منوعات

هل يطلب مجلس النواب من الرئيس المكلّف الاعتذار؟

علوش لـ"أحوال": الحريري سيتمسك بالتكليف

يبدو أنّ الخلاف بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري آيل إلى مزيد من التصعيد والمواجهة السياسية والدستورية. فبعدما استنفذ عون جميع أوراقه الدستورية المتاحة في دفع الرئيس المكلّف لتقديم تشكيلة كاملة إليه وفق الأصول الدستورية والميثاقية، رمى كرة النار في ملعب المجلس النيابي صاحب التكليف والمرجع الصالح لتفسير الدستور.

وبحسب مصادر مطلعة على موقف بعبدا لـ”أحوال”، فإنّ رئيس الجمهورية بات على قناعة تامة بأن الحريري لم ولن يملك الإرادة والقرار لتأليف الحكومة، لأنّه مطوّق بجملة قيود داخلية وخارجية تمنعه من ممارسة دوره الدستوري، لا سيّما علاقته السيئة مع السعودية. فهو لا يريد المخاطرة قبل نيل رضى المملكة عليه شخصياً وموافقتها وتغطيتها لحكومته عموماً. لذلك بات لازماً على عون سلوك طرق دستورية وسياسية وشعبية أخرى إضافة إلى التحرك باتجاه القوى الدولية الفاعلة لطلب دعمها لا سيما فرنسا وروسيا”.

عون: الحريري عاجز عن تأليف الحكومة

أمام هذا الإنسداد الحكومي، بدأ عون بالإفراج عما يخفيه من سلاح في جعبته. وقد وجّه رسالة إلى المجلس النيابي، أكد فيها على أنه “أصبح من الثابت أنّ الرئيس المكلّف عاجز عن تأليف حكومة قادرة على الإنقاذ ولا يزال يأسر التأليف بعد التكليف ويؤبّده، كما يأسر الشعب والحكم ويأخذهما معاً رهينة مساقة إلى الهاوية متجاهلاً كلّ مهلة معقولة للتأليف”.

فما هي المفاعيل السياسية والدستورية للرسالة الرئاسية؟ وكيف سيتعامل معها المجلس؟ وهل يمكن أن يطرح سحب التكليف من الحريري أو الطلب منه الإعتذار كمخرج دستوري للأزمة؟

المجلس قد يطلب من عون التشاور مع النواب حول مصير التكليف

الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين يوضح لـ”أحوال” أن “رئيس الجمهورية بادر إلى توجيه رسالة إلى مجلس النواب استناداً إلى الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور عرض فيها مآل التأليف وأسباب الانسداد القائم. وعملاً بأحكام الفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس النيابي، على رئيس المجلس دعوة البرلمان للإنعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب”.

ولكن هذه الفقرة بحسب يمين، لا تحدّد ماهية الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب، “إلّا أنّه من الممكن الافتراض أنّ باستطاعة البرلمان أن يصدر موقفاً يدعو فيه من خلاله رئيس الحكومة المكلّف إلى التسليم بشراكة رئيس الجمهورية في تأليف الحكومة التزاماً بمقتضيات الدستور ومراعاة موجبات الميثاقية وعدالة التمثيل وتوزيع الحقائب والمعايير الواحدة في مساعيه واقتراحاته لتأليف الحكومة، أو أن يصدر موقفاً يتمنى فيه على رئيس الجمهورية إجراء مشاورات مع السادة النواب حول مصير التكليف، كما ليس من نصّ يمنع على مجلس النواب إصدار موقف يدعو فيه رئيس الحكومة المكلّف إلى الاعتذار عن المهمة”.

غياب الميثاقية قد يحول دون انعقاد الجلسة

في المقابل، تلفت مصادر مقرّبة من عين التينة لـ”أحوال” إلى أن “الرئيس نبيه بري سيدعو إلى جلسة لمناقشة الرسالة خلال ثلاثة أيام من تسلم الرسالة، مرجحة انعقادها الجمعة المقبل بحسب المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس”. إلا أن أوساطاً نيابية تكشف لـ”أحوال” عن احتمال بألا تنعقد الجلسة إذا لم تتوفر الميثاقية، في حال قاطع المكوّن السني النيابي الأكبر الجلسة أي تيار المستقبل إضافة إلى احتمال مقاطعة كتلة اللقاء الديمقراطي”. ولم تعوّل الأوساط على أهمية أي توصية أو موقف يصدره المجلس حيث يبقى غير ملزم. كما استبعدت أن يوصي المجلس الرئيس المكلف بتأليف الحكومة أو الإعتذار لوجود أغلبية نيابية لاتزال داعمة للحريري”.

وتلفت مصادر سياسية لـ”أحوال” إلى أن “عون يدرك بأن مفعول الرسالة محدود، إذ سبق وأرسل رسائل إلى المجلس بقضايا مختلفة ولم يتخذ موقفاً حاسماً حيالها بسبب الإنقسام المتوازن داخل المجلس. إذ لا يملك أي فريق الأكثرية النيابية التي تخوّله حسم الأمور لصالحه. لذلك هدفت بعبدا من الرسالة إصابة عصفورين بحجر واحد: حشر الحريري في الزاوية سياسياً ودستورياً، وتحويل الجلسة إلى مساءلة ومحاسبة للحريري على تخلفه عن أداء دوره، وإحراج مجلس النواب ورمي الكرة في ملعبه بعدما تحملتها بعبدا خلال الأشهر الماضية”.

 علوش: الحريري سيشارك في الجلسة ويناقش الرسالة

وفي أول تعليق للحريري على رسالة عون، أشار​ في بيان مقتضب إلى أن الرسالة ​”إمعان في ​سياسة​ قلب الحقائق والهروب إلى الأمام والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية ​العنصرية​ لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في ​الخليج العربي​”، مضيفاً: “للحديث صلة في البرلمان”.

وفيما تشير مصادر تيار المستقبل لموقعنا إلى أن “الحريري سيقطع إجازته العائلية في الإمارات ويعود إلى بيروت للمشاركة في الجلسة النيابية، يكشف نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش لـ”أحوال” أن “الحريري سيناقش رسالة رئيس االجمهورية في مجلس النواب وسيقول كلمته”. وتساءل علوش ماذا لو قرر مجلس النواب دعوة رئيس الجمهورية لتسهيل التأليف والتجاوب مع التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف؟ هل سيلتزم عون؟ لذلك  فإن رسالة عون قد ترتد عليه سلبياً. ويوضح أن “الإعتذار لم يعد وارداً لأنه ليس حلاً عملياً للأزمة الحكومية بل سيفاقم الأزمة ويفتح الباب أمام إشكالات سياسية ودستورية بغنى عنها”.

وعن خيار الحريري إذا ما طال أمد التأليف لأشهر إضافية، ألمح علوش إلى أن “الحريري سيتمسك بالتكليف كما يتمسك عون برئاسة الجمهورية، فالحل أن يقبل عون بتشكيلة الحريري أو سيبقى الفراغ طويلاً”.

 

محمّد حميّة

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى