منوعات

مدارس خاصّة في طرابلس: “دولرة” الأقساط وتجاهل قرار وزير التربية

مطلع شهر تشرين الأوّل الجاري تلقى أهالي طلّاب مدرسة البيان الإسلامية في منطقة أبي سمراء بطرابلس، كتباً ورسائل نصّية من إدارة المدرسة على هواتفهم الخليوية، طلبت منهم “التقدّم لشراء الزيّ المدرسي لأبنائكم من مكتبة المدرسة، بدءاً من 6 تشرين الأوّل الجاري وحتى نهاية الشهر كحدّ أقصى، وإلّا سنقوم آسفين بعد هذا التاريخ بمحاسبة أيّ طالب لا يرتدي الزيّ المدرسي الجديد”.

شكّلت هذه الرسائل والكتب مفاجأة غير سارة للأهالي الذين يرزحون تحت عبء الأزمة الإقتصادية الخانقة وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، ما دفع قسماً كبيراً منهم، وخصوصاً الموظفين والعمال الذين يتلقون رواتبهم بالعملة المحلية، ولم يطرأ عليها سوى تحسّن بسيط من حيث الزيادة، إلى نقل أبنائهم باتجاه مدارس خاصة أخرى أقلّ تكلفة وأعباءً من حيث الأقساط والرسوم والمستلزمات المدرسية الأخرى، من كتب وقرطاسية وأزياء مدرسية ونشاطات متفرقة.

ومع أنّ إدارة المدرسة برّرت خطوتها بأنّها تأتي “حرصاً من الإدارة على إظهار الصورة الجمالية للمدرسة والطلّاب ومظهرهم الذي يليق بهم، وأنّها اختارت لتلامذتها لباساً مدرسياً ورياضياً مميزاً، ملزم لجميع الطلاب”، فإنّ بعضاً من أهالي الطلّاب أوضحوا لـ”احوال” أنّه “تبيّن لنا بأنّ سعر الزيّ الجديد يتراوح بين 90 دولاراً للذكور، و160 دولاراً للإناث، وبأنّ سعر هذا الزيّ يساوي تقريباً قيمة القسط بالدولار الذي فرضته المدرسة على الأهالي، فضلاً عن الجزء المتبقي من القسط الذي حدّدته بالليرة اللبنانية”.

وفي حين لم يتضح ما هو الإجراء الذي هدّدت المدرسة باتخاذه بحقّ الطلاب الذين لن يلتزموا شراء الزيّ الجديد، إستغرب الأهالي أن “تقوم المدرسة بهذه الخطوة في هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الجميع”، لافتين إلى أنّه “لن نسكت على ما يجري، وسنرفع شكاوى بحقها إلى وزارة التربية إذا اقتضى الأمر، وأصرّت على المضي في قرارها”.

فرض إدارة مدرسة البيان الإسلامية على أهالي طلّابها شراء الزيّ المدرسي على هذا النحو، شأنها شأن أغلب المدارس الخاصّة، لا يعتبر فقط إستغلالاً منها لذوي الطلاب لديها بل مخالفة قانونية ترتكبها، لأنّ القانون الذي يُنظّم عمل المدارس الخاصّة في لبنان لم يأتِ على ذكر أحقية هذه المدارس في فرض زيّ خاص بها على الطلّاب، إنّما طلبت وزارة التربية فقط من هذه المدارس تحديد ألوان الزيّ المدرسي الخاص بها.

لكنّ إستغلال ومخالفات المدارس الخاصّة في طرابلس لم تقتصر عند هذا الحدّ، إذ برغم أنّ وزير التربية عبّاس الحلبي منع هذه المدارس من قبض جزء أو كلّ أقساط طلّابهم بالدولار الأميركي، بل بالليرة اللبنانية فقط، محذّراً أيّ مدرسة تخالف قراره بالمحاسبة، فإنّ المدارس خاصة بأغلبيتها لم تستجب له، واستمرت في متابعة تنفيذ قرارها بـ”دولرة” أقساطها وكأنّ شيئاً لم يكن، من غير أن تبالي بقرار الوزير أو تفكّر في الإلتزام به.

مدرسة روضة الفيحاء مثلاً، وهي إحدى المدارس الكبرى في طرابلس، أبلغت أهالي الطلّاب بقيمة أقساطها السنوية بعد صدور قرار الوزير، بالدولار والليرة اللبنانية، وهي تراوحت بين 7 و9 ملايين ليرة و 300 ـ 400 دولاراً لصفوف الروضات، وارتفع القسط إلى 10 ملايين ليرة و450 دولاراً لطلّاب الحلقة الأولى، و11 مليوناً و450 دولاراً لطلّاب الحلقة الثانية، و12 مليوناً و500 دولاراً لطلّاب الحلقة الثالثة.

على المنوال ذاته سارت مدرسة النّور الإسلامية التي حدّدت أقساطها بالطريقة نفسها، وهي تراوحت بين 3 ـ 4 ملايين ليرة و150 دولاراً لصفوف الروضات، و4 ملايين ليرة و160 دولاراً لطلّاب الحلقتين الأولى والثانية، و5 ملايين ليرة و170 دولاراً لطلّاب الحلقة الثالثة.

لكنّ اللافت أنّ مدرسة العزم التي يملكها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والذي يُعدّ من أغنى أثرياء لبنان، حلّت في المرتبة الأولى لجهة إرتفاع أقساطها، سواء بالليرة أو الدولار، بعدما تجاوزت أقساطها 900 دولاراً و12 مليون ليرة، ما دفع كثير من الأهالي لنقل أبنائهم نحو مدارس خاصّة أخرى، بعد إعتصامات أقاموها أمام مقرّ المدرسة إحتجاجاً.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى