بعد قرار اللجنة الوزارية والمجلس الأعلى للدفاع تمديد الإقفال العام لمدّة أسبوعين إضافيين لغاية 8 شباط 2021، تتّجه الأنظار إلى كيفية مواجهة المرحلة المقبلة في ظل بلوغ عداد الإصابات أرقاماً قياسية منذ بدء الأزمة؛ مع اقتراب لبنان من النموذج الإيطالي معطوفاً على النموذج البريطاني، إذا ما تبيّن أن موجة الإصابات الأخيرة هي سلالة جديدة من فيروس كورونا، بحسب مصادر صحية واسعة الإطلاع.
وأشارت مصادر اللجنة الوزارية لـ”أحوال” إلى أنّه “سيُصار إلى تقييم إسبوعيّ الإقفال لاتخاذ القرار المناسب في المرحلة المقبلة”. ولفتت إلى أنّ “التقييم العام للّجنة كان إيجابيًا لجهة خفض عدد الإصابات من ٦٠٠٠ إلى ٤٠٠٠ إصابة؛ لكن التقييم جاء سلبيًا لجهة عدد الوفيات، الذي ارتفع بشكلٍ لافت خلال الأسبوعين الماضيين. وعزت المصادر سبب ذلك “إلى تزايد الإقبال على المستشفيات لتلقّي العلاج وصعوبة تأمين أعدادٍ كافية من الأسرة خاصة في بيروت؛ ما أدّى إلى تعرّض هؤلاء المصابين إلى نوباتٍ وجلطات بسبب ضيق التنفس والخوف، وبالتالي وفاتهم قبل تأمين أسرة عناية فائقة لهم”.
المشرفية: خطة للدعم الاجتماعي
وفي سياقٍ متّصل، أوضح وزير السياحة والشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور رمزي المشرفية، لـ”أحوال” أنّ نسبة الإلتزام جيدة خلال الأسبوع الأول من الإقفال التام، كاشفاً أنّ “اللجنة الوزارية ستجري الأسبوع المقبل دراسة وتقييمًا شاملًا لأرقام الإصابات والوفيات والوضع الصحي العام ، وذلك لاتخاذ القرار المناسب”؛ مضيفًاً، “لكن في اجتماع اليوم إكتفينا بالإقفال لمدة أسبوع من دون تغيير في الإجراءات ولا إضافة أي استثناءات بانتظار الأسبوع المقبل”، موضحًا أنّ “نتائج الإقفال في الأسبوع الأول تظهر بعد أسبوعين وليس بعد أسبوع. وطمأن المشرفية إلى أنّه “إذا استمرينا بنسبة الإلتزام نفسها مع تشديد الإجراءات الأمنية في تطبيق القوانين، ومع وصول الدفعة الأولى من اللقاحات، فيمكننا أن نصل إلى وضع أفضل وحصر الوباء تدريجياً.
لكن المشرفية توقف عند إشكالية تواجه الحكومة ووزارة الصحة ويمكن أن تُفقِد جوهر الإقفال، وهي تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية؛ كاشفاً أنّ هذا الملف كان محل متابعة في اجتماع اللجنة الوزارية. وقال: تواصلنا مع رئاسة المجلس النيابي لكيفية معالجة واحتواء الأزمة؛ مؤكداً بالمقابل، أنّ الحكومة والمجلس النيابي بصدد إعداد خطة مشتركة للدعم الاجتماعي، إذا ما طال أمد الإقفال، وذلك بهدف تمكين المواطن من الصمود وإنجاح قرار الإقفال للوصول إلى شبكة أمان صحية.
اللجنة الوزارية التي ناقشت الوضع الصحي العام، كلّفت وزير الصحة وضع خطة شاملة لما بعد الإغلاق، سيما تأمين اللقاحات ومواجهة السلالات الجديدة من كورونا، ورفعها إلى رئاسة مجلس الوزراء لمناقشتها مع اللجنة الوزارية؛ ووعد وزير الصحة بإنجازهم ورفعهم السبت المقبل.
استراتيجية الصحة للمرحلة المقبلة
مصادر صحية رسمية مطلعة لخّصت لـ”أحوال” استراتيجية الوزارة لمواجهة “الوباء” بالنقاط التالية:
- حملة تطعيم واسعة تشمُل معظم اللبنانيّين والمقيمين على دفعات، بدءاً من شهر شباط المقبل حتى نهاية العام الحالي.
- يبدأ وصول اللقاح فايزر الأميركي إلى لبنان في الفترة الممتدة من 1 شباط حتى منتصفه، على أن تصل دفعات أخرى من اللقاحات مقدّرة بـ 25 ألف طعم كل أسبوع.
- أما بشأن اللقاحات الأخرى، فسيحصل لبنان في منتصف آذار المقبل على اللقاحات الصينية والروسية ولقاحي “موديرنا” و”جونسون آند جونسون” الأميركيّين؛ وذلك من خلال المنصة التي ستوزّع اللقاحات على عدة دول وتشترك فيها منظمات دولية كمنظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي.
- هذه السلّة من اللقاحات ستصل إلى لبنان على دفعات وبشكلٍ منظم، وقد خصصت الوزارة قرض البنك الدولي بقيمة 34 مليون دولار لاستيراد اللقاحات.
- هذا على الصعيد الرسمي؛ أما على الصعيد الخاص، فستقوم شركات تجارية باستيراد أنواع عدة من اللقاحات شرط أن تستوردها من المنصة مع ترخيص من وزارة الصحة العامة. وقد فُرِض على هذه الشركات في كل دول العالم أن تقوم باستيراد اللقاحات شرط عدم تحقيق أرباحٍ مالية، لكي لا تدخل الشركات في المنافسة ما يؤثر على جودة اللقاحات وتسليمها في الوقت المحدد.
- وبالمحصلة، بحسب المصادر، ستعمل الدولة على تأمين 4 مليون لقاح و3 مليون لقاح عبر الشركات الخاصة، لتغطية 80 في المئة من الشعب اللبناني حتى أواخر العام الجاري للوصول إلى مناعة القطيع.
هل التطعيم كافٍ لتحصين المجتمع من انتشار الوباء؟
عضو لجنة الصحة النيابية الدكتور علي المقداد أِشار لـ”أحوال” إلى أنّ “تحضير هذه اللقاحات جاء تحت مسمى لقاح طوارئ لتلبية حاجة الإنسان السريعة إليه، وبالتالي لم تأخذ الدراسات والتجارب الوقت الكافي لإثبات الحقيقة العلمية. فأي لقاح يحتاج على الأقل مدة 4 سنوات؛ وبالتالي لا يمكن التثبُّت من أن المصابين أو الملقّحين لن يصابوا مرة أخرى؛ فالمصاب يمكن أن يتعرّض للعدوى مرة أخرى بعد ستة شهور، وكذلك الملقّح يمكن إصابته بعد فترة. لذلك، فإنّ عامل الوقت هو الكفيل الوحيد لإثبات هذه الفرضيات. وبالتالي، فإنّ الدول والشركات تحتاج إلى مزيد من التجارب والدراسات لإثبات الحقائق العلمية”.
ماذا عن السُلالة الجديدة؟
منذ فترة ليست ببعيدة ولبنان يرزح تحت تأثير حملة إشاعات محورها انتشار السلالة الجديدة من “فيروس” كورونا، وأنّ ما يؤكد ذلك هو تزايد عدد الإصابات بشكل واسع وسريع!
إلا أنّ التجارب العلمية التي أجرتها مختبرات وزارة الصحة وبعض المختبرات الخاصة بحسب معلومات “أحوال”، اكتشفت أنّ تحوّلًا ما طرأ على الفيروس القديم. لكنها لم تتوصّل إلى الحسم العلمي ما إذا كان هذا النوع هو “طفرة” جديدة من “الفيروس” القديم أو سلالة جديدة؛ وذلك لأنّ الوزارة لا تملك الأجهزة والمعدات اللازمة لهذه التجارب؛ فعمدت الوزارة إلى إرسال هذه التحاليل إلى بريطانيا لدراستها وتحديد هويتها، وعمّمت الوزارة أيضًا على المختبرات والمراجع الطبية عدم الإعلان عن أية معلومات صحية في هذا الإطار قبل التنسيق مع وزارة الصحة؛ وذلك لكي لا تسبب حالة هلع إضافية لدى المواطنين مع واجب بقائهم في حالة حذر ووقاية تامة.
وحذرت المصادر من أنّه في حال تبيّن أنّ الموجة الحالية هي سلالة جديدة من الفيروس، سيتجه لبنان إلى النموذجين الإيطالي والبريطاني معًا؛ لأنه في هذه الحالة ستنتشر العدوى بشكلٍ سريع جدًا، وبالتالي سيشتد الإقبال على المستشفيات التي لن تستطع استيعاب كل هذه الأعداد ما سيؤدي إلى موت الناس على الأبواب.
محمد حمية