خاص: فيكين ومارال هربا من واقع لبنان وفُقدا في كاراباخ والدّولة مطالبة بالتحرّك
تفاصيل اختفاء المواطنين اللبنانيين الأرمنيين يرويها أقاربهما لـ"أحوال"
كأنّ القدر يطارد فيكين الجيكجيان ومارال ناجاريان اللذين كلبنانيين كثر من أصل أرمني، ضاقت بهم فرص العيش في السنوات الأخيرة في لبنان الذي يتخبط في دوامة الخطر، وعادوا الى أرمينيا أرض الأجداد، بحثاً عن الاستقرار والعيش بكرامة والأمن والأمان وبعد أن استحصلوا على هويات وجوازات سفر أرمنية.
فيكين (مواليد 12/7/1979 برج حمود) ومارال (مواليد 18/11/ 1971 برج حمود) عقدا خطوبتهما منذ 3 سنوات، وانتقلا للعيش كلياً في أرمينيا وبدآ مشوارهما من جديد تاركين ذات من ذاتهما في بيروت حيث أولاد من زواج سابق وأهل وأصحاب وذكريات الطفولة والشباب، وأحلام بمستقبل تحوّلت جراء صعوبات الحياة والواقع اللبناني المر الى أوهام. (لفيكين شاب 22 عاماً وفتاة 17 عاماَ ولمارال شاب 27 عاماً وفتاة 23 عاماً).
لدى وصوله الى يريفان منذ سنتين، إشترى فيكين سيارة أجرة وبدأ العمل عليها، ومع بدء جائحة كورونا حاول فتح مطعماً صغيراً للمشاوي ولكن ما لبث أن أقفله وعمل في معمل حجر.
أما مارال فانتقلت وولديها بعد ثورة 17 تشرين للإنضمام الى فيكين في يريفان، إلا أن الولدين عادا بعد 4 اشهر الى بيروت. ثم لحقت بهما بعد أشهر في زيارة حيث عاشت فاجعة إنفجار 4 آب المزلزل، حينها قصّرت زيارتها وعادت في 25 آب برفقة شقيقتها آني إلى أرمينيا.
منذ 10 تشرين الثاني 2020 فيكين ومارال مفقودان في ناغورنو كارباخ، فكيف ذهبا إلى هناك وماذا جرى؟
“أحوال” تواصل مع آني الموجودة في يريفان، وسردت ما جرى قائلة: “صعدنا الى شوشي لأن أرتساخ كانت تسعى لإعادة تعزيزها بالسكان إذ أعلن رئيسها أنّ من يرغب في القدوم إليها سوف يُمنح منزلاً. لكننا انتقلنا أنا وشقيقتي بعد أسبوع من الفندق الذي أمّنوه لنا مؤقّتاً الى فندق في بلدة لاتشين لأنّ المناخ لم يلائمنا في شوشي المرتفعة بسبب مرض “الضغط” فيما بقي فيكين هناك”.
تتابع آني “بعد يومين اندلعت الحرب، فتطوّع فيكين في الجيش. بعد أسبوع اشتدّ القصف الآذري على لاتشين فهربنا حاملين حقيبة صغيرة إلى محيط غوريس في الجانب الأرميني وبعد يومين وصلنا إلى يريفان. بعد أسبوع إلتحق بنا فيكين تاركاً الجيش”.
تتابع: “إستفقنا صباح 10/11/2020 على خبر توقيع رئيس الوزراء نيكول باشينيان الليلة الماضية على بيان مع رئيسي روسيا وأذربيجان بشأن وقف القتال في أرتساخ وتسليم مناطق عدة كشوشي ولاتشين. حينها تواصلت مارال مع صاحبة الفندق في لاتشين الموجودة ايضاً في يريفان، فأكدت أن الطريق سالكة وتوجهنا مع فيكين الى هناك لجلب الأمتعة قبل أن يتم تسليم المنطقة الى الأذريين. حين وصلت الى البلدة تواصلت مع شقيقتي في بيروت، بعدها حاولت التواصل مع مارال فلم تجب. اتصلت بصاحبة الفندق، فأبلغتني أنّ فيكين ومارال توجها الى مبنى البلدية حيث توجد أمتعة لها وغادراه بحثاً عن شاحنة كبيرة لتنقل الأغراض إلى يريفان وأنّها تنتظرهما منذ 4 ساعات ولم يعودا. منذ ذلك الوقت فقد الاتصال بهما كلياً. ربما أضلا الطريق بحثاً عن شاحنة ووقعا بيد الأذريين والأتراك أو ربما تم خطفهما أو توجها الى شوشي المحتلة لجلب أغراض فيكين”.
إلا أن الجديد في الأمر، أن الـMessenger “فيسبوك” مارال فتح في 24/11/2020، بحسب آني التي قالت: “تواصل أشقائي من بيروت عبره ورد عليهم شخص تركي معلناً” أمكم ماتت”، فتبادلوا رسائل نصية معه باللغة التركية التي نتقنها. فقال في رسالة إنها “ماتت وقطّعناها بعدما إغتصبناها” وفي رسالة أخرى أنها “محتجزة كرهينة”. وحين طالبوه بصورٍ جديدة لها أرسل صوراً قديمة من هاتفها. ثم فيديوهات دعماً للجيش الأرمني كانت مسجّلة عليه. عندها تأكدنا أنّها بيد الأتراك، فسارعت الى إبلاغ المفوض السامي لشؤون الشتات الأرمني زاره سنانيان الذي أبلغ بدوره منظمة حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي كما أبلغت بعدها جهاز الأمن القومي الأرمني. أشقائي في بيروت أبلغوا وزارة الخارجية، فتواصلت معنا السفارة في يريفان. المضحك المبكي أنها تتواصل معنا بين الحين والآخر لتسألنا هل لدينا أي معلومة جديدة. للأسف نحن اللبنانيون ممنوع أن نعيش وكتب علينا العذاب والدولة لا تسأل عن شعبها”.
“أحوال” تواصل مع كريكور غزاريان إبن مارال الذي كان وشقيقته انتقلا معها بعد ثورة 17 تشرين 2019 الى يريفان، ثم عادا بعد 4 اشهر الى بيروت، فأشار الى أن آخر اتصال مع والدتهما كان في 9 تشرين الثاني الحالي ولم تخبرهما بنيتها التوجّه الى شوشي ومن بعدها تواصلا مع خالته آني فأكدت لهما أنها فقدت الإتصال بها. غزاريان تواصل مع الأحزاب وهو يسعى الى متابعة الأمر مع وزارة الخارجية واللواء عباس ابراهيم ويقول: “صلوا معنا حتى ترجع بالسلامة”.
أما كريكور ناجاريان شقيق فيكين فكشف لـ”أحوال” أن آخر اتصال بشقيقه تم الثلاثاء 10/11/2020 الساعة 3:30 من بعد الظهر حيث أرسل له صورة وهو يقطع الحدود ومن بعدها فقد الاتصال به، وهو يناشد الدولة اللبنانية أن تعمل بكل جهدها لكشف مصير ولديها.
فيكين ألجيكجيان ومارال ناجاريان هربا الى أرمينيا بحثاً عن الأمن والأمان المفقودين في لبنان وعن كرامة العيش وفرص العمل، فلاحقهما القدر. اليوم مصيرهما في خطر، وعلى الدولة اللبنانية أن تسابق الوقت في اتصالاتها قبل فوات الأوان، مع تركيا وأذربيجان وروسيا التي ترعى الاتفاق في أرتساخ وتنشر قواتها لحفظ السلام.
جورج العاقوري