حقوق

هيومن رايتس ووتش: لبنان يشهد أكبر تدهورٍ حقوقيٍّ منذ عقود

انفجار مرفأ بيروت، التدهور الاقتصادي الحادّ، عدم الاستقرار السياسي، وجائحة كورونا، كلُّها عوامل متزامنة عايشها لبنان خلال العام الماضي، وفشل الطبقة الحاكمة في التعاطي معها زاد الوضع سوءًا.

في النسخة الـ31 من التقرير العالمي 2021، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ فساد السلطة في لبنان وعدم معالجتها الأزمات السياسية والاقتصادية الخانقة تسببا بأكبر تدهورٍ حقوقيٍّ يشهده لبنان منذ عقود.

في سبع صفحاتٍ، يفنّد التقرير هذه الأزمات وواقع حرية التجمّع والتعبير في لبنان، البيئة والصحّة، حقوق المرأة، التوجّه الجنسي والهوية الجندرية، التّعليم، العمّال المهاجرين، اللّاجئين، إرث الصراعات والحروب الماضية، وتدخّل الجهات الفاعلة الدّولية.

من المآسي التي يتطرق إليها التّقرير والتي أصبحت جزءًا لا يتجزّأ من ذاكرة اللّبنانيين ويومياتهم:

–       اللّيرة اللّبنانية فقدت 80% من قيمتها منذ أكتوبر 2019، ممّا حال دون قدرة المواطنين على تأمين حاجاتهم الأساسية بما في ذلك الطعام، والسكن، والرعاية الصحية.
–       الأزمة الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا أثّرا على قدرة المستشفيات على تقديم الخدمات الطبية.
–       انقطاع التيار الكهربائي بشكلٍ متزايدٍ وصل إلى 22 ساعة تقنين خلال فصل الصّيف.
–       في 4 آب، تسبّب انفجار مرفأ بيروت بمقتل أكثر من 200 شخص وجرح ما يزيد عن 6000، وشرّد 300,000 شخص من بيوتهم.
–       أثّر الانفجار على امدادات لبنان الغذائية، فلبنان يستورد85% من حاجاته الغذائية، و70% من واردات البلاد تمرّ عبر مرفأ بيروت.
–       الانفجار طال 163 مدرسة حكومية وخاصة، وعطّل عمل نصف مراكز الرعاية الصحية في بيروت.
–       أثار أهالي ضحايا انفجار المرفأ والمجموعات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني، ومنها هيومن رايتس ووتش، مخاوف جدية بشأن مصداقية واستقلالية التحقيق في القضية.
–       القوى الأمنية، بما فيها الجيش وقوى الأمن الداخلي وشرطة مجلس النّواب استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين في عدّة مناسبات بعد 17 تشرين الأول 2019.
–       واصلت السلطات اللّبنانية التحقيق مع الناشطين والمتظاهرين ومحاكمتهم وإحالة المدنيّين إلى محاكم عسكرية.
–       لا تزال النساء والأطفال يواجهون التمييز بموجب قوانين الأحوال الشخصية وعلى أساس الدين، ولا يزال زواج الأطفال والاغتصاب الزوجي قانونيين.
–       على عكس الرجل، لا تستطيع المرأة اللّبنانية إعطاء جنسيتها إلى أطفالها وزوجها الأجنبيّ.
–       يوجد في لبنان مليون ونصف مليون نازحٍ سوري، 78% منهم وضعهم غير قانوني، في ازدياد للنسبة عن السنة الماضية.
–       تفاقم وضع عاملات المنازل المهاجرات والخاضعات لنظام الكفالة المُقيِّد والمستبعدات من حماية قانون العمل، وسط الأزمة الاقتصادية ووباء كوفيد -19.

تعقيبًا على ذلك، يشير رئيس مؤسسة جوستيسيا للإنماء وحقوق الإنسان د. بول مرقص إلى أنّ الأحداث التي جرت خلال عام 2020 تؤثر في صميم حقوق الإنسان وتؤدي إلى تراجعها، إذ أنّ حقوق الإنسان لا تقتصر على الحقوق المدنية والسياسية، بل تشمل أيضًا تلك الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي فإنّ موجات الصرف من العمل وعدم دفع الأجور كاملةً التي رافقت فترات الإقفال الطويلة، وارتفاع نسبة الفقر لتشمل 50% من اللّبنانيين و80% من اللّاجئين المقيمين على الأراضي اللّبنانية، وخسارة اللّيرة 80% من قيمتها، وتبعات انفجار مرفأ بيروت، عوامل أدّت إلى تقهقر حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية.

ويضيف مرقص أنّ الحقوق المدنية والسياسية شهدت تراجعًا عقب استدعاء الصحفيين والناشطين على خلفية التعبير عن آرائهم السياسية في منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتعامل بقساوة مع المتظاهرين مع ضرورة التمييز بين المتظاهرين السلميّين ومثيري الشّغب، لافتًا إلى أنّ العدد الدقيق للمتظاهرين الذين ألقت قوى الأمن الداخلي القبض عليهم ليس معروفًا، ولكن يُشاع أنّ ثمّة 409 متظاهرين أصيبوا خلال ليلتين متتاليتين من المواجهات، ولم تعلن نتائج التحقيقات في هذه الأحداث رغم الاستخدام الواضح لوسائل الشّدة ضدّ المتظاهرين.

وعلى المستوى الدّولي، يشير مرقص إلى أنّ موقف لبنان أمام مجلس حقوق الإنسان ليس مشرّفًا، والهيئات الوطنيّة التي نصّت عليها القوانين الصادرة حديثًا في لبنان غير فاعلة باستثناء لجنة حقوق الإنسان ولجنة المرأة والطفل النيابيتين، مع الإشارة هنا أنّ لجنة المرأة والطفل حقّقت تقدّمًا نوعيًا على المستوى الحقوقي من خلال إقرار قانون مكافحة التحرّش الجنسي وغيره من التشريعات، ممّا يضيء شمعةً في ظلام حقوق الإنسان في لبنان.

آلاء ترشيشي

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى