كيف يستقبل الأطباء والممرضون في مستشفى الحريري خبر وفاة مريض “كورونا”؟
حالة من الإحباط تسود المستشفيات وبعض العاملين في القطاع يفكّرون بترك مهنتم
لا يزال وباء “كورونا” يفتك بالمرضى، والخسارة في لبنان وصلت إلى أنّنا أحصينا قبل يومين حالة وفاة كل ساعة.
كلّنا نتساءل عن لحظات المريض الأخيرة وهو يستسلم أمام الفيروس، وكلّنا نتساءل عن مشاعر أهالي المرضى الذين خسروا معاركهم، لكن هل تساءلتم يوماً عن مشاعر الطّاقم الطبّي والتمريضي وأفراده يودّعون يومياً مرضى كانوا يحاربون معهم حتّى الرّمق الأخير؟
مدير مستشفى الحريري الحكومي الجامعي د. فراس أبيض كتب سلسلة تغريدات عبر “تويتر” شرح فيها المعاناة التي تتسبّب بها وفاة مرضى كورونا للطاقم الطبّي والتمريضي، والتي تصل بالبعض حدّ التفكير بترك المهنة، التي تعاني منذ قرابة السّنة، بعد أن اجتاحنا الوباء، الذي احتجز أصحاب الأثواب البيضاء داخل المستشفيات، يصارعون الوباء في الصّفوف الأماميّة، ينجحون ويخفقون، ويشعرون بالذّنب والحسرة والحزن القاتل.
فقد كتب د. أبيض عبر حسابه على “تويتر” سلسلة تغريدات، اختصر فيها معاناة المحاربين في الصّفوف الأماميّة عندما يخسر المريض معركته أمامهم.
“قبل بضعة أيام، توفي مريض في منتصف العمر مصاب بالكورونا في وحدة العناية المركزة لدينا. من الصعب أن تفقد مريضًا، لكن الخسارة كانت أشد وقعاً على أحد العاملين من الطاقم المعالج، والذي لم يكن بالإمكان مواساته لأيّام. كان المريض قد أمضى معنا مدة تقل عن أسبوعين، عادةً ما يعتصرنا هذا الحزن بعد فقدان أحد أفراد الأسرة أو صديق عزيز. ومع ذلك، لم تكن ردة الفعل هذه من الفريق لدينا مفاجئًة. يتطلّب حسن الرّعاية وخاصّة في العناية المركزة، قدراً من الاستثمار العاطفي في المريض. الأطباء والممرضون لا يداوون المريض فحسب، بل يشعرون معه ويهتمون به أيضاً”.
وأضاف: “يحتاج مرضى الكورونا في العناية المركزة إلى قدر هائل من الجهد والبعض منهم لن يتعافى. بعد هذا العمل المضني والاستثمار العاطفي من الطاقم، يمكن أن تكون الخسارة مدمّرة نفسياً. ومع ذلك، يتعين على افراد الطاقم العثور على القوة الداخلية للمضي قدمًا وبدء رحلة جديدة مع مريض آخر. لكن، لا توجد ضمانات”.
وتابع د. أبيض “بحسب الإحصائيات، يتوفّى أكثر من ثلث مرضى الكورونا في العناية المركزة بالرغم من الجهود المبذولة. العمل في وحدة العناية وقت الكورونا ليس سهلاً، من الصعب أن لا تتأثر. تخسر، تبدأ من جديد، تهتم، تساعد، ثم ربما تخسر مرة أخرى. في بعض الأحيان أتساءل كيف يستمرون”.
وختم قائلاً: “في الآونة الأخيرة، كانت هناك أخبار عن قرارات لعدد من الأطباء والممرضات بترك مهنتهم. أنا لا استغرب ذلك. يتعرّض العاملون في الرعاية الصحيّة لضغط لا يطاق، والعديد منهم مرهقون نفسياً. ومع ذلك، فإنّ معظمهم يتحملون أعباءهم في صمت ويستمرّون في العطاء. لا شك أنّنا عاجزون عن أن نوفيهم حقهم”.