منوعات

السوبرماركت VS الدولار … إلى أين؟

شهدت المتاجر والسوبرماركت في الآونة الأخيرة، حالة قصوى من الفوضى والخراب، بفعل الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والموادّ الغذائية الأساسية، حتى وجد معظم المواطنين أنفسهم، غيرَ قادرين على تأمين حاجياتهم الضرورية من مأكل ومشرب، ما دفعهم إلى التهافت على البضائع المدعومة، من أجل تأمين قوت يومهم وإبعاد شبح الجوع عن عائلاتهم، ووصل إلحدّ إلى الاقتتال في ما بينهم، في مشهد لم يألفه اللبنانيون حتى في عزّ الحروب والظروف الأمنية التي توالت على البلد؛ الأمر الذي شكّل رعبًا لدى المواطنين ممّا قد تشهده الأيام القادمة، والذي دفع أيضاً بعض أصحاب السوبرماركت إلى الإقفال تحاشيًا من الأسوأ.

هذا الواقع انعكس إرباكًا وضياعًا بين المواطنين والتجار على السواء، لا سيّما وأنّ ارتفاع الدولار هو سياسيّ في جانب كبير منه، والدليل الانخفاض المفاجئ الذي فاق الـ 2500 ليرة، لدى إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري زيارة بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وللوقوف على هذه الأزمة المستفحِلة داخل السوبرماركت والمتاجر الكبيرة، ومشكلة فقدان بعض السلع وارتفاع أسعار الأخرى، أجر “أحوال”  حديثاً مع خبراء في المجال الاقتصادي، للإضاءة على هذه المعضلة وما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة.

فادي غصن: السوبرماركت والعبء الكبير

يقول الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية الدكتور فادي غصن ل”أحوال”: “السوبرماركات هي متاجر التجزئة، أي تُعتبر وسيطًا ما بين المستهلك والتجار؛ فهي تموّن المستهلك بشكل مباشر، ومعظم البضائع الموجودة داخلها، هي بضائع إما مستوردة أو محلية الصنع، ومعظمها حتى لا نقول كلها، تتأثر حاليًّا بارتفاع الدولار، حتى أننا شهدنا في الفترة الأخيرة ارتفاع أسعار موادّ زراعية محلية، مثل الخضروات وكذلك البيض، من أربعة إلى ستة أضعاف، عندما لامس الدولار عتبة الـ 10 آلاف ليرة. والواضح أننا سنشهد ارتفاعًا جنونيًّا أكبر في الأيام القادمة إذا ما استمر الوضع على هذه الوتيرة”.

ويستطرد غصن قائلًا: “عمد بعض المتاجر إلى الإقفال بعد ملامسة الدولار عتبة الـ12 ألف، من أجل انتظار لوائح الأسعار الجديدة من المورّدين، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ معظم السوبرماركت تعمد آخر النهار إلى تحويل غلّتها من الليرة إلى الدولار، وبخاصة المتاجر الكبرى، من أجل الحفاظ على رأسمالها حتى لا يتقلص، وحتى تحافظ على مخزون البضاعة لديها، الأمر الذي بات يشكل عبئًا كبيرًا على هذه المتاجر بسبب عدم استقرار سعر الصرف”.

ويتابع غصن قائلًا: “وكما بتنا نعلم، عمدت الدولة إلى اعتماد سياسة دعم بعض الأصناف، حتى تخفّف من ارتفاع وتيرة الأسعار، وتقلّص هذا الدعم لاحقًا بسبب شحّ احتياط العملات الأجنبية، وهذه المعضلة تزامنت مع ازدياد نسبة الفقر الذي تفشّى بشكل كبير في البلد، إذ تعدّت نسبته الـ55%، إلى جانب ارتفاع نسبة البِطالة بين اللبنانيين، لتلامس مستويات غير مسبوقة، ما دفع المواطنين إلى التهافت على البضائع المدعومة تخوفًا من فقدانها في المستقبل، وخشية ارتفاع الأسعار المتوقع عند توقيف الدعم، وأكبر دليل على ذلك، المشادات الكلامية التي حصلت في العديد من السوبرماركت، وصل بعضها إلى التشابك بالأيدي على أصناف معينة، بهدف تأمين القوت لعائلاتهم كما نتج عن ذلك خراب في العديد من المتاجر”.

ويضيف غصن: “كل هذا دفع إلى التساؤل، هل ستقفل بعض السوبرماركت أبوابها تخوفًا من الأسوأ؟ والجواب هو حتمًا نعم، لأنّ مواجهة هذه المشاكل بين المواطنين لن تحلّ إلا من خلال الإقفال، للحدّ من المواجهة في ما بينهم”.

ويؤكد غصن حول كيفية مواجهة الأزمة، أنّ “الحل لم يعد مرتبطًا بالسوبرماركت، بل هو مرتبط كل الارتباط بسعر الدولار، فعلى الدولة لجم هذا الارتفاع الحاصل بسعر الصرف، وبدل تبديد ما وجد من احتياط على الدعم، كان ينبغي استعمال جزء من هذه الأموال، سدادًا لبعض او لجزء صغير من أموال المودعين ضمن قانون الـ”كابتيل كونترول”، الأمر الذي كان سيؤدي تلقائيًّا إلى خفض سعر الصرف في السوق السوداء، وبالتالي إلى انخفاض الأسعار. كما كان من الممكن استعمال الأموال التي وُضعت على الدعم، بنفقات استثمارية مجدية لتعطي مردودًا في المستقبل. والأساسي في هذه المرحلة هو من دون شكّ، تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، تعمل على برنامج ضمن خطة ووقت محدّدين ووفق سيناريوهات تضع الشعب في أجواء مستقبل البلد، إذ إنّ وضوح الصورة أمام اللبنانيين سيشكل صدمة إيجابية، ويخفف من انفعالهم، ويتيح لهم محاسبة هذه الحكومة إذا حصل أيّ خلل في خطتها الإصلاحية”.

محاسن مرسل: مقبلون على خراب كبير

ومن جهتها، ترى الصحافية المتخصّصة في الشأن الاقتصادي “محاسن مرسل”، أنّ “ارتفاع سعر صرف الدولار والتلاعب الحاصل في البضائع داخل السوبرماركت، ورفع الدعم غير المعلن، وتخزين البضائع والمضاربة، وتدخّل المصارف التي تشتري العملة الصعبة وتقوم بلمّها من السوق، كلها عوامل أدت إلى ما وصلت إليه المتاجر”.

وتتابع مرسل قائلة: “مواجهة هذا الوضع لم يعد سهلًا بتاتًا، لأننا وصلنا إلى مرحلة كبيرة من الفوضى، فالسوبرماركت لديها رأسمال ولكن هناك العديد من التجار الذين يستغلون الوضع، من خلال السرقة وتخزين البضائع، وحجب السلع المدعومة عن المواطنين. فالحل الوحيد أصبح بيد السلطة لأخذ القرار الحاسم في هذه القضية، ووضع حدّ لهذه الفوضى، وإلا فإننا مقبلون على خراب كبير”.

غنوة طعمة

 

غنوة طعمة

صحافية لبنانية. حائزة على الإجازة في العلوم الإدارية والسياسية من جامعة القديس يوسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى