منوعات
أخر الأخبار

Social Dilemma صراع الإدمان وانتهاكات الخصوصية

المعضلة الحقيقية في الشريط التسجيلي لشبكة “نتفليكس” الأميركية أنه حقاً Social dilemma، يقر بتلاعب وسائل التواصل الاجتماعي بعقول وأفكار المستخدمين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر مراقبة أهوائهم والإمساك بنوازعهم الشخصية. يستكشف هذا الفيلم الوثائقي الذي أخرجه Jeff Orlowski كيف أن الإدمان وانتهاكات الخصوصية هي ميزات مرسومة، وليست مجرد أخطاء، لمنصات التواصل الاجتماعي.

يدخلك الوثائقي The Social Dilemma، الذي بدأ به يوم التاسع من أيلول الحالي عبر تصريحات مطوّري التطبيقات الالكترونية في حالة عصف ذهني وشعور حاد بالاستغلال والاستعباد يدفعك إلى التفكير الجديد للتخلّي عن وسائل التواصل الاجتماعي.

أخرجوا واركضوا عنونت صحيفة “نيويورك” تايمز” في تقريرها حول الفيلم الذي أثار جدلاً كبيراً حول أخلاقية أهداف التكنولوجيا واحترامها لحرمات العقل البشري. لكن المفارقة أن الشكوى من هذه الوسائل جاءت دون أي تردد من الشاكين عبر منصاتها، هكذا لأنّ العالم بات يدور حولها ومنها وإليها.

يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي مسببة للإدمان ومخيفة ولا تعد مصدر إلهام لأي شخص يستخدم Facebook وTwitter وInstagram وما شابه ذلك. لكن في الفيلم الوثائقي “المعضلة الاجتماعية” للمخرج جيف أورلوفسكي، أوضح المنشقون، التقنيون الذين صَحَت ضمائرهم، عن هذه الشركات أن الضرر الناجم عن منصات الشبكات الاجتماعية هو “ميزة” وليست خطأ وهي مدروسة بشكل دقيق!.

“إذا لم تدفع لشراء منتج ستكون أنت المنتج”، بهذه العبارة البسيطة تقول المطورة في أنستغرام في الفيلم وبصراحة تامة “يتعامل مطورو التطبيقات الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي مع المستخدمين كسلع”.

هذا رأس جبل الجليد يقول تريستان هاريس، أحد مؤسسي “هيومن تك” وأحد مطوري غوغل ديزاين”، وأمل أن تكون هذه الحقيقة المرة للتكنولوجيا، اللحظة التي يبدأ بها مطورو التكنولوجيا والذكاء الصناعي في التفكير بتداعيات ما أسماه “التغير المناخي للثقافة”.

يقول جيف سيبرت المشارك في الفيلم وهو من مؤسسي دورية “ديجيتس” أن الفيلم هو مجرد خدش للأرضية الحتمية حول كيفية استقطاب وسائل التواصل الاجتماعي للعالم، وقد حان الوقت لصناعة التكنولوجيا لمعالجة هذا الأمر بشكل مباشر.

 

الآليات وعلم النفس وراء المعضلة الاجتماعية

الفيلم الوثائقي “المعضلة الاجتماعية”، الذي قدم بعبارات لطيفة للمشاركين فيه، يركز بشكل مفرط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي فقط للتهرب من أي تحليل هيكلي للرأسمالية المفرطة التي تستخدم هذه الوسائل وكيف أنه استلزم تاريخياً ترتيب ظروف المراقبة الجماعية للجمهور واستخدامه كسلعة ترويجية تكون لقمة سهلة لطموحات الشركات العملاقة سواء كانت سياسية أم تجارية.

كل هذه الحقائق: الدوامة حول المراقبة وجمع البيانات وقوة الخوارزميات والإدمان الذهني للناس لها إثبات قوي مباشرة من الأشخاص الذين لم يعملوا في هذه الشركات فحسب، بل ساعدوا في بدئها أو تحفيز نموها. في الفيلم الذي تبلغ مدته 90 دقيقة تقريباً، يسرد عدد قليل من الموظفين السابقين في Twitter وGoogle وApple وFacebook وUber وInstagram وغيرهم مخاوفهم الأخلاقية بشأن المد والجزر والعلاقة المتغيرة لوسائل التواصل الاجتماعي والسلطة.

هذا مخيف إنه عالم مرعب! بحسب الصحافي الهندي المتخصص بالتكنولوجيا راجديب سارديساي، “من خلايا تكنولوجيا المعلومات إلى عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي يتلاعبون بأفكارك وأفعالك.. رائعون ونعم، مخيف، مخيف جداً. وهذا صحيح!”. ويضيف “ربما تكون “المعضلة الاجتماعية” على Netflix هي أهم فيلم وثائقي في العام ولكنه يثير المخاوف الأخلاقية والإنسانية”.  ويقول راجديب “نحن نعلم أنه يتم التلاعب بنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام علم النفس لدينا ضدنا”.

خلال ساعة ونصف هي مدة الفيلم الوثائقي تتكشف الحقائق حول البيانات الضخمة التي يتم استخدامها لتوجيه عقول الجمهور وتشكيل اتجاهاته واهتماماته وفقاً لما يراد له. أما التعبير الفج عن ذلك فجاء عبر كلام عن تضاعف عدد البلدان التي لديها حملات تضليل سياسية على وسائل التواصل الاجتماعي في العامين الماضيين التي سخرت جنوداً لها لمراقبة الجمهور وبث المعلومات والشائعات وفق أهدافها السياسية.

نغرد، نوزع علامات الإعجاب ونتشارك المقالات والصور والمعلومات العامة والخاصة، كل ذلك يبدو سهلاً وجذاباً وممتعاً إلى حد ما لكنه بالنسبة إلى الشركات التجارية والمالية والمؤسسات السياسية أنت في قبضتها مسيّراً وفق مخطاطاتها الاقتصادية والتجارية والسياسية وحتى النفسية والاجتماعية…هي التي تقود الجمهور وتتحكم بسياسات العالم. فهل ستبدأ حملات الفرار الجماعي أم أن الإدمان البشري على وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الخوارزمية المختلفة سيبقي البشر أسرى لها؟… إنه صراع بين الإدمان على الذكاء الاصطناعي والانبهار بالتكنولوجيا وبين انتهاك الخصوصية واستغلال النوازع النفسية للجمهور، وهي معضلة جدّية تتطلب شرعة جديدة تحمي حقوق الناس في الاستفادة من التكنولوجيا ضمن ضوابط حقوقية تحمي من تدخل الشركات والأنظمة من العبث فيها.

رانيا برو

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى