احتفال “حانوكا” في جبل الشيخ.. بين الرمزية الدينية وإحكام القبضة العسكرية

شهدت منطقة جبل الشيخ السورية حدثًا غير مألوف تمثل في إقامة الجيش الإسرائيلي احتفالًا بعيد “حانوكا” اليهودي داخل الأراضي السورية، وتحديدًا في الشق الذي بات تحت سيطرة إسرائيل بعد انهيار اتفاق فضّ الاشتباك مع سوريا. هذا الاحتفال، الذي يُعد الأول من نوعه في التاريخ الحديث، حمل في طياته رسائل متعددة تتجاوز الطابع الديني إلى أبعاد سياسية واستراتيجية.
خلفية الحدث
جاء الاحتفال بعد سلسلة من التحركات العسكرية الإسرائيلية في جنوب سوريا، حيث سيطرت القوات الإسرائيلية على مواقع استراتيجية في جبل الشيخ عقب سقوط النظام السوري في دمشق. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أن هذه الخطوة تهدف إلى “ضمان أمن سكان مستوطنات الجولان ومواطني إسرائيل”، في ظل ما وصفه بـ”الفراغ الأمني” في المنطقة.
رمزية “حانوكا” في السياق العسكري
عيد “حانوكا”، الذي يحتفل فيه اليهود بانتصار المكابيين على الإغريق واستعادة الهيكل المقدس، يحمل رمزية دينية ترتبط بالتحرر والانتصار. لكن إقامته في منطقة جبل الشيخ السورية، وتحت إشراف الجيش الإسرائيلي، يضفي عليه طابعًا سياسيًا واستعراضيًا، خاصة أنه تزامن مع نشر صور للجنود وهم يشعلون شموع “المنورة” وسط الثلوج وعلى أنقاض مواقع سورية سابقة كإشارة على إحكام قبضتهم على هذه المنطقة التي تعد استراتيجة عسكرياً.
ردود الفعل والجدل
الاحتفال أثار موجة من الانتقادات في الأوساط السورية والعربية، حيث اعتُبر استفزازًا وانتهاكًا للسيادة السورية، خصوصًا أن جبل الشيخ يُعد من المناطق ذات الرمزية الوطنية والدينية لدى السوريين. كما عبّر العديد من المراقبين عن قلقهم من أن تكون هذه الخطوة مقدمة لتكريس واقع جديد في الجولان السوري المحتل، وتحويله إلى ساحة دينية وعسكرية إسرائيلية.
في المقابل، برر الجيش الإسرائيلي هذه الخطوة بأنها “جزء من الروح المعنوية للجنود” و”احتفال بالحرية في وجه الظلام”، وفق تصريحات المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، الذي نشر صورًا للاحتفال على منصات التواصل الاجتماعي.
دلالات استراتيجية
من الناحية الاستراتيجية، يُنظر إلى جبل الشيخ كموقع بالغ الأهمية نظرًا لارتفاعه وموقعه المطل على دمشق والجولان. وقد بنت إسرائيل مراصد عسكرية فيه منذ سنوات، لكن إقامة احتفال ديني فيه يعكس تحولًا في طريقة تعاملها مع المنطقة، من مجرد موقع مراقبة إلى رمز للوجود الإسرائيلي في العمق السوري.
ختاما تجدر الإشارة الى أن احتفال الجيش الإسرائيلي بعيد “حانوكا” في جبل الشيخ لا يمكن فصله عن السياق السياسي والعسكري الراهن في سوريا، وهو يعكس رغبة إسرائيل في ترسيخ وجودها الرمزي والميداني في مناطق كانت حتى وقت قريب تحت السيادة السورية قبل سقوط الدولة واستلام هيئة تحرير الشام زمام السلطة.



