اقتراح قانون “يمنع رفع أقساط الجامعات” على طاولة البرلمان غدًا.. هل ينجح النواب بإقراره؟
ألا يتنافى هذا قانون مع طبيعة الاقتصاد اللبناني الحر الذي نص عليه الدستور؟
اشتعلت بيروت يوم أمس بمظاهرة طلابية دعت إليها مجموعات من الحراك المدني، عقب قرار بعض الجامعات الخاصة القاضي برفع الأقساط وفق سعر صرف “المنصة الالكترونية”. وقبل ذلك بأيام قليلة، نفّذ مكتب الشباب والرياضة في “حركة أمل” و”منظمة الشباب التقدمي” مظاهرتان أمام وزارة التربية، رفضاً لهذا القرار.
التحركات الشعبية سبقها اقتراح قانون تقدّمت به كتلة الوفاء للمقاومة، بصفة “معجّل مكرّر”، يرمي إلى إلزام الجامعات بعدم رفع الأقساط، وإلزام التسعير بالعملة الوطنية تحت طائلة “إنزال أشد العقوبات بحق المخالفين منها”، وقد وُضع اقتراح القانون على جلسة الهيئة العامة لمجلس النواب، لمناقشته يوم غد الإثنين.
وعلى الرغم من أن اتخاذ هذا القرار اقتصر حاليًا على جامعتين، هما “الجامعة الأمريكية في بيروت”، AUB، و”الجامعة اللبنانية الأمريكية”، LAU، إلا أن العديد من الجامعات الخاصة الأخرى تنتظر الوقت المناسب لاتخاذ خطوة مماثلة، الأمر الذي قد يضع على عاتق الطلاب وذويهم مستحقات مالية ضخمة تهدد مصيرهم التعليمي، وتهددهم من عدم القدرة على إكمال عامهم الدراسي.
في هذا الصدد، يؤكد مدير فرع الكلسيك في جامعة AUL، د. طارق صادق، في حديث لـ”أحوال” أن الجامعات الخاصة لم ترفع الأقساط، إنما قامت باعتماد تسعيرة الدولار المعتمدة أساساً على المنصة الالكترونية، أي 3900 ليرة لبنانية، وبالتالي فالمشكلة ليست لدى الجامعات وإنما لدى الدولة ومصرف لبنان الذي فتح هذا الباب، غامزًا إلى أن الجامعات اليوم مرهونة بين اتخاذ قرارات “غير شعبية” وضد مصلحة الطلاب من جهة، أو الاتجاه نحو الإقفال من جهة أخرى.
من هنا، يلفت صادق إلى أن المتضرر الأكبر من الوضع الراهن هي الجامعات الصغيرة التي تعتمد على الأقساط كـ”تمويل” لها، لكنها مضطرة لعدم رفع أقساطها لأن معظم طلابها ينتمون الى الطبقة الوسطى والفقيرة، وبالتالي فإن رفع الأقساط قد يؤدي إلى أزمة أكبر بالنسبة لها، مؤكدًا أن هذه الجامعات ستحافظ على أقساطها ما هي، رغم أن ذلك سيكون على حساب تطويرها، “فصحيح أن راتب الأساتذة ما زال وفق سعر الصرف الرسمي، إلا أن هناك مصاريف تشغيلية كتغيير المعدّات والحواسيب وكذلك الاشتراك بمنصات عالمية تُدفع بالدولار”، وفقًا لـ”صادق”.
بدوره، لا ينفي النائب إيهاب حمادة ارتفاع كلفة التعليم بالنسبة للجامعات، معتبرًا بالمقابل أن هناك “تراكم ربحي” حقّقته في السابق، وحان الوقت اليوم للتضحية قليلاً والوقوف إلى جانب الطلاب”، بحسب قوله.
وفي حديث لموقعنا، يشير حمادة إلى أن بعض الجامعات الخاصة لديها مصدر مالي غير الأقساط، حيث تحصل على مساعدات من الجهات المانحة، تُقدّر بنحو 50 مليون دولار سنوياً”.
اللافت أن اقتراح القانون المطروح لا يرتبط بأفق زمني محدّد، كما هو حال قانون الدولار الطلابي، وبالتالي فإنه سيبقى نافداً في حال إقراره، إلى حين إقرار قانون جديد يلغيه. ولكن، ألا يتنافى هذا قانون مع طبيعة الاقتصاد اللبناني الحر الذي نصّ عليه الدستور؟
يُجيب حمادة أن “مجلس النواب هو “أم السلطات” وليس عليه أي قيود، كما أنه في هذه الظروف الإستثنائية، أي عندما يكون هناك تهديد لمستقبل 70 ألف طالب، يصبح من واجب مجلس النواب التدخّل”، مشيرًا إلى أن القانون ينص على منع رفع الأقساط حتّى بالليرة اللبنانية، بهدف منع أي محاولة للالتفاف عليه.
أما وحول “ضمانة تنفيذه” من قبل الجامعات، خصوصاً أن قانون الدولار الطلابي ما زال عالقاً في أدراج المصارف رغم إقراراه، فيؤكد حمادة أنه جرى معالجة هذه الاشكالية من خلال نص اقتراح القانون، في مادته الثانية، على إنزال عقوبات بحق المخالفين بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، مضيفًا: “نحن بذلك نمكّن أولياء الأمور والطلاب أن يكون لديهم مستند قانوني يمكّنهم من اللجوء عبره إلى القضاء، والإدّعاء على من يخالفه”.
ووفقاً للمعلومات، فإن الكتل التي وافقت على اقتراح القانون، إلى جانب “الوفاء للمقاومة”، هي كتلة “التنمية والتحرير”، و”اللقاء الديمقراطي” و”اللقاء التشاوري”، حيث شارك بالتوقيع على عليهكل من النواب محمد نصرالله، بلال عبدالله وجهاد الصمد.
في المقابل، تميل “القوات اللبنانية” للتصويت عليه، في حين أن النقاش ما زال قائماً لدى “التيار الوطني الحر” لاتخاذ موقف نهائي منه. كما تشير المعلومات إلى أن “كتلة المستقبل” غير متحمّسة لاقراره، لذا دعت رئيسة لجنة التربية النيابية، بهية الحريري، إلى جلسة للجنة لمناقشة رفع أقساط الجامعات، بعد غد الثلاثاء، ما يرجّح إمكانية التوافق على إحالته للجنة لدراسته وإدخال بعض التعديلات عليه.
مهدي كريّم