ما مصير التفاهم بين التيار الحر وحزب الله؟
لم تمر مشاركة حزب الله في جلسة الضرورة لحكومة تصريف الأعمال مرور الكرام في ميرنا الشالوحي، كما تبين من رد الفعل الحاد لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على موقف الحزب الذي خالف توقعات الحليف المسيحي.
وقرار الحزب بتأمين التغطية السياسية لانعقاد مجلس الوزراء وبالمساهمة في تأمين نصابه العددي، فتح الباب على تفسيرات واستنتاجات كثيرة، إذ اعتبره البعض رسالة بالبريد الحكومي السريع إلى التيار مفادها أن كيل الحزب طفح ولم يعد بإمكانه تحمل “غنج” باسيل في الملفات الداخلية، ووضعه البعض الآخر في خانة الزكزكة الرئاسية بعدما أصر رئيس التيار على رفض دعم ترشيح سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية على رغم أن السيد حسن نصرالله شخصياً حاول إقناعه بضرورات اعتماد هذا الخيار المتعلقة بالامن القومي للبنان والامن السياسي للحزب.
لكن العارفين بنمط سلوك الحزب، خصوصاً حيال التيار الوطني الحر، يستبعدون أن يكون قد استخدم جلسة الحكومة صندوق بريد لمخاطبة التيار وإبلاغه بالإنزعاج من مواقفه الراهنة، أولاً لأن الحزب لا يتصرف بهذه الطريقة مع حليفه البرتقالي وثانياً لأنه مقتنع بأن أي خلافات ثنائية يجب أن تُناقش في الغرف المغلقة، لا أن يُنشر غسيلها على السطوح المشرّعة.
بهذا المعنى، فإن المطلعين على طبيعة العلاقة بين الجانبين منذ توقيع وثيقة التفاهم قبل نحو 16 عاماً يؤكدون أن هناك أخلاقيات سياسية تتحكم بمقاربة الحزب لعلاقته مع التيار في السراء والضراء، وهو ليس في صدد التخلي عنها الآن مهما اشتدت أو اتسعت التباينات الداخلية.
ومن هنا، يعتبر هؤلاء أن مشاركة الحزب في الجلسة الحكومية انطلقت بالدرجة الأولى من دوافع إنسانية تتصل بوجوب تأمين مستلزمات صحية للناس ولم يكن غرضها تغطية السطو على صلاحيات رئيس الجمهورية أو نسف التوازن والشراكة الوطنيين.
ويشير أصحاب تلك المقاربة إلى أن العامل الإنساني – الأخلاقي كان مؤثراً في القرار الذي اتخذه الحزب بحضور اجتماع مجلس الوزراء، ولو أن البعض من “المرتابين” يفترض أن هناك سذاجة في تصديق ذلك على قاعدة أن مثل هذا العامل لا وزن له في الحسابات السياسية الجامدة التي غالباً ما تكون بلا قلب.
ويؤكد المواكبون للمراحل التي مرّ فيها التحالف حتى الآن أن الحزب سيتفادى الانزلاق إلى أي سجال علني مع التيار على رغم لهجة باسيل القاسية والحملة العنيفة لأنصاره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أن حارة حريك ستحاول ضبط الأعصاب حتى أقصى الحدود الممكنة وبالتالي احتواء عاصفة الانفعالات البرتقالية، تمهيداً لمعالجة الأزمة المستجدة بين الطرفين والسعي إلى إعادة تحصين التفاهم عبر تطويره.
وبناء عليه، يؤكد العارفون أن تفاهم مار مخايل لم يسقط بعد وإن كان قد ترنح بقوة هذه المرة.
عماد مرمل