الإنتخابات الرئاسية السورية تُحسم من بيروت
لم يكن مشهد الانتخابات الرئاسية السورية عام 2014 عاديًا في لبنان. يومها أحدثت طوابير السوريين المُحتشدين أمام سفارة بلادهم في بيروت صدمة دولية. كانت عواصم عربية واقليمية وغربية تعتقد أن السوريين المتواجدين في لبنان هم ضد دولتهم ويناهضون سياسة الرئيس بشار الأسد. لكن تبيّن أن السوريين في لبنان، لاجئين ومقيمين، يملكون أعلى درجات الوطنية التي دفعتهم إلى السفارة والوقوف ساعات طويلة بسبب الحشود الغفيرة في الطريق إلى اليرزة.
فماذا يجري الآن؟
يستعد السوريون لتكرار ذات المشهد الشعبي بعد أيام، للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، في ظل وجود تطورات سورية وعربية ودولية يُفترض أن تزيد من حجم المشاركة الشعبية يوم الخميس المقبل:
أولًا، استطاعت القيادة السورية أن تنتصر عمليًا على كل المُخططات الإرهابية التي حاولت طحن سوريا منذ عام 2011.
ثانيًا، تراجعت حدّة الهجوم الخارجي على سوريا، خصوصًا أنّ تلك الهجمات لم تقتصر على السياسة وحدها، ولا على الدبلوماسية، بل كان من ضمن مخاطرها الدعم المالي والعسكري والإعلامي الذي حاول اقتلاع الدولة السورية على مرّ سنين طويلة.
ثالثًا، أقامت دول عربية مراجعة نقدية بما يتعلق بسوريا: ماذا جنت من كل حملاتها ضد دمشق؟ لم تُثمر محاولاتها سوى في تعزيز المجموعات الإرهابية وتقديم هدايا مجانية لتركيا التي تمتلك مشروعًا تمدّديًا داخل الأراضي السورية، كما أظهرت وقائع ادلب ومحيطها.
رابعًا، أدرك الذين راهنوا على سقوط الدولة السورية بعد عشر سنوات من بدء الأزمة أنّ مشروعهم فشل، ولا بدّ من إعادة النظر بكلّ سياساتهم الفاشلة تجاه دمشق.
خامسًا، يعرف السوريون المنتشرون في أربع اتجاهات الأرض أنّ الحفاظ على بلدهم هو أولوية بعدما مارست عواصم عدّة سياسة الخداع بحقهم، ولا بدّ من إعادة لم الشمل الوطني السوري، وإلّا بديل عن دولتهم لحفظ كرامتهم ووجودهم.
أمام كل تلك العوامل، يُصبح أمر المشاركة في الانتخابات السورية هو واجب إنساني ووطني وقومي لكلّ السوريين، لا بل أنّ مصلحة كل فرد منهم تكمن بالتمسك بكل عناصر تقوية الدولة السورية التي تنظّم استحقاقًا سياسيًا سيعزّز من إعادة دورها في المرحلة المقبلة.
ومن هنا، سيتسابق السوريون في لبنان نحو سفارة بلادهم منذ ساعات الصباح الأولى، للقول إنّنا نتمسك بدولتنا، ولن نُخدع مرّة أخرى. لذا، سيحسم السوريون في لبنان محطة الانتخابات الرئاسية السورية قبل أن تبدأ على أرض وطنهم في 26 الشهر الجاري.
عباس ضاهر