سياسة

لا تسويات خارجية قريبة والفراغ الرئاسي أصبح أقرب

رغم حصول الإستشارات النيابية وتكليف رئيس حكومة الاعمال الحالي نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة، لا يبدو ان التشكيل سيتمّ لعدة اعتبارات تتعلق بالظروف السياسية الراهنة وطبيعة التوازنات الجديدة في المجلس النيابي بعد الانتخابات النيابية الاخيرة، وبحسب مطلعين فإن تكليف ميقاتي جاء ليؤكد بأن لا نيّة لتشكيل حكومة جديدة، أو على الأقل لا نية لبدء عملية التشكيل من الصفر، بل ربما يكون هناك مجال لتعديل الحكومة الحالية بحيث يتم إدخال عليها بعض العناصر التي تتيح لها الحصول على ثقة المجلس النيابي.

إن الواقع الحكومي، كما السياسي، وبظل غياب التسويات الإقليمية التي تسمح بحصول التسوية في لبنان، يبدو أننا نتجه الى تكرار تجارب الفراغ الرئاسي بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 تشرين الاول المقبل، فالنظام اللبناني الحالي، واللاعبين فيه غير قادرين على إنتاج تسويات تسمح باحترام المواعيد الدستورية للإستحقاقات السياسية، وهم كما منذ خروج السوريين من لبنان ينتظرون التسويات التي تحدد مسار الحكم في لبنان، هكذا حصل بعد نهاية ولاية إميل لحود وانتخاب ميشال سليمان بعد اتفاق الدوحة، وهكذا حصل بعد نهاية سليمان وانتخاب ميشال عون.

بحسب المحلل السياسي والصحافي اللبناني جوني منيّر فإن أول فراغ في لبنان على مستوى رئاسة الجمهورية وقع عام 1988 في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل، حيث لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكان رئيس الحكومة سليم الحص حينها مستقيلاً، وتم تسليم السلطة يومها لقائد الجيش ميشال عون، وبقي الفراغ حتى العام 1990.

بعد هذا التاريخ، يرى منيّر في حديث لموقع “أحوال” أنه ساد في لبنان التزاماً أخلاقياً بالمواعيد الدستورية، حتى وقوع التمديد الرئاسي للرئيس إميل لحود، وبعد الخروج السوري، تنافست القوى السياسية على من يملىء الفراغ السوري، فعشنا الصراع السياسي بين المحاور وتُرجم في لبنان بـ 8 و14 آذار، وقضينا من بعدها على كل المواعيد الدستورية، فصارت كل الاستحقاقات تتأخر وتتأجل، حتىى بات الأمر طبيعاً.
يعتبر منيّر أن الهدف لدى البعض من ضرب المواعيد الدستورية هو التمهيد لتغيير النظام والدخول في الجمهورية الثالثة، لذلك حضر القرار الدولي مؤخراً بضرورة احترام المواعيد الدستورية وعلى رأسها استحقاق الإنتخابات النيابية التي حصلت في أيار في موعدها رغم أن عدداً كبيراً من القوى السياسية لم تكن ترغب بذلك، وهو كان المكسب الاول من الانتخابات.

بالنسبة الى الإنتخابات الرئاسية المقبلة، يرى منيّر أنها قد لا تحصل في موعدها لكنها ستكون المرة الأخيرة التي نشهد فيها عدم احترام للمواعيد الدستورية، لأن الفراغ المقبل سيكون فرصة مساعدة للتغيير باتّجاه صياغة تسوية سياسية جديدة في لبنان.

إذا بات الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية يصبح أكثر واقعية، خاصة أن من كان يعول على اتفاق إقليمي يحمي لبنان من شر الفراغ بات يتحدث اليوم عن ظروف صعبة قادمة، أبرزها في الملف النفطي بحال لم يستجب العدو الإسرائيلي للمطالب اللبنانية وأصر على استخراج الغاز من حقل كاريش، فهل نسلّم بواقع الفراغ المقبل؟

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى