياسي عبر خطاب “معتدل” ظاهريًا، يهدف إلى كسب القبول الدولي ونفي ارتباطها بالتنظيمات الجهادية.
إلا أنّ التحليل يكشف عن استمرار المرجعيات الفكرية المتشدّدة وآليات السيطرة الداخلية ذاتها، ما يجعل هذا الانفتاح المعلن تحوّلًا شكليًا أكثر منه جوهريًا.
يستعرض هذا الفيديو، وبشكل مختصر وبسيط، بعض من نتائج التقرير المذكور. (التقرير يحلل آلاف الأدلة بشكل معمّق وتفصيلي، ويطرح مجموعة من التوصيات التي لا يتسنى مناقشتها في هذا الفيديو).
سيتم عرض ومناقشة نتائج هذا التقرير ضمن جلسة استماع رسمية بتاريخ 13-نوفمبر 2025 الساعة 10:30 صباحا بتوقيت واشنطن العاصمة “الخامسة والنصف مساء بتوقيت دمشق ” تناقش واقع الحرية الدينية في سوريا ما بعد الأسد، تنظّمها اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية (United States Commission on International Religious Freedom – USCIRF)، التي تلعب دورًا استشاريًا من خلال رفع تقارير وتوصيات إلى الرئيس الأميركي ووزير الخارجية بالإضافة إلى الكونغرس.



