سياسة

طرح الثقة بوزير الخارجية يسقط واشتباك القوات والتيّار يحتدم

وفق التوقعات، لم يتوفر النصاب لعقد جلسة طرح الثقة بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب. فقدان النصاب القانوني أسقط فتيل من أمام عملية اقتراع المغتربين في دول انتشارهم رغم أنها ما زالت مزنّرة بالكثير من العراقيل,

نزع الفتيل الذي سبقته اتصالات سياسية على مختلف الجبهات، الذي أسقط مزايدة قواتية في البرلمان، لا يُنهي النزال الماروني الانتخابي في المجلس النيابي، الذي تمّ خفض توسّعه بمطرقة رئيس البرلمان نبيه بري لعدم توفر النصاب اللازم، استمر في خطابات السقف العالي على باب قاعة المجلس.

قراءة مسألة طرح الثقة بوزير الخارجية كانت منذ البدء مسألة سياسية تندرج ضمن الصراع بين “الأخوين” المسيحيين التيّار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وبما أن لهذه المسألة تداعيات تضرب الحكومة مجتمعةّ على أبواب الاستحقاق الانتخابي والغليان الشعبي نتيجة الأحوال المعيشية المتدهورة، أُجريت خلال اليومين الماضيين اتصالات سياسية بين الكتل النيابية حول السعي لعدم توفير النصاب، كي لا تتحول الجلسة إلى حلبة صراع وتوتير سياسي واستنفار لبنان بمنأى عن انسحابه إلى الشارع.

وتذهب القراءة إلى ما هو مقلق في التصعيد السياسي، حيث صورة الانتخابات مقلقة، والصفقات في المنطقة تتقدّم وترافقها مع فوضى الدولار والحوادث الأمنية. وكل ما يجري بدل أن تعمل القوى السياسية على التضامن لتقوية أواصر الدولة تستغل بعض القوى السياسية كل ذلك لتحقيق غاياتها ومصالحها على حساب الوطن.

والمخاوف من حصول الجلسة وإمكانية تحوّلها إلى الاستعراض القوة والمواقف المتطرفة والقاء الاتهامات، كانت عاملًا حاسمًا في اتخاذ قرار حجب النصاب بدلًا من حجب الثقة. وكان محسوماً أنه لن تُسجل سابقة بسحب الثقة من وزير للمرة الأولى بعد اتفاق الطائف.

على الرغم من هذا الاتجاه العام، أبقى رئيس مجلس النواب الجلسة في موعدها، فيما ألغى حزب الله اجتماع كتلته النيابية الأسبوعي لتزامنه مع موعد الجلسة، وأصر التيار الوطني الحر على الحضور والمشاركة ليعرض ما لديه من مستندات وحقائق تدحض الرواية القواتية.

53 نائبًا حضروا الجلسة فيما المطلوب 65 نائبًا لاكتمال النصاب لم يتوفر، ولم تكن هناك استجابة مع طلب كتلة “الجمهورية القوية” بطرح الثقة بوزير الخارجية، اعتراضاً على بعض التجاوزات التي تتعلق بتصويت المغتربين اللبنانيين. انتظر رئيس المجلس نصف ساعة، وعندما لم يتأمن النصاب أعلن رفع الجلسة وإلغاءها، وأعلن الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر أن “عدد النواب الحاضرين بلغ 53 نائباً، وبسبب عدم اكتمال النصاب أُلغيت الجلسة العامة”.

هذا في الشكل أمّا في المضمون، فتشكّل هذه الجلسة بحسب مصادر مُتابعة، سابقة في عمل مجلس النواب لأنّها الجلسة الأولى التي تُعقد خصيصا للنظر في طلب طرح ثقة بوزير معيّن. ففي العادة وكما ينصّ النظام الداخلي، يتوجّب على رئيس مجلس النواب أن يدعو بعد كلّ ثلاث جلسات تشريعية وفي إطار عمله الرقابي، الى جلسة مساءلة للحكومة تُطرح فيها أسئلة النواب على الحكومة ووزرائها. وفي حال لم يكن جواب الوزير مُقنعا، يحوّل النائب سؤاله الى استجواب على أن يلي ذلك طرح الثقة به.

الوزير والدبلوماسي العتيق عبدالله بوحبيب، أخذ مسألة طرح الثقة برحابة صدر وردّ على الاتهامات بشرح المعطيات بدقة، وأوضح طبيعة الإجراءات المتخذة وكيفية معالجة الأخطاء في لوائح المغتربين وتوزيع أقلام الاقتراع بالاشتراك مع وزارة الداخلية. ولذلك اعتبرت مصادر سياسية أن بو حبيب يملك من الشجاعة والمناقبية ما يُغيظ طوابير الظلام والحانقين على مجريات العملية الانتخابية.

 

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى