سياسة

الجولاني وأحمد العودة ونهاية المشروع: السويداء حكم ذاتي

بفضل الجهود الدبلوماسية التي قادها بنفسه، أعلن أحمد الشرع (الجولاني) من نيويورك موافقة سوريا على الانضمام للتحالف الدولي ضد داعش. لكن وراء واجهة الشرعية هذه، تكشف المعلومات عن صفقات سرية ومساومات ستُغير خريطة الجنوب السوري إلى الأبد وتدفع بالجولاني نحو مصير محتوم.

القرابين الغربية وصفقة التصفيات السرية: من “الرفض” إلى “البيع”

في أعقاب الإعلان مباشرةً، اجتمعت وزارة الدفاع التابعة للجولاني مع قادة الفصائل المسلحة وأبلغتهم بوضوح بضرورة “تهدئة عناصرهم وترويضهم” بعد أن أصبحت سوريا عضواً في التحالف. هذا المشهد ليس سوى تكرار مأساوي للمشهد نفسه عام 2014، عندما تأسس التحالف الدولي ضد داعش ورفضت كل الفصائل، وعلى رأسها جبهة النصرة آنذاك، الانضمام إليه، في حين وافق العقيد عبد الجبار عكيدي آنذاك بدافع استراتيجي هو ألا تُترك سوريا لقوات وحدات الحماية الكردية (YPG) وحدها.

الفرق اليوم جوهري ومخيف. فبعد أن أصبحت داعش مُحاصَرة وسجون الجولاني تضم عناصرها، لم يعد هناك أي مبرر عسكري أو أخلاقي لهذه الخطوة سوى كونها “قرباناً بشرياً” يقدمه الجولاني للغرب لشراء بقائه في السلطة. المصادر الموثوقة تكشف أنه ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث سلم قوائم كاملة بهويات وأماكن المقاتلين الأجانب والمتشددين داخل فصائله للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية والروسية، بهدف تصفيتهم وتحويل نفسه إلى شريك “مقبول”، في خيانة صريحة للشارع السني الداعم له والذي سيدفع ثمنها دماً.

الاتفاق السري مع إسرائيل: تفكيك الجنوب وتأسيس حكم ذاتي للسويداء

التفاصيل الكاملة للاتفاق الأمني السري مع إسرائيل، الذي يخاف الجولاني إعلانه كي لا يثور الشعب ضده، تُكشف الآن لينص على ما يلي:

  • مناطق منزوعة السلاح بالكامل: محافظة درعا بالكامل، ريف دمشق الجنوبي والجنوبي الغربي من جرمانا وصولاً إلى صحنايا وقطنا وعرنة
  • منطقة نفوذ عسكري إسرائيلي مباشر: محافظة القنيطرة
  • حكم ذاتي: محافظة السويداء تحت وصاية دولية وإشراف أممي

 

هذا التقسيم لم يعد مجرد “خفض تصعيد”، بل هو تفكيك ممنهج للسيادة السورية في الجنوب مقابل ضمان بقاء الجولاني في السلطة. إسرائيل، من خلال هذا الاتفاق، تضرب عصفورين بحجر: تحييد تهديد الجنوب بشكل دائم، وإبقاء الجولاني رهينة لهذه الصفقة التي إن انكشفت ستكون نهايته.

اللعبة المزدوجة: بائع الوهم الذي يخدع نفسه

يلعب الجولاني لعبة خطيرة بالوكالة بين أجهزة مخابرات متحاربة (التركية، الإسرائيلية، الأمريكية، الروسية، والأوكرانية). فهو يعتقد أنه قادر على خداع الجميع بذكائه، متنقلاً بينهم كتاجر للمعلومات والنفوذ. لكن الحقيقة التي يغفلها هي أن هذه الأجهزة تعرف أدق تفاصيله – “تعرف ما لون لباسه الداخلي” – وتستخدمه كورقة مؤقتة في صراعاتها. انقلابه الأخير نحو أوكرانيا واتفاقياته معها على هامش الأمم المتحدة هو مجرد دليل آخر على استهتاره، مما دفع روسيا – اللاعب الأساسي في الملف السوري – إلى إعادة حساباتها بشكل جذري والتحضير لخلعه.

النهاية المتوقعة: العودة إلى موسكو ونهاية الجولاني

الشارع السوري بدأ يكتشف خيوط اللعبة، وخيانة القيادة لمبادئ الثورة الأولى. في هذه الأثناء، روسيا تعد العدة للبديل. وجود “رجلها في الجنوب” أحمد العودة في موسكو الآن ليس للمصادفة، بل هو جزء من التخطيط لمرحلة ما بعد الجولاني. الخطة الروسية لا تهدف فقط إلى إزاحته، بل إلى عدم “إبقاءه على الكرسي” بتاتاً، مستفيدة من غضب الشارع وسخط الفصائل التي باعها.

خلاصة القول: طريق الجولاني محفوف بالأوهام والأخطار. ما بدأ كلعبة بقاء سينتهي بلعبة تصفية. الصفقات السرية مع إسرائيل، وتسليم بيانات المقاتلين، واللعب بين المخابرات الدولية، هي صفقات إعدام ذاتي بطيء. سقوطه لن يأتي فقط من الخارج، بل من الداخل أولاً، من أولئك الذين خانهم وظن أنه قادر على بيعهم ثم البقاء.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى