منوعات

إلى المزايدين في “17 تشرين”: أتذكرون مع اَي أحزاب بدأت الحرب؟

ليس فقط الهدر والفساد وسوء الادارة ما أوصل البلاد الى “جهنم” التي بشرنا بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بل ثمة مرض عضال ساهم في ذلك هو “الإنكار” و”المحاباة”. لكن المقلق اليوم هو تفشّي هذا المرض أيضاً بين قوى “17 تشرين” حيث بعض أطرافها مصاب بـ”الانكار” لدوره الرئيسي في الحرب اللبنانية وما تلاها والبعض الاخر يعمد الى “المحاباة” و”تبويس اللحى” كهروب الى الامام بدلاً من تنظيم الخلاف في ما بين الافرقاء على أسس صريحة.

في هذا الاطار، ثمة أحزاب ناشئة في صفوف هذه القوى تدعي انها تخوض معركتها ضد أحزاب الحرب. لكن مهلاً، أتذكرون مع اَي أحزاب بدأت الحرب؟ هي الأحزاب والرموز عينها التي تدعي قيادة الثورة اليوم من الشيوعي الى الكتائب وما بينهما من مجموعات ذات أصول “سورية قومية” أضف الى من كان متفرجاً عاجزاً في الحرب أي “الكتلة الوطنية”. هذه الاحزاب تعود عبر بوابة إستغلال وجع الناس لتطمس صفحات من تاريخها.

ففي نقابة المهندسين، طغى الطابع الشيوعي على الفائزين تحت ستار “17 تشرين” حيث حصد الحزب “الشيوعي” أعلى نسبة مقاعد بفوزه بـ48 مرشحاً ووفق ما ذكرت صحيفة “الأخبار”، بسبب العدد الكبير لخريجي دول الاتحاد السوفياتي سابقاً الذين ينتهجون المسار الإلحادي لا العلماني ولديهم فكر يساري وعدد كبير منهم ينتمي للحزب الشيوعي نفسه وقاتل في صفوفه في زمن الحرب.

كما ان “الكتائب” على لسان أحد قيادييه سيرج داغر أعلن انه “حزب يساري” لكن اطلقت عليه خطأ تسمية اليميني خلال الحرب لأنه حزب عمال وجريدته سميت جريدة “العمل”، فشوّه داغر بذلك تاريخ حزب ناضل من أجل البقاء المسيحي الحر في لبنان وحوّله مع حفيد المؤسس النائب السابق سامي الجميل الى حزب يساري اجتماعي حتى عبر تغيير اسمه في هذا الظرف.

أما الكتلة الوطنية بنسختها المستجدّة فحدث ولا حرج. هي تناهض الوراثة السياسية ومعظم مؤسسيها مثل روبير فاضل ورثوا الإقطاع والسياسة عن ذويهم. أما بيار عيسى فانطلق من مجموعة “كلنا إرادة” مع روبير فاضل التي تضم متمولين لبنانيين في الخارج والداخل ليدعي النضال باسم الشعب المظلوم من منطلق “يسار الكافيار” لمسايرة بعض الحركات اليسارية لكسب قواعدها.

هذه احزاب متخفية بالثورة تدعي انها تقودها وتمثلها، لكنها تخفي ايديولوجيات ومطامع سياسية قد تجر البلاد الى مستقبل غامض بعد ان جرّه فساد السلطة والسلاح الى ما هو عليه اليوم.

الأخطر من ذلك هو تعاطف احزاب اليسار مع القضية الفلسطينية أكثر من تعاطفهم مع قضية سيادة لبنان كما ان صمتهم عن سلاح “حزب الله” خير دليل على نواياهم في تطبيق مبدأ “قوم لأقعد محلك” مع أحزاب السلطة.

لذا ما زال على الثورة الحقيقية ان تنتج قيادات منفتحة على الاقتصاد الحر المسؤول والمعني بكرامة الانسان وتأمين عيشه الكريم واولويتها “لبنان”، لا قيادات تعيدنا الى انظمة إقتصادية بالية اثبتت عقمها عبر التجربة، قيادات تعمد الى تطبيق ما نص عليه الدستور حول هوية لبنان الاقتصادية التي جعلت منه سويسرا الشرق قبل ان يصبح اشبه بأصفهان المتوسط، قيادات تحافظ على هوية لبنان التعددية والثقافية ولا تضيع في دهاليز “أحزاب” تنتقم من واقعها.

جورج العاقوري

صحافي ومعّد برامج سياسية ونشرات اخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى