سياسة

النوّاب السنّة إلى الإستشارات: مشتّتون وبلا تسمية رئيس مكلّف

للمرّة الأولى في تاريخهم، خصوصاً في مرحلة ما بعد إتفاق الطّائف، يتوجّه النوّاب السنّة الـ27 في مجلس النوّاب إلى الإستشارات النيابيّة الملزمة، التي حدّدها رئيس الجمهورية ميشال عون يوم الخميس المقبل في 23 حزيران / يونيو الجاري، وهم لا يملكون قرار تسمية مُكلّف من طائفتهم، فضلاً عن أنّهم غير متفقين على إسم محدد، لا بل إنّ إسم الشخصية التي يزكيها غيرهم ويتوافقون عليها، سيجد أغلبهم أنفسهم مجبرين على السير خلفها.

من يتمعّن في برنامج الإستشارات يلحظ بوضوح تشتّت النوّاب السنّة، وتفرّقهم، وأنّ 15 نائباً منهم، أيّ 55 في المئة من النوّاب السنّة، سيذهبون فرادى للقاء رئيس الجمهورية وإيداعه إسم الشخصية التي يرونها مناسبة حسب رأيّهم لتكليفها تأليف الحكومة، في حين تفرّق بقية النوّاب السنّة الـ12 الباقين بين كتلتين صغيرتين، أو توزعوا على كتل أخرى ذات أغلبية غير سنّية، وهو مشهد غير مسبوق في تاريخ السنّة مع المجالس النيابيّة في العقود الثلاثة الأخيرة.

فحسب برنامج الإستشارات جرى تحديد مواعيد متفرّقة لـ15 نائب سنّي، هم: عماد الحوت، حسن مراد، فؤاد مخزومي، أسامة سعد، عبر الرحمن البزري، جهاد الصمد، أشرف ريفي، بلال الحشيمي، إيهاب مطر، نبيل بدر، إبراهيم منيمنة، وضّاح الصادق، رامي فنج، حليمة قعقور وياسين ياسين.
واللافت في هذا البرنامج أنّ نائبي صيدا سعد والبزري اللذين تحالفا إنتخابياً تفرّقا في برنامج الإستشارات النيابيّة، وأنّ نوّاب بيروت وطرابلس السنّة لم يجدوا ما يوحّدهم في كتلة واحدة، ففضلوا الذهاب فرادى.

أمّا النوّاب الـ12 الباقين فتوزعوا قسمسن، الأوّل على كتلتين صغيرتين: الأولى كتلة اللقاء النيابي الشمالي وتضمّ 7 نوّاب 5 منهم سنّة، وهم: أحمد الخير، محمد سليمان، وليد البعريني، عبد الكريم كبّارة وعبد العزيز الصّمد، في حين يذهب النائبان عدنان طرابلسي وطه ناجي للإستشارات باسم كتلة جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش).

أمّا القسم الثاني من النوّاب السنّة فتوزّعوا على كتل نيابيّة ذات أغلبية غير سنّية، إذ إلتحق النائب بلال عبد الله بكتلة اللقاء الديمقراطي، والنائبان ينال صلح وملحم الحجيري بكتلة الوفاء للمقاومة، والنائب قاسم هاشم بكتلة التنمية والتحرير، وأخيراً النائب محمد يحيى الذي التحق بكتلة لبنان القوي.

مشهد التشتّت على مسرح النوّاب السنّة هذا لم يستغرق أكثر من 4 سنوات. فبعد دورة إنتخابات عام 2018 إلتحق النوّاب السنّة بثلاث كتل رئيسية في الإستشارات النيابيّة الملزمة حينذاك، وكان لهم كلمة فصل في تسمية الرئيس المكلف، هي: كتلة تيّار المستقبل برئاسة الرئيس سعد الحريري، كتلة الوسط المستقل برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي كتلة اللقاء التشاوري للنوّاب السنّة المستقلين الذي انضوى فيه 6 سنّة، بينما كان عدد النوّاب الذي شاركوا عامذاك في الإستشارات فرادى لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة.

هذا التشتت إنعكس في عدم إمتلاك النوّاب السنّة الـ27 القدرة على تزكية إسم الرئيس المكلّف، وتسويقه لدى الكتل الأخرى، بل أصبح قرار تسمية الرئيس المكلف خارج دائرة النوّاب السنّة، وتحديداً لدى الكتل النيابية الكبرى، غير السنّية، التي أفرزتها إنتخابات 15 أيّار 2022، والتي أصبحت تمتلك عملياً قرار تسمية هذا الشخص أو ذاك.

فما كاد برنامج الإستشارات النيابية الملزمة يُنشر حتى توجّهت الإنظار إلى الثنائي الشّيعي حزب الله وحركة أمل لمعرفة إسم الشّخصية التي يدعمونها لتكليفها تأليف الحكومة، إضافة إلى تسريب خبر عن نيّة حزبي القوّات اللبنانية والكتائب بالتنسيق مع عدد من نوّاب التغيير تسمية شخصية سنّية ما للغاية نفسها، إلى جانب تسريب آخر مفاده أن ترك موعد كتلة لبنان القوي، المحسوبة على رئيس الجمهورية، إلى آخر برنامج الإستشارات، مدروس بعناية، وأنّ الغرض منه أنّ ترجّح الكتلة كفّة هذه الشخصية أو تلك إذا هناك هناك أكثر من إسم مطروح للتكليف.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى