ملفات ساخنة

لماذا يسوّق الغرب “الجولاني” كمعتدل.. تحليل من عمق الإعلام العبري

​في الوقت الذي تسعى فيه المنابر السياسية والإعلامية الى تلميع صورة “أبو محمد الجولاني” وإظهاره بمظهر “المنقذ المعتدل” ، تناقلت وسائل إعلام عبرية مؤخراً تقارير استخباراتية تتحدث بشفافية مطلقة عن العمق العبري لنظرة تل أبيب تجاه الجولاني ؛ وهي نظرة تختلف تماماً عن الكلام السياسي المعسول الصادر من واشنطن أو عواصم أوروبية، وبعيدة كل البعد عن الأوهام التي يروج لها “أبواق الجولاني” لجمهور السلطة.
الحقيقة في العمق العبري تؤكد أن تحويل “الجهادي” إلى “معتدل” ليس تغييراً في العقيدة ، بل هو آلية دولية لـ “الحفاظ على الذات” وتصدير الأزمات.

​أزمة أوروبا..الأرقام التي لا تكذب
السبب الحقيقي وراء نغمة “اعتدال الجولاني” لا علاقة له بسلوكه الشخصي، بل بـ “ساعة أوروبا البيولوجية” التي توشك على النفاد.
أوروبا اليوم تغرق في أرقام اللاجئين: مليون ونصف المليون سوري، منهم مليون في ألمانيا وحدها. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي “قنبلة موقوتة” تؤثر على الانتخابات، الأمن، والنسيج الاجتماعي.
ما يثير رعب الحكومات الأوروبية هو “النمو عبر الأجيال”؛ فمعدلات المواليد في مجتمعات المهاجرين تتجاوز بكثير المتوسطات الأوروبية. ومن منظور سياسي، لم يعد السؤال “كيف ندير الوضع الراهن؟”، بل “كيف ستبدو أوروبا بعد 30 عاماً؟”.

​سوريا “المستقرة”..المخرج السياسي
لحل هذه المعضلة ، تحتاج الحكومات الأوروبية إلى ذريعة لإعادة اللاجئين. وطالما أن سوريا تُصنف كدولة “غير آمنة”، فإن الترحيل يظل مستحيلاً قانونياً.
هنا بدأ التلاعب بالمصطلحات : بدأت نغمة أن سوريا “تستقر”، تلتها اقتراحات بـ “رفع العقوبات”، وانتهت بوصف الجولاني بأنه “براغماتي”.
​حقيقة الجولاني تحت المجهر الأمني
رغم هذه “البروباغندا”، تدرك أجهزة الاستخبارات جيداً أن الجولاني لم يخلع رداء “القاعدة”.
نظام حكمه لا يزال إسلامياً متشدداً؛ حيث تعيش الأقليات (العلويون، الشيعة، المسيحيون، الدروز، والأكراد) تحت وطأة ضغوط هائلة، وتغيب الحقوق والحريات السياسية تماماً.
والدليل الدامي جاء في 13 ديسمبر 2025، حين قُتل جنديان أمريكيان في سوريا بهجوم انتحاري مرتبط مباشرة بالجهاز الأمني التابع للجولاني.
ورغم ذلك، لم تتوقف رواية “الاعتدال”، لأن المهم ليس الحقيقة، بل تصوير سوريا كدولة “قابلة للحكم” لشرعنة برامج العودة القسرية.

​الاستقرار فوق العقيدة

يخلص التحليل إلى أن الدول الواقعة تحت ضغط وجودي تفعل أي شيء للبقاء. لو كانت إسرائيل في موقف أوروبا وتستضيف ملايين السوريين، لربما سلكت ذات الطريق؛ حيث يصبح “الاستقرار أهم من العقيدة”. المسألة ليست تصديق الرواية، بل هي “تمثيلية دولية” تهدف لتحويل الخطر الأمني إلى استقرار وهمي يتيح التخلص من عبء اللجوء ، مهما كان الثمن الذي ستدفعه شعوب المنطقة في الداخل السوري.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى