مجتمع

صيدلية الخير مبادرة فرديّة لتأمين الدواء مجاناً

لم يشهد لبنان أزمة اقتصادية كالتي يمر بها اليوم، ولم تنقطع الأدوية يوماً من الصيدليات كما هو الحال الآن، وباتت أدوية الأمراض المزمنة مفقودة على الرغم من الحاجة الملحة لها ولا يستطيع المريض أن يعيش بدونها.

وقد ظهرت مبادرات عدّة لتأمين الأدوية للمرضى منها ما هو من خارج لبنان بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن عبد الماجد العدوي أطلق مبادرة من نوع آخر تتمثل في افتتاح “صيدلية الخير” وهي ليست صيدلية بالشكل المعروف، لكنها مقر لجمع الأدوية مجاناً من متبرعين وتوزيعها مجاناً لمن يحتاجها.

مبادرة فردية نابعة من روح التطوّع 

عبد الماجد العدوي فلسطيني مقيم في لبنان، لم يدرس مهنة الصيدلة يوماً ولم يعمل بها في حياته، فهو بالأساس يعتاش من مهنة البلاط، لكنه منذ صغره يعشق التطوع في جمعيات إغاثية وتنموية وإنسانية، ولديه رغبة كبيرة في الانخراط بهذا المجال أكثر، حيث كان يشغل سابقاً رئيس فريق الدفاع المدني الإسعافي، ومدير عمليات ونائب قائد فوج بجمعية الكشاف العربي.

يقول العدوي لـ “أحوال”: تأسس مشروع صيدلية الخير في مدينة صيدا منذ ثمانية أشهر تقريباً من دوائي الشخصي، أنا لدي دواء لكني لست بحاجته فجمعته وبادرت به، وعممت على مواقع التواصل الاجتماعي أن: “لكل من يحتاج دواء من الذي أملكه فهو له”، وهنا وُلدت فكرة تأمين الأدوية لمن يحتاجها مجاناً من خلال التبرع بها سواء من مؤسسات أو أفراد، ووجدت إقبالاً على هذه المبادرة، عندها بدأت بالتواصل مع الأصدقاء والأقارب لأجمع منهم وممن حولهم الدواء الذي لا يحتاجونه،  وكان الطلب على الدواء أكثر من العرض، فقد خَلَت الصيدلية حوالي أربع مرات بالكامل بسبب الإقبال الكثيف عليها.

يوضح أنه يعمل على نشر الإعلانات على مواقع التواصل الإجتماعي ضمن مجموعات، ويأتيني الرد من الناس وكل من لديه دواء لا يحتاجه ولو كان مستعملاً، والبعض منها يكون فيها حبة أو حبتين فقط، هناك من لديه من الأدوية التي تعطيها عيادات الأنروا بشكل دائم فيكون لديهم فائضاً فيقدموه لنا.

استعان العدوي بمتطوّعين لديهم خبرة في هذا المجالِ، يستقبلون المراجعين، يستلمون من المرضَى أسماء وأنواع الأدوية وِفق وصفة الطبيب، ويحاولون تأمين الدواء لهم من دون أي مقابل مالي.

الصيدلية مقصداً لكل من لايملك سعر دواء

يقصد الصيدلية مرضى من جميع المناطق اللبنانية بغض النظر عن الجنسية أو الديانة، يستطيعون قصد الصيدلية وأخذ الدواء بشكل مجاني، أما عن الشروط فهي بسيطة جداً بأن يكون المريض بحاجة للدواء بإثبات وصفة طبية موثقة من طبيب بالختم الخاص به أو مستوصف أو مستشفى، وذلك لسببين، الأول هو أن الصيدلية غير رسمية كي لا أُلاحَق قانونياً، بالإضافة الى أنني متفق مع دكتور صيدلاني أعمل تحت إشرافه ونحن متفقان شفوياً، لأننا لا نستطيع الاتفاق كتابياً.

ولفت إلى أن في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون والفلسطينيون في هذا البلد، وُلدت مبادرات عدّة كهذه في ظل استمرار الأزمة وعدم وجود أفق حل لها، ويؤكد أن غالبية الأدوية المتعلقة بالأمراض المستعصية متوفرة في الصيدلية، كأدوية القلب مثلاً لدينا منها تقريباً بشكل كامل.

نجاح المبادرة لم يكن سهلاً

يؤكد العدوي أن نجاح المبادرة لم يكن سهلاً، اذ احتاجت الى عمل دؤوب وثقة كبيرة، سيّما وأننا رفعنا في البداية شعاراً أننا لا نقبل مالاً لنشتري الأدوية، بل نستقبل ما يتبرّع به المواطنون، وبذلنا جهوداً في الإعلان عن المبادرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والأصدقاء وسط عشرات المبادرات الأخرى، حتى حققنا التميّز وباتت المبادرة مقصداً للمرضى.

وتعتمد الصيدلية على متطوعين صيادلة أو طلاب في كلية الصيدلة وتم تشكيل فريقاً متكاملاً مؤلفاً من طبيب صيدلي، ومساعدة صيدلي، ومتطوعة ذات خبرة، وبدأ العمل بهدف تطويره وإفادة أكبر عدد من المحتاجين، وقد وصل عددهم يومياً إلى نحو ستين مستفيد.

يختم بالقول: حلمي اليوم بات تحويل المبادرة إلى مؤسسة، تساعد كل المرضى كما تفعل، من دون النظر إلى أي جنسية، سواء كان لبنانياً أو فلسطينياً أو سورياً، وتتجاوز مدينة صيدا إلى كل المناطق اللبنانية بفضل جهود المتطوعين وأصحاب الأيادي البيضاء الذين باتوا يدعموننا مادياً أخيراً كي نسدّ نفقاتنا في تسديد إيجار المكتب ومستلزمات العمل.

خليل العلي

صحافي ومصور فلسطيني يعمل في مجال الصحافة المكتوبة في عدة وسائل إعلامية عربية وفلسطينية، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى