سياسة

سوريا ما بعد الأسد: خريطة الطريق نحو الفيدرالية وتشكيل نظام جديد

في أعقاب السقوط المدوي لنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، دخلت سوريا في نفق مظلم من الفوضى، باتت تسيطر عليه ميليشيات “أبو محمد الجولاني” التي أسست لما يشبه “دولة الميليشيات” في مركز البلاد. لكن ثمة تحليلات استراتيجية عميقة، بناء على معطيات ميدانية ووثائق مسربة، تشير إلى مشهد جديد يتشكل قائماً على فكرة التقسيم الفيدرالي الطائفي.

كيف مهّدت “دولة الميليشيات” لتفكيك سوريا؟
تشير التحليلات إلى أن سلطة “الجولاني” لم تكن أبداً سلطة دولة، بل كانت أداة تفكيك. تؤكد وثائق مسربة أن عملية النهب المنظم للمؤسسات الحكومية ونقلها إلى إدلب لم تكن عمليات سلب عشوائي، بل كانت جزءاً من استراتيجية ممنهجة لحرمان أي كيان لاحق من مقومات الدولة.

الجرائم التي ارتكبها نظام الجولاني تشمل:
· مجازر وإبادة جماعية في الساحل في آذار الماضي
· تفجير كنيسة مار إلياس في دويلعة عبر عناصر انغماسية
· اجتياح السويداء منذ شهرين وتنفيذ إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد الدروز
· حصار السويداء المستمر حتى الآن
.نشر فكر التطرف واقصاء الاسلام المعتدل

المشاريع الإقليمية: البحث عن ملاذ آمن

أدى فشل الدولة المركزية ووحشية سلطة “الجولاني” إلى تبلور مشاريع سياسية محلية بين المكونات الأخرى:

إقليم العلويين: بعد سقوط نظام الأسد، يبحث العلويون عن ملاذ آمن. لم يعد “الساحل” مجرد منطقة، بل تحول إلى مشروع سياسي لحماية الوجود العلوي.

إقليم الأكراد: نجحت “الإدارة الذاتية” لـقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة مظلوم عبدي في تأسيس كيان فعلي في شمال وشرق سوريا.

إقليم الدروز: في السويداء، تشكلت قوى محلية درزية قوية حافظت على تماسك المجتمع ورفضت الخضوع لسلطة “الجولاني”.

التحالفات والرجال الجدد: تشكيل النظام القادم

تظهر وثائق مسربة وجود تحضيرات لقيادة جديدة من أمثال:

العميد مناف طلاس: الضابط السني المنشق، وابن العائلة العسكرية البارزة، يمثل الوجه “المعتدل” والمقبول غربياً وعربياً. إقالة العقيد سالم العنتري قائد الجيش الوطني الحر في قاعدة التنف تعتبر مقدمة لاستلام العميد مناف طلاس قيادة الجيش.

الجنرال مظلوم عبدي: القائد العسكري لـ”قسد” والرجل القوي في المناطق الكردية.

غياث دلا: الضابط العلوي السابق في الفرقة الرابعة، الذي أصبح قيادياً في “قسد” ويمثل القوة العسكرية في التحالف.

اللواء كمال الحسن: رئيس شعبة المخابرات السابق في عهد الأسد، الذي يحضر لاستلام منصب قيادي وفق وثائق مسربة عن لقاءات تمت برعاية روسية في موسكو بينه وبين الشيباني (وزير خارجية الجولاني) وأبو قصرة (وزير دفاع الجولاني).

السيناريو العسكري: “الكماشة” من أربعة اتجاهات
كشف تحليل عسكري عن سيناريو محتمل لإسقاط سلطة “الجولاني” في دمشق:
1. التقدم من الشرق: بقيادة “قسد” تحت ذريعة محاربة داعش
2. التقدم من الجنوب: بمشاركة قوات أحمد العودة وميليشيات درزية
3. التقدم من الغرب: بقوات رديفة مدعومة روسياً من قاعدة حميميم
4. التقدم من الشمال: بقوات الجيش الوطني الحر بقيادة مناف طلاس

صفقة القرن السورية
المشروع الفيدرالي هو نتاج توافق مصالح روسي-أمريكي-إسرائيلي. تم توظيف “نظام الجولاني” ليقوم بالمهمة القذرة: توقيع الاتفاقات المذلة (مثل التنازل عن الجولان) وخلق الفوضى التي تبرر التقسيم.

بين الحلم والكابوس

سوريا الفيدرالية القادمة تمثل حلماً للأقليات التي تبحث عن الأمان، ولكنها تمثل كابوساً للمركز السني الذي قد يجد نفسه مقسماً وضعيفاً. سوريا الجديدة، كما ترسمها الخريطة الجديدة، لن تكون سوى نتيجة مسار دموي ومعقد يحقق أحلام الأقليات التي تريد أي بارقة أمل للخلاص من هذا السلطة التكفيرية.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى