
يرسم خبراء الاقتصاد ومحللو الأسواق العالمية صورة قاتمة للعام المقبل 2026، والذي يتوقع أن يكون عاماً استثنائياً في مواجهة التحديات المالية، حيث تتراكم العواصف من عدة اتجاهات تهدد بإرباك الخطط الحكومية وكبح النمو العالمي.
الدين العالمي: القنبلة الموقوتة
تتصدر أزمة الديون العالمية قائمة المخاوف ، حيث يتضخم الدين العام بمعدلات تنذر بالخطر، خاصة في الاقتصادات الكبرى كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
الارتفاع المتواصل والمتسارع في تكاليف خدمة هذه الديون ، بسبب أسعار الفائدة المرتفعة ، يستنزف الموارد ويحد من قدرة الحكومات على المناورة.
وفي الطرف الآخر ، تواجه الدول النامية خطر العزوف عن الأسواق وعدم قدرتها على تمويل احتياجاتها التنموية الأساسية أو حتى سداد الديون القائمة.
أمريكا: فاتورة فوائد بمليارات الدولارات
على الضفة الغربية للمحيط الأطلسي، تتحول تكلفة خدمة الدين العام الأمريكي إلى عبء هائل.
تشير التوقعات إلى أن هذه التكلفة مرشحة لتتجاوز حاجز 1.5 تريليون دولار سنوياً ، وهو رقم ضخم يلتهم جزءاً كبيراً من الموازنة الفيدرالية ويضعف القدرة على تمويل البرامج المحلية والالتزامات الدولية.
أوروبا واليابان : شيخوخة وضغوط إنفاق
في الاقتصادات المتقدمة ذات التركيبة السكانية المتقدمة في السن ، تتفاقم الضغوط على الإنفاق العام .
ترتفع كلفة أنظمة المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية والتعليم بشكل مطرد ، مما يدفع الحكومات إلى مفترق طرق صعب بين رفع الضرائب أو زيادة العجز أو خفض مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
استثمارات مجمدة: رياح الجيوسياسة الباردة
تنعكس حالة عدم اليقين الجيوسياسي العالمية برودة على حماسة المستثمرين مع ارتفاع كلفة الاقتراض حيث تتباطأ الاستثمارات الخاصة ، وخاصة في القطاعات الإنتاجية والتحول الرقمي والطاقة الخضراء التي تحتاج إلى تمويل ضخم وطويل الأجل .
هذا التباطؤ يهدد بتراجع الابتكار وخسارة الوظائف على المدى المتوسط.
محركات النمو تضعف: إنتاجية وطلب متباطئان
تواجه الاقتصاديات المتقدمة معضلة مزدوجة : ما بين نمو بطيء في الإنتاجية لم يواكب ثورة التكنولوجيا كما كان متوقعاً ، والتباطؤ الحاد في النمو السكاني.
هذا المزيج يضعف المحفزات الاقتصادية الداخلية ويجعل تحقيق معدلات نمو مرتفعة أمراً شديد الصعوبة.
شبح الركود: أوروبا في دائرة الخطر
هذه العوامل تتراكم لترفع بشكل ملحوظ احتمالات دخول بعض الاقتصاديات وخاصة الأوروبية منها، في حالة من الركود الفني أو الكساد المحدود خلال العام المقبل ، مما قد يخلق صدمات اجتماعية وسياسية إضافة إلى الاقتصادية .
خلاصة القول : يبدو أن العالم مقبل على العام 2026 وهو يحمل عبئاً ثقيلاً من تراكمات السنوات الماضية.
تتطلب هذه التحديات غير المسبوقة تعاوناً دولياً وتدابير سياسية ذكية وجريئة لتجنب أسوأ السيناريوهات، وإلا فإن العاصفة المالية قد تضرب بأمواجها جميع السواحل ، الغنية والفقيرة على حد سواء.



