منوعات
أخر الأخبار

دولار تعويضات الضمان بـ3900 ليرة… انجازٌ أم فخٌّ ينصبه المصرف؟

لا شك في أن الأزمات المالية التي تعصف بالقطاعات كافة في لبنان أصبحت جلية للعيان، في ظل إجراءات ترقيعية للحكومة المستقيلة لم تفرمل تدهور العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي، وبالتالي النتائج الكارثية التي حلّت على الواقعين الاقتصادي والمعيشي للمواطن، فالعديد من المؤسسات أقفلت أبوابها وأصبح عمالها وموظفوها عاطلين عن العمل، وأما المؤونة التي كانت أمل هؤلاء، والمتمثلة بتعويض الضمان الاجتماعي لتعيل من أفنى زهرة شبابه في ميادين العمل والإنتاج، فأصبحت لا قيمة لها.

هذا التعويض فقد 80% من قيمته مع انهيار اللّيرة، فعلى سبيل المثال من كان تعويضه 30 مليون ليرة  كان يساوي 20000 دولار أميركي، أما اليوم فأصبح يساوي 3500 دولار أميركي، ومن هنا نستطيع ان نستخلص هول الكارثة التي حلّت بالمضمونين.

هذا الانهيار دفع بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للبحث عن حل ليخفف من هول الكارثة عن المضمونين، وفي كتاب وجّهه المدير العام للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، طلب منه اتخاذ القرارات التي يراها مناسبة للحفاظ قدر الإمكان على القيمة الشرائية لتعويضات نهاية الخدمة وحفاظًا على الاستقرار الاجتماعي في البلاد، وفق ما ورد حرفيًا في الكتاب.

هذا الطلب لاقى اعتراضًا من البعض، إذ بحسب هؤلاء، إنّ خطوة كهذه ستزيد نسبة التضخم وستساهم في انهيار اللّيرة أكثر فأكثر، وان التعويضات ستتآكل. وبرأيهم إن مصرف لبنان ينصب فخًّا جديدًا عبر خلق النقد وضخّه في السوق لتصبح النتيجة المساهمة في تضخّم الأسعار بدلاً من حماية قوّتها الشرائية.

ردًّا على هؤلاء قال مدير عام الضمان الإجتماعي محمد كركي لـ “أحوال” إنّ الإدارة لم تتخذ قرارًا بهذا الصدد وإنّها طلبت، كما يظهر في الكتاب المرسل، من حاكم مصرف لبنان إيجاد حل لتعويضات المضمونين للحفاظ على قيمتها الشرائية، لافتًا إلى أن من يتخذ هكذا قرارات هو مصرف لبنان.

وأشار إلى أن إدارة الضمان كانت تبحث عن حلٍ مع البنك  الدولي بإشراف وزير العمل السابق كميل أبو سليمان، إلّا ان الخطوات لم تكتمل بسبب استقالة الحكومة.

ولفت كركي إلى أنه وبعد الاجتماع مع حاكم مصرف لبنان والطلب منه تسديد جزء من التعويضات بالدولار، رفض الطلب لأنّ ذلك مستحيل في ظل الأزمة المالية، واقترح تحويل التعويض من اللّيرة اللّبنانية إلى الدولار الأميركي على سعر 1500 ليرة (السعر الرسمي) ومن ثم تحويله من دولار إلى اللّيرة اللّبنانية على سعر الصرف 3900 ليرة، أسوة بصغار المودعين في المصارف، وهذا هو الطرح الذي قامت قائمة البعض عليه بحجة أنه يؤدي إلى التضخم.

كركي شدّد على أنّ هذه الخطوات تتعلق بحاكمية مصرف لبنان وبالتنسيق مع المجلس المركزي ووزارة المالية، فهُم من يقدّرون الآثار التي تترتب على هكذا قرار، لافتًا إلى أنه حتى الساعة لم يصدر القرار بعد، متمنيًا أن يأخذ مساره الصحيح ويطبق بأسرع وقت ممكن حتى يشعر العامل والموظف بأن تعويضاتهم ما زالت تتمتع بقيمة شرائية، معتبرًا أن هذا القرار يجب أن يقارب من الناحية الإنسانية والاجتماعية لهؤلاء المضمونين لأن البحث عن طرق للتخفيف من خسائر الناس هو هدف الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.

لا شك بأن هكذا خطوة ستثلج قلب من أعطى من عمره في سبيل تأمين لقمة العيش لأبنائه لعقود من الزمن، وربما لن تكون كافية للتعويض عن الخسائر الكبيرة في قيمة التعويضات، إلا أن الحفاظ على شيءٍ من القيمة الشرائية يعدّ إنجازًا في وطنٍ عاجزٍ عن تأمين الحد الأدنى من الحقوق لأبنائه، أمّا عما يترتب اقتصاديا وماليًا يبقى السؤال على هكذا قرار سيكون القشة التي قصمت ظهر البعير.

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى