مجتمع

العام الدراسي في مهب الريح

لا عام دراسي هذا العام، هذا ما يمكن استخلاصه من الأوضاع المزرية والمريرة التي يعيشها اللّبنانيون، وبما أنّ الأساتذة جزء من هذا الشعب، فهم أيضًا في عين الانهيار، وأمام هذا الواقع برزت دعوات لدى الأساتذة في مختلف المؤسّسات التربويّة إلى رفض أيّ عودة للتعليم الحضوري، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات، والتكاليف المترتبة على الأساتذة والطلّاب في آن واحد.

هناك مشكلة كبيرة في العام الدراسي القادم، الشق الأول وهو المتعلّق بالمؤسّسات التربوية كالمدارس والثانويّات والجامعات، والشق الثاني المتعلّق بالوضع المهني للأستاذ معيشيًّا  واقتصاديًّا، وفق ما أشار رئيس رابطة التعليم الثانوي نزيه الجبّاوي في حديثه لـ”أحوال”، لافتًا إلى أنّ المؤسّسات التربوية تعاني من نقص حاد في المواد اللوجستيّة، من اللّوازم المكتبية ومواعين الورق والقرطاسيّة، إذ تعجز صناديق المدارس عن تأمينها، إن لجهة خلوّها من المال أو لجهة عدم كفاية المال الموجود بسبب انهيار اللّيرة وتسعير هذه المواد على الدولار الأميريكي، هذا عدا عن مشكلة المحروقات، فكيف ستؤمَّن التدفئة للمدارس في الجبال التي يستحيل افتتاح العام الدراسي دون تأمينها.

ولفت الجبّاوي إلى وضع الأستاذ الذي تحمّل التعليم عن بعد والتعليم المدمج لمدّة عامين، إذ كان يدفع ثمن جهاز الكومبيوتر من جيبه وثمن الإنترنت كذلك، أصبح اليوم عاجزًا عن القيام بذلك، علمًا أن الرابطة وُعدت بتأمين لابتوب لكل أستاذ، لكن قيل لها لاحقًا بأنها سُرِقت من المرفأ، ولم يتأمّن شيء حتى هذه اللحظة، كذلك كان أجر الأستاذ ثلاثة ملايين ليرة وكانت تساوي ألفي دولار أميريكي، أما اليوم فأصبح المعاش يساوي مئة وخمسين دولار، وأمام هذا الارتفاع الجنوني لأسعار السلع وتكاليف التنقل وتصليح السيّارة، يصبح الأستاذ عاجزًا تمامًا عن الاستمرار في هذا الواقع، فلا عام دراسي قادم إذا بقيت الأمور على ما هي عليه وإذا لم تحسّن أمور الأستاذ والمؤسّسات التربوية.

في الساعات الماضية عُقِد اجتماع في وزارة التربية مع المعنيين والروابط التعليمية، وعرضنا مطالب المؤسّسات التربوية من تجهيزات وغيرها، كذلك تحسين وضع الأستاذ المادي، لأنّه يوجد ضرورة ملحّه لتحسين وضع الأستاذ ليؤمّن معيشته وطبابته، خصوصًا أنّ المؤسسات الضامنة أصبحت عاجزة عن تأمين كلفة استشفاء المضمون، كما وطالبنا بسلفة على معاشات الأساتذة، وفق ما أكّد الجبّاوي.

وأشار الجباوي إلى  وضع أهالي التلامذة الذين يئنّون اليوم من هذا الانهيار الحاصل، فكيف سيكون باستطاعتهم تأمين تنقّل أبنائهم وتأمين حاجيّاتهم في هكذا ظرف صعب، فالمطلوب دراسة اقتصادية لكلّ الشعب اللّبناني، مستغربًا رفع الدعم عن الأدوية وكل السلع بحجّة البطاقة التمويليّة، وحتى الساعة لم يرَ الشعب هذه البطاقة.

هناك مئات الأساتذة غادروا البلد، ونحن نشهد هجرة أساتذة كما هجرة الأطبّاء والممرّضين، ولا يمكن أن يعوّض هذا النقص إلّا بإدخال أساتذة جدد، لذلك يجب أن يفتح المجال أمام إدخال أساتذة جدد برواتب تتناسب مع الواقع الحالي عبر إقرار قانون جديد يسمح بالتوظيف، وفق ما لفت الجبّاوي.

من خلال الوقائع يمكن استنتاج أنّ العام الدراسي القادم قد يكون اتمامه مستحيلًا حضوريًّا، أمّا الدعوة لإتمامهه عن بعد فهو من نسج الخيال، فلا كهرباء ولا مولّدات تعمل، ما يعني فقدان الانترنت، مع الإشارة هنا إلى ارتفاع سعر خدمة الانترنت بشكل كبير وعجز الكثير من الأهالي عن دفع بدل هذه الخدمة، الأمر الذي يثبت مقولة : العام الدراسي القادم في مهب الريح.

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى