
ليست المرة الأولى تقرر وزارة التربية الوطنية تسجيل التلاميذ السوريين في المدارس الرسمية، لكن القرار الأخير للوزيرة ريما كرامي السماح بتسجيلهم لمرة واحدة فقط، أثار اعتراضات، علما أن بعضها من جهات حزبية وافق ممثلوها في الحكومة على القرار!
استندت كرامي في الأسباب الموجبة لإصدار مذكرة في شأن شروط تسجيل التلامذة غير اللبنانيين في المدارس الرسمية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عملية وفورية تضمن حقهم في التعليم. وتوضح لـ”النهار” أن ذلك “يأتي التزاماً لتعهدات لبنان الوطنية والدولية، بما يسهم في تسهيل عودة النازحين إلى بلدهم، وتخفيف الأخطار الاجتماعية والإنسانية، وتيسير حصول العائدين منهم على الإفادات الرسمية بالسرعة اللازمة، فضلاً عن تنظيم التعليم غير النظامي، بما يكفل انتقالاً مدروساً وفاعلاً إلى التعليم النظامي”.
تستغرب كرامي الحملة على القرار “ولاسيما أنه جاء تفسيراً للمرسوم الصادر عن مجلس الوزراء، ولم يسجل أي وزير تحفظاً عنه، وتاليا كان محل إجماع، واللجنة التي تابعت التسجيل كانت تضم ممثلين لكل الطوائف ولم يكن هناك أي اعتراض”.
تلك هي تبريرات وزارة التربية ردا على المنتقدين، علماً أن جهات سياسية وافقت في مجلس الوزراء على المرسوم ومن ثم القرار، ولم يُسجل أي تحفظ.
إلى ذلك، تؤكد وزيرة التربية أن “القرار يعدّ فرصة جيدة وخطوة مهمة لضمان عدم انتشار عدد كبير من الأطفال السوريين في الشوارع والساحات، بما يمثل خطراً عليهم وعلى المجتمع، ويساعد القرار في إحصاء السوريين وتوفير الداتا للحكومة اللبنانية، لعدم وضوح أعدادهم في لبنان في موازاة العودة الطوعية التي أقرها مجلس الوزراء وتنفذ على مراحل”، وهذا الأمر يتم بالتنسيق مع الأمن العام ووزارة الداخلية.
من الناحيتين الاجتماعية والإنسانية، للقرار وفق الوزارة تبعات إيجابية “ولاسيما أن هؤلاء الأطفال هم أبناء سوريا المستقبل، ومن مصلحة لبنان أن يتلقوا التعليم المناسب، وأن تنشأ علاقات إنسانية وتربوية بينهم وبين التلاميذ والمعلمين اللبنانيين، لما لذلك من أثر إيجابي على العلاقات المستقبلية بين الشعبين”.
“قرار ارتجالي”
في المقابل، يرى المعترضون أن القرار ارتجالي ويعرقل العودة الطوعية. ويقول عضو تكتل “الجمهورية القوية” رازي الحاج: “صحيح أن التعليم حق للجميع، لكن قرارات مماثلة تسهم في إغراق المدارس الرسمية بمزيد من الأعباء من دون القدرة على تقديم مستوى جيد من ظروف التعليم. هذا قرار ارتجالي لا يسهم في عودة السوريّين إلى بلدهم، وبالتأكيد يفرغ المدرسة الرسميّة من اللبنانيين”.
من جهة أخرى، يرحب الحزب التقدمي الاشتراكي بالقرار “الذي سيضمن لتلاميذ السويداء متابعة دراستهم في لبنان”.
تشير الأرقام إلى أن أعداد التلاميذ السوريين في لبنان تتفاوت بين عام وآخر، والقرار الصادر في 17 أيلول/ سبتمبر 2024 بعدم تسجيل السوريين غير المستوفين الشروط (إقامة أو بطاقة تعريف صادرة عن مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة (unhcr)، أفضى إلى بقاء 42 ألف تلميذ سوري خارج التعليم النظامي.
أما في شباط/ فبراير الفائت، فإن 28 ألف تلميذ سوري لم يكونوا ليتمكنوا من التسجيل في حال استمرار مفاعيل القرار.
وكان عدد السوريين المسجلين قد وصل العام الماضي إلى 166 ألفا في دوامي قبل الظهر وبعده، من بينهم 80 ألفاً يستوفون الشروط القانونية تسجلوا في دوام بعد الظهر.
في العام الدراسي 2023-2024 كان عدد السوريين 155803، وفي العام 2024 – 2025 بلغ 79361 تلميذا، ما يعني تراجعاً واضحاً. أما في العام الحالي فلم يحدد الرقم النهائي بعد في انتظار انتهاء فترة التسجيل في 31 من الشهر الحالي.