ماذا يحصل مع علي جابر؟ لماذا يُهاجم في السعودية الرّجل الذي يهاجمه الكثيرون من أبناء بلده ويتّهمونه ببيع مواقفه للنّظام السّعودي؟
وكيف انتهى جابر من مقاوم شارك في إسعاف الجرحى خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، إلى مهاجم للثنائيّة الشيعية والطّائفة عموماً لا بل وأهل الجنوب أيضاً، فلم يرضِ أبناء بلده ولا السّعوديين أيضاً؟
ولماذا كلّما هبّت رياح “السعودة” على الإعلام يكون اسمه من أوّل الأسماء المطروحة لتقتلعه من منصبه كمدير عام قنوات MBC، وكيف تحوّل رغم كل هذا الاندفاع الأعمى للدفاع عن الأنظمة الخليجيّة إلى أكثر الرجال المكروهين في المملكة؟
أقلّه هذا ما تعكسه ردود أفعال السّعوديين من مغردين لا يعرف عنهم أكثر من إسمائهم على “تويتر”، وإعلاميين كبار يعتبرون أنّه تمّ إقصاؤهم جانباً واستبدلوا بذلك اللبناني الذي يتّهمونه بالتقيّة.
-الهجوم على الثنائي الشيعي… وعلى أهل الجنوب
يجد البعض الأعذار لعلي جابر، فهو يحظى بمنصب إدارة أهم مجموعة إعلاميّة في العالم العربي، محاط باتهامات من كل حدبٍ وصوب، وبغية الحفاظ على مكتسباته، يعطي لأرباب عمله صكوك براءة “أنّني لا أنتمي إلى هؤلاء ولا إلى عقيدتهم السّياسيّة وأنّني مستعد للذهاب في هجومي عليهم حدّ حمل السّيف على المدنيين قبل العسكريين للحفاظ على مكتسباتي”.
لكنّ الأمر لم يكن كذلك، فقد هاجم علي بعد انفجار المرفأ الثّنائيّة الشيعية وخصّها وحدها بالتسمية، ووصل به الأمر إلى اتّهامها بسلخ الجنوبيين عن لبنان وأنّها فشلت في دمج الشيعة اللبنانيين في الوطن، لكن عند أوّل منعطف انقلب عليه السعّوديون بما فيهم أولئك الذين صفّقوا لهجومه على الثنائية وعلى الجنوبيين ومنهم لا حول له ولا قوّة في هذه المعركة التي أقحم إليها عنوةً.
فشل الثنائي الشيعي في ادارة النظام اللبناني، فشل بصياغة تحالفات وطنية حقيقية وفشل في الحفاظ على العلاقات العربية الضرورية وفشل في دمج الشيعة اللبنانيين في الوطن. حُكمْ هذا الثنائي أدى الى الانهيار والمآسي التي نراها و سيسجل التاريخ دوره الاكبر بالقضاء على لبنان #لبنان_ينتفض
— Ali Jaber (@alimouinjaber) August 7, 2020
استفزّ اتهام جابر الجنوبيين بالانسلاخ عن وطنهم اللبنانيين، ودار نقاش عقيم على “تويتر”، حاول فيه الإعلامي المقيم في الخليج منذ سنوات، أن يوضح أنّه يتعاطف مع أهل الجنوب في وجه من سلب خياراتهم.
ولم يرد على تساؤلات من عيار “هل هذا الثنائي فقط مسؤول عن خراب لبنان؟ وماذا عن الآخرين؟”، وصفّق له الخليجيون والسّعوديون على وجه الخصوص.
ولأنّ الحفلة أتت ثمارها، عاد جابر وصفع أبناء بلده بتغريدة اعتذر عنها وحذفها لاحقاً.
فقد كتب جابر “يرتكب الشيعة عموماً وأهل الجنوب بشكل خاص، خطأ تاريخياً وخطيئة وطنية بعدم إشهار التضامن الشعبي والعلمائي مع أهل بيروت، من جراء الكارثة التي حلّت بهم. إنها مسألة أخلاقية.”.
وتابع قصفه من بوابة الثنائي وناسه “سياسياً لا أمل في أي موقف وطني من الثنائي وجماعته، ولكن الناس للناس والدنيا دولاب”.
لم تمرّ تغريدة علي مرور الكرام، استفزّت حتى الإعلاميين اللبنانيين العاملين في صحف ومحطات خليجية، اعتادوا المهادنة والصمت حفاظاً على وظائفهم، فالمتضرّر من الانفجار هو الشعب كله، المرفأ للبنان كله، والدّمار طال المناطق كلها، وأهل خندق الغميق هدّمت منازلهم كما أهل مار مخايل لكنّ الإعلام اللبناني لم يولهم اهتماماً، وعلى المرفأ قتل العاملون البسطاء وفي دائرة الانفجار القريبة، طمر الركام مواطنين من كل المناطق من بينهم أهل الجنوب، الذين لم يكن مطلوباً منهم التّضامن مع مصيبة هم أهلها وناسها وأصحاب العزاء.
تراجع علي واعتذر، بعد أن برّر تغريدته للزملاء المعاتبين، لكنّ تبريره لم يقنع أحداً، قال إنّه فُهم على نحوٍ خاطىء فحذف ما حذفه منعاً لسوء الاستغلال، إلا أنّه لم يوضح ما كان يقصده من التغريدة، ولم يكتب ما يصوّب فكرة قال إنّه وصلت مشوّهة.
اتّهم علي جابر كما غيره من اللبنانيين الذين يعملون في وسائل إعلام خليجية بتقاضي دولارات مقابل الهجوم على أبناء بلده، وبات كل ما يكتبه يندرج في هذا الإطار، إلى أن كتب تغريدة قلبت المشهد عليه في الخليج، ونسفت كل جهوده لكسب رضا أرباب عمله.
-كما في بيروت كذلك في الرياض
فقد رحّب جابر بزميله جاد غصن في رحلته هجرته إلى “بلومبيرغ” في دبي، قبل أن تنطلق الحملة على غصن من بوّابة تغريدات قديمة كتبها يهاجم فيها السعودية والنظام السعودي.
اعتبر مغرّدون سعوديون أنّ ترحيب جابر بزميله، يعكس خلفيته المناهضة للسعودية، رغم أنّه يعمل في مؤسسة سعودية، و”يعيش من خيرها” منذ سنوات، في حين أنّ ابن البلد يُقصى عن المناصب الكبرى.
بات اسم علي جابر على مدى أيام الأكثر تداولاً في السعودية، وسط حملات تدعو إلى إقالته من منصبه، وإقالة الفلسطيني نبيل الخطيب مدير “بلومبيرغ الشرق” التابعة للشركة السعودية للأبحاث والنشر لتعاقده مع جاد غصن.
لم تكن الحملة ردّة فعل على الترحيب بجاد غصن فحسب، فقد انطفأت الحملة ضد هذا الأخير الذي اقصي عن المحطة الجديدة وانتقلت إلى مستوى الهجوم على الرؤوس الكبيرة التي تدير الإعلام السّعودي، وعلى رأسها علي جابر الذي يتعرّض منذ أكثر من أسبوع إلى حملة عنيفة لا يُعرف إلى أين ستقود، خصوصاً أن الرأي العام على “تويتر” في المملكة العربية السعودية، ليس مجرد رأي عام لا يطاع، بل يأمر وينهي ويقرّر ويقلب الموازين كما يشاء.
#المافيا_اللبنانية_تحتل_قنواتنا#عندما تكون القنوات التي يديرها #على_جابر
تدعم الاخوان والحوثي وتسيء للجنوب العربي وهذا يعتبر ضد سياسة السعودية فأعرف انها الوجه الآخر لقناة الخنزيرة! ودون ادنى شك!— سامي العثمان (@samialothman_) August 30, 2020
فقد أقصي جاد غصن بعد حملة على “تويتر”، وقبله الإعلامية الأردنية علا الفارس، وألغيت مهرجانات وأوقفت برامج بسبب حملات “تويتر”، واليوم يراهن جابر على انطفاء هذه الحملة، وإلا فإن النتائج ستكون وخيمة، خصوصاً مع اتهامه بأنّه كان عنصراً سابقاً في حزب الله، وأنّ لديه شقيقاً منطوي تحت لواء الحزب، وأنّه هو من أدار عملية تشويه السعودية من داخل مؤسساته، عبر بثّه تقارير في قناة “العربية” لتلميع صورة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله.
الهجوم على #على_جابر فيه الكثير من الشوفينية، علي خدم #MBC لسنوات طويلة وحققت خلال ادارته نجاحات مهمة، حجم المشاهدة والاعلانات يثبت ذلك.
المؤسسات الربحية لا علاقة لها بالجنسية او العرق او الدين او المذهب، المهم هو الموهبة والمؤهلات.
وعلي وفريقه ابداعهم وموهبتهم هو المهم.— فـــارس ابـاالـخـيـل (@FarisAbaalkhail) August 29, 2020
اليوم لا شيء يوحي بأنّ الحملة ضد جابر ستنحسر، خصوصاً مع إطلاق هاشتاغ جديد #طرد_علي_جابر_مطلب شارك فيه سعوديون طالبوا بطرد جابر وكل اللبنانيين العاملين في الإعلام الخليجي، وبرزت أصوات عقلاء من الخليج العربي تستنكر هذه الحملة، وتعتبر أنّ المطلبة بسعودة الإعلام حق لا يبرر الهجوم على الآخرين من بوابة جنسياتهم.
#طرد_علي_جابر_مطلب لكم أن تتخيلوا راتب هذا العسكري في حزب الله #على_جابر كم ؟؟؟
مئات الالاف ويسكن فيلا بأفخم مكان في دبي ويركب أنواع السيارات الفاخرة.هناك خونة وعملاء في #مجموعةmbc المسؤولين غافلين عنهم
— راضي الخدير ???????????????? (@RadiAlanzi4) August 30, 2020
هل سيصمد جابر الذي قدّم كل صكوك الولاء بما فيها إعلانه بعد الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي أنّه يثق بشيوخ الإمارات وقراراتهم، أم أنّ الحملة التي تشنّ عليه لن تمرّ مرور الكرام؟