ثانوية طرابلسيّة تتحدّى الظروف وتحصد المركز الأوّل في مسابقة “تحدّي القراءة العربي”
إسراء ديب - لبنان الكبير

فازت ثانوية “الحدّادين”- بنات في طرابلس، بالمرتبة الأولى في مسابقة “تحدّي القراءة العربي” في موسمها التاسع والتي أقيمت بمشاركة أكثر من 32 مليون طالب من أكثر من 134 ألف مدرسة، وبإشراف 161 ألف مشرف ومشرفة من خمسين دولة حول العالم، وذلك في دبي حيث سجّلت الثانوية إنجازًا “يُترّخ” في زمنٍ تُواجه فيه المدارس والثانويات الرسمية تحدّيات قاسية وحملات تُحبط من عزيمتها وقوّتها.
الثانوية التي احتفلت بفوزها في مسابقةٍ انطلقت منذ العام 2015، تسلّمت مديرتها هبة عبس، كأس التميّز من نائب رئيس مجلس وزراء الإمارات ووزير الدّاخلية، الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وذلك بعد أعوامٍ من المحاولات التي لم تفشل يومًا، بل كانت تُعدّ الطالبات والمشرفات ليومٍ يتحقّق فيه الحلم الذي بدأ منذ العام 2019 حينما فازت الثانوية بالمركز الثالث في موسم المسابقة الرابع بوصفها “المدرسة المتميّزة”.
المديرة عبس، تحدّثت عبر “لبنان الكبير” عن شعورها بالفخر بالمسابقة التي أُنجزت بجهودٍ جماعية أوصلت الثانوية إلى العالمية. وأضافت: “لنا الفخر بالنّجاح وهذا الفرح الذي يُجسّد الصورة المشرّفة للتربية والتعليم في لبنان، لا سيما التعليم الرّسمي الذي يسعى البعض إلى النيْل منه، فهذه هي صورة التعليم الرّسمي التي تصل إلى العالمية على الرّغم من وجود عقباتٍ عدّة منها: الوضع الاقتصادي السيئ في لبنان، القدرات المحدودة للثانويات والمدراس، والضغوط اليومية، وغيرها من المشكلات التي لم تقف عائقًا أمام بلوغ أحلامنا”.
تروي المشرفة سلام شطح، (والتي تُشاركها فرح يكن وغيرهنّ من المشرفات على المشروع أيضًا)، أنّ الثانوية شاركت في المسابقة منذ العام 2019، وحصلت على المركز الثالث بيْن 67 ألف مدرسة، وكانت المدرسة اللبنانية الوحيدة التي بلغت هذه المرحلة، وقد تمكّنت الثانوية من تحسين أدائها حتّى وصلت إلى المرتبة الأولى اليوم. ولهذا، كانت الاستعدادات ضخمة للغاية وتطلّبت الالتزام بأربعة معايير أساسية، كان المعيار الأوّل هو الأكثر تعقيدًا وصعوبة، حيث وُجب على كلّ طالب قراءة 50 كتابًا أو أكثر، ومن بيْن 350 طالبة، تمكّنت 347 طالبة من إنهاء القراءة وتسليم جوازاتهنّ بعد تأكّدنا من قراءاتهن عبر طرح أسئلة عليهنّ أدرجنا إجاباتها ضمن العلامات الشفوية”.
ولا تغفل شطح في حديثها مع “لبنان الكبير”، عن أنّ الاستعداد للمسابقة يتطلّب الالتزام بالسياسة التحفيزية التي تقوم على إقامة المهرجانات، والرحلات وتوزيع الجوائز وغيرها من المشاريع والخطط التي تُعزّز لدى الطالبات روح المطالعة، أمّا المعيار الثالث والمهم، فيكمن في توسيع إطار المطالعة وتحويل طالباتنا إلى سفيرات للقراءة، حيث عملنا ضمن مخطّطٍ داخل المدرسة وخارجها، وتوجّهنا إلى مراكز عدّة، منها: مركز الشمال للتوحّد، مركز تفاهم للمكفوفين، مركز المنى للصعوبات التعليمية، والمدارس الابتدائية وغيرها، وشجّعنا على القراءة أو أهديناهم كتبًا، كما نظمنا معرض كتاب في المدرسة وخمسة مهرجانات للقراءة، أيّ أنّنا نظمنا مجموعة أنشطة حسّنا فيها قدراتهنّ الإبداعية وفكرهنّ التحليليّ، وعلّمناهنّ مهارة التلخيص بعد إجراء نقاشات مع الأدباء، وتضمّنت هذه السياسات جداول زمنية شهرية، روزنامة يومية، وخريطة ذهنية تُبيّن كل تفرّعات المشروع، وتُرسل بصورة مستمرّة إلى دبي”.
وفي وقتٍ يُدرك فيه الجميع أنّ المشاريع غالبًا ما تصطدم بعراقيل لا سيما مادّية، يُمكن التأكيد أنّ هذا المشروع نجح في تخطّيها على الرّغم من غياب الدّعم الرسميّ من الوزارات المعنية له، وعلى رأسها وزارة التربية، ومع ذلك، لا يُنسى الدّعم الذي قدّمته مؤسسات عديدة للمشروع والذي تجلّى في إهداء الكتب والمشاركة في اللقاءات والمناقشات الأدبية، والتي شملت لقاءات مع شخصيات فاعلة مثل صاحب مكتبة السائح الأب إبراهيم سروج، لقاء الأستاذ معتصم علوان لتعلّم أعمال الفهرسة في مكتبة جامعة طرابلس، زيارة نادي قاف ولقاء النّاقدة صفا الشريف لمناقشة رواية “أرض زيكولا الأبطال”، لقاء الدّكتورة رابعة يكن لمناقشة كتابها “في ظلال البحث”، لقاء الدّكتور باسم بخاش الذي يسّر زيارة أهم مكتبات طرابلس، كما عُقدت لقاءات متخصّصة مع الأخصائية مريم العتر حول كيفية التعامل مع ذويّ الاحتياجات الخاصّة، وشرح آلية إشراكهم في مشاريع القراءة لا سيما العلاجية منها،
لقاء الأخصائية التربوية رين القص لشرح كلّ ما يتعلق بالمكفوفين، ولقاء أبطال التحدّي السابقين ومناقشتهم، وغيرها من اللقاءات”.



