صحة

تحقيق BBC يربط بين ارتفاع حالات سرطان الأطفال وحرق الغاز في حقول نفط العراق

الحكومة العراقية وشركة النفط العملاقة “بريتيش بتروليم” (BP) تعلنان عدداً من الالتزامات استجابة لبرنامج التحقيقات الذي أجرته “بي بي سي” والذي يربط بين ارتفاع معدل الإصابة بالسرطان بين الأطفال وحرق الغاز.

عقب تحقيق أجرته “بي بي سي” عن الكيماويات المسببة لمرض السرطان والناتجة عن حرق الغاز في حقول نفط بالعراق، تعهد وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إسماعيل بإنهاء عملية حرق الغاز المنبعث من حقول البصرى بحلول عام ألفين وستة وعشرين، أي قبل الموعد الذي أعلن عنه من قبل بأربع سنوات.

عندما أذيع التحقيق لأول مرة أكد وزير البيئة العراقي جاسم الفلاحي أن حرق الغاز هو السبب الرئيسي في زيادة نسبة الإصابة بالسرطان في جنوب العراق وأضاف أن موظفي الوزارة منعوا من دخول حقل نفط الرميلة التابع لشركة “بي بي”.

التحقيق يكشف عن معلومات تعرض لأول مرة حول نسب التلوث التي يتعرض لها سكان المنطقة الذين يعيشون في نطاق عشرة كيلومترات حول منطقة حرق الغاز في حقول النفط التي تديرها شركات: “بي بي” و “إني” و”لوك أويل”. ويعد حرق الغاز على هذه المسافة القريبة من المناطق السكنية مخالفاً للقوانين العراقية.

شركة النفط البريطانية بي بي قالت لـ”بي بي سي” عربي إنها تبحث كيفية التعامل مع المشكلات التي أثارها التحقيق الذي أجرته “بي بي سي”، والذي يشير إلى وجود البنزين في الجو بنسب تركيز مرتفعة بالقرب من مناطق حرق الغاز المنبعث من حقل الرميلة أكبر حقول النفط العراقية الذي تعد شركة بي بي أكبر المتعاقدين العاملين به.

وحسب منظمة الصحة العالمية فإن التعرض للبنزين بأي نسبة تركيز يعد خطراً حيث إنه يعد من الكيماويات المسرطنة ويسبب أمراضاً مثل سرطان النخاع الشوكي الحاد.

وفي نسخة جديدة مختصرة من تحقيق بعنوان “تحت سماوات مسممة” يتتبع البرنامج “علي” الطفل الذي نجا من مرض سرطان الدم والذي يروي قصة نشأته قرب حقل النفط الذي كشفت “بي بي سي” عن أنه أكثر الأماكن تلوثا على سطح الأرض.

يكشف التحقيق تأثير حرق الشركات العملاقة للغاز على سكان بعض مناطق العراق وكذلك على التغيرات المناخية حول العالم.

وينتج عن حرق الغاز، وهي عملية حرق فائض الغاز الطبيعي أثناء استخراج النفط، ملوثات سامة يمكن أن تؤثر على صحة البشر وتساهم في ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الجو لأنها تطلق غازي ثاني أكسيد الكربون و الميثان.

طلبت “بي بي سي” من عالم المناخ البرفيسور شكري الحسن بالتعاون مع عدد من الخبراء العالميين إجراء إختبار للتلوث في ثلاثة عشر تجمعا لسكان يعيشون بالقرب من أماكن حرق الغاز حول مدينة البصرة العراقية. وفي عملية مراقبة التلوث أخذت عينات بول من أطفال لمعرفة ما إذا كانت هذه العينات تحتوي على مواد سامة ناتجة عن حرق الغاز.

أشارت نتائج الاختبارات إلى أن جميع عينات البول التي أخذت من الأطفال الاثنين والخمسين كانت بها مستويات عالية من مواد مسرطنة محتملة.

كما رصدت عملية مراقبة تلوث الهواء مستويات من البنزين وصلت إلى ثلاثة أضعاف النسبة المسموح بها في العراق . كما أنها تخطت بكثير النسبة المأمونة في كل أرجاء البلاد وهي النسبة التي تقول منظمة الصحة العالمية إنها يجب أن تكون صفراً.

وعقب التحقيق أكد وزير البيئة العراقي حينئذ، جاسم الفلاحي، أن حرق الغاز يعد السبب الرئيسي في زيادة نسبة الإصابة بالسرطان في جنوب العراق. و في حديثه لبرنامج “بلا قيود” على بي بي سي عربي، قال الوزير إن وزارة النفط منعت موظفي وزارة البيئة من الدخول إلى حقل الرميلة النفطي.

وفي آخر يوم في منصبه الوزاري أعلن وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إسماعيل أن حرق الغاز في حقول نفط جنوب العراق سيتوقف بحلول عام ألفين وستة وعشرين أي قبل أربع سنوات من الموعد الأصلي الذي حدد من قبل.

“علي” البالغ من العمر تسعة عشر عاماً والذي شفي من مرض سرطان الدم والذي يقوم بدور الراوي في الوثائقي القصير قال إن ممثل عن حقل الرميلة النفطي زاره في اليوم التالي لإذاعة الوثائقي. يقول علي “أخبرته عن ما أصابني من مرض بسبب التلوث وسألته إن كان من الممكن أن تعوضني شركة بي بي عما سببته لي من ضرر صحي. لكنني لم أتلق منه رداً منذ ذلك الحين”.

يقول البروفيسور شكري الحسن: من الممكن تجميع هذا الغاز واستخدامه، لكننا هنا في العراق نحرقه فقط.

وثائقي “تحت سماوات مسممة” يكشف أيضاً أن شركة “بي بي” تعد من شركات النفط التي تخفي المعلومات الحقيقية المتعلقة بكمية الانبعاثات الناجمة عن حرق الغاز. وأن كلا من شركات: “بي بي” و”إني” و”لوك أويل” تستغل ثغرات لتجنب الإعلان عن حجم الانبعاثات الناجمة عن حرق الغاز في حقول النفط .

وحسب القواعد الصناعية فإن شركات النفط غير ملزمة بالكشف عن الانبعاثات الناتجة من حقول النفط طالما أنها ليست المشغل الرسمي لها. ويشمل ذلك الأماكن التي تقوم فيها بدور المتعاقد الرئيسي ويقع ضمن سلطاتها إصدار العديد من القررات الرئيسية.

شركة “بي بي” أبلغت “بي بي سي” بالتالي: تماشياً مع الممارسات المتعارف عليها في صناعات الغاز والنفط، فإن “بي بي” تقدم تقارير عن حرق الغاز والانبعاثات الناجمة عن الأنشطة التي تكون الشركة هي المشغل لها… لذلك فإن عملية حرق الغاز في حقل الرميلة والمعلومات الخاصة بهذه العملية لا تتضمنها  التقارير التي نصدرها.

شركتا “لوك أويل” و”إني” أبلغتا “بي بي سي” بأنهما غير ملزمتين بإصدار بيانات عن عملية حرق الغاز في حقول النفط التي لا تشغلانها.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى