كيف سيتعامل حزب الله مع “سفينة طروادة” اليونانية؟
مع وصول السفينة اليونانية المختصة بانتاج الغاز الى حقل كاريش الواقع في المنطقة المتنازع علبها بين لبنان وفلسطين المحتلة، بدا كأن تلك المنطقة تعوم ليس فقط فوق حقول بترولية بل أيضا فوق فوهة بركان.
هذا التطور العابر للحدود البحرية والسياسية، يعكس تصعيدا في التحدي الاسرائيلي للدولة اللبنانية ويؤشر الى ان العدو يحاول عبر “سفينة طروادة” ان يفرض عليها امرا واقعا من خلال اطلاق عملية استخراج الغاز ضمن مساحة متنازع عليها، قبل انتظار ما ستؤول اليه المفاوضات غير المباشرة التي يقودها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين.
والانكى من ذلك، ان تل أبيب تستعد لمباشرة العمل في حقل كاريش ضاربة بعرض الحائط الاعراف الدولية والمصالح الوطنية اللبنانية، بينما القوى الداخلية تهدر الفرص والوقت عبر الانشغال في سجالات وتجاذبات حول ترسيم الحدود البحرية وهل تبدأ من النقطة 29 او 23، حتى كاد معظم اللبنانيين يصبحون خبراء استراتيجيبن في الترسيم والتنقيب، الأمر الذي أوجد بيئة مناسبة امام العدو ل”السلبطة” البحرية ومد يده الطويلة نحو الحقوق اللبنانية.
واذا كانت السلطة تبدو مربكة في مواجهة “التشبيح” الاسرائيلي، فإن الانظار تتجه نحو المقاومة لمعرفة رد فعلها، خصوصا ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان قد حذر من ان اي خرق اسرائيلي بحري سيواجَه بالرد.
والمفارقة انه حتى المعروفين بعدائهم للمقاومة بدأوا يزايدون عليها ويتساءلون عما اذا كانت ستتصدى للسفينة اليونانية ام ستغض الطرف عن مهمتها، وذلك من باب محاولة إحراج الحزب وتسجيل النقاط عليه في لعبة المناكفات الداخلية.
وبمعزل عن المزابدات الجانبية فإن المقاومة، التي تتحرك بموجب حسابات دقيقة وليس السلوك الانفعالي، تقف أمام احتمالين:
إما ان تمنع السفينة الوافدة من مباشرة العمل في حقل كاريش باعتباره لا بزال موضع خلاف وبالتالي لا يحق لأي من الطرفين بدء استثماره قبل حسم وضعه، على أن تختار المقاومة الوسائل المناسبة لإيصال الرسالة الردعية، من غير أن تربط خيارها بما ستفعله الدولة اللبنانية.
وإما تنتظر ان تبت الدولة بشكل نهائي ورسمي، لا لبس فيه، خط الحدود البحرية ليبنى على الشيء مقتضاه، انطلاقا من انه سبق للحزب ان أعلن عن انه ليس معنيا بالبحث الحدودي مع عدو لا يعترف به اصلا، وهو سيتقيد بما ستقرره الحكومة في هذا الصدد.
وتستغرب اوساط قريبة من الحزب الاتهامات التي يوجهها اليه خصومه بانه تخلى عن حق لبنان في ثروته، معتبرة ان هذا الادعاء هو افتراء وتضليل بهدف الإساءة الى دور المقاومة وسلاحها.
وتلفت الاوساط الى ان ان السيد نصرالله أكد أكثر من مرة أن ما تقرره الدولة اللبنانية في شأن الحدود البحرية، تلتزم المقاومة واجب حمايته، “كذلك، فإن السيد نصرالله حض الحكومة على تحديد الخط البحري اللبناني والبدء بتلزيم الشركات للتنقيب عن النفط، على أن تتولى المقاومة حماية هذه العملية ومنع العدو من التنقيب في أي مساحة تؤكد الحكومة أنها مياه لبنانية.”
وتشير الاوساط الى انه ليس لمن يأخذ على المقاومة أساسا أنها تحتكر قرار الحرب والسلم وفق زعمه، ان يزايد عليها الآن في مسألة الرد، مشددة على ان المقاومة هي التي تختار التوقيت المناسب للتصرف بالطريقة المناسبة.
عماد مرمل