هل نكون أمام عصيان نيابي شيعي بوجه الحكومة الجديدة؟
ساعات وتنتهي المهلة الفرنسية المحدّدة لتشكيل الحكومة الجديدة، وحتى اللحظة لا تزال الصورة ضبابية، تميل الى السوداوية، خصوصاً بعد المؤتمر الصحافي لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والبيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري. فما هي المستجدات الحكومية اليوم؟
كلام باسيل فتح معركة جديدة
تؤكد مصادر نيابية في قوى 8 آذارعلى أنّ الأجواء السياسية في لبنان بعد كلام باسيل اليوم لن تكون كما قبله، والأمور الأساسية التي تحدّث بها ستؤدي لاحتدام الخلاف الداخلي، مشيرة الى أن باسيل بكلامه توجّه الى الخارج، لأنّه يعلم أنّ الخارج هو من يُدير الوضع اللبناني، وهو يسعى لتحسين صورته لدى هذا الخارج لكي لا يكون الخاسر الأكبر.
تحدث باسيل عن محاولة البعض تفشيل أو عرقلة المبادرة الفرنسية، وكان يقصد بكلامه حركة امل، ومعها حزب الله، مع إبقاء الحزب بموقع متمايز عن الحركة بأدبيات التيار الوطني الحر لأن المطلوب إعلان التمايز بالمواقف لا فك الارتباط.
وتشير المصادر الى أن للتيار الوطني الحر مصلحة بمعركة سياسية مع حلفائه تشد العصب المسيحي، وتعيد التجمهر المسيحي خلف رئيس الجمهورية، وتكون رسالة للغرب بأن توجهاته ورؤيته لا تتفق مع رؤية حركة أمل، وحزب الله، لذلك كان لافتاً حديثه اليوم عن الاستراتيجية الدفاعية من جهة، وعن عودة حزب الله من سوريا من جهة ثانية.
لو أردنا “الخارج” لتركنا الحزب منذ سنوات
بالمقابل، ترى مصادر التيار الوطني الحر أن كلام باسيل اليوم يشكّل خارطة طريق سياسة التيار الوطني الحر للمرحلة المقبلة، اذ كان لدى التيار الجرأة ليكون أول الداعمين للحكومة دون مشاركة فيها، لانّ تحمل المسؤولية هذه الفترة يستوجب فعل ذلك دون التوقف عند الحصص والشكليات، مشيرة عبر “احوال” الى أن التيار الوطني الحر لا يخاطب الخارج، ولا يهمه الخارج بقدر ما يهمه بقاء لبنان، وهو لطالما دفع ثمن هذا الموقف في السنوات الماضية، ولو أراد ان يتربّع على عرش الحكم في لبنان بدعم أجنبي لكان ترك حزب الله منذ حرب تموز عام 2006، مشددة على أن التيار ينظر الى كل الملفات من المصلحة اللبنانية وهو ما يجده البعض ممن تعودوا على تلقي الاوامر من الخارج غريبا.
وتضيف المصادر: “نحن صادقون بطرح المداورة، لا لأجل ضرب أي مكوّن لبناني إنما لأجل تحقيق العدالة لكل المكونات السياسية، ولكي لا يكون صيف وشتاء تحت سقف واحد، لذلك نحن مع المداورة الشاملة”، مشيرة الى أن التيار صادق جدا بطرحه عدم المشاركة، وهذا الامر ليس للمناورة على الإطلاق.
رد بري: لا مشاركة
يُلاحظ الثنائي الشيعي، بحسب المصادر النيابية، تبدّلا بالخطاب الفرنسي، فما قيل منذ اسبوعين عندما كان إيمانويل ماكرون في لبنان، يختلف عما يُقال ويجري اليوم، لذلك بات هذا الثنائي أكثر تمسكا بالمطالب، واكثر تشددا بالتفاوض، لأن ما يجري اليوم بتشكيل هذه الحكومة، هو نسف لكل عملية تركيب الحكومات في لبنان، بقرار خارجي وتنفيذ داخلي، اذ يحاولون إيجاد أعراف جديدة، تحرم الكتل النيابية من إبداء الرأي، من عملية اختيار الرئيس المكلف وصولاً الى عملية إعطاء الثقة، وهذا الجو الغريب، هو ما يُثير قلق الثنائي، الذي لم يتمسك بوزارة المال رغبة منه بالحقيبة، إنما بعد شعوره أن عملية تهميشه وُضعت كهدف ضروري للقوى الغربية ومعها قوى داخلية، حليفة وغير حليفة.
بعد التواصل الأخير بين ماكرون وبري الذي لم يكن إيجابيا، أبلغ بري، مصطفى أديب بأن مطالبه واضحة، وهو بالتالي يفضل عدم المشاركة بالحكومة، على أن تُحسب على حركة امل المشاركة بحكومة ليس لها فيها شيئا، وهذا ما يعني بحسب المصادر حشر أديب في زاوية ضيقة، فخروج كل القوى السياسية من الحكومة سيجعلها امام مشكل كبير في المجلس النيابي، خصوصا أن حركة أمل وحزب الله لن يقبلا حكومة الأمر الواقع، ولن يتساهلا مع أي حكومة تتجاهلهما في المجلس النيابي، مشيرة الى ان الثنائي قد يلجأ الى العصيان النيابي الشيعي للمواجهة، متوقعة ان لا تصل الامور الى هذه المرحلة الا بحال كان هناك مخطط جدي لتفجير الساحة اللبنانية.
الكلام عن المالية والعين على ملفات أخرى
تكشف المصادر أنّ كل الضجة التي تجري حول حقيبة المالية، ليس هدفها سحب الحقيبة من الشيعة، بل إن رفع السقف هكذا يستهدف الحصول على تنازلات بملفات أخرى، منها ملف الترسيم، حيث الرغبة الاميركية باتت واضحة بسحب ملف التفاوض من يد رئيس المجلس النيابي، ومنها ملف النفط، مشددة على أن التعاطي الإيجابي مع المبادرة الفرنسية لا يزال قائما، ولكن بحال كانت الولايات المتحدة الاميركية تقف خلف الفرنسي، وتسعى لتحقيق اهدافها الخاصة، فسيكون لحركة امل وحزب الله موقفا مغايرا.
محمد علوش