سياسة

تقرير يكشف دور حزب الله في الترسيم

قبل موافقة الحكومة اللبنانية على اتفاق تم التوصل إليه بوساطة أميركية لتسوية نزاع على الحدود البحرية بدأ قبل عشرات السنين مع إسرائيل، كان حزب الله قد راجع المسودة النهائية بدقة وأعطى إشارة القبول.

ومن المؤكد أن حزب الله لم يكن قريباً من قاعة المفاوضات خلال حركة الدبلوماسية المكوكية الأميركية التي أبرمت الاتفاق التاريخي الأسبوع الماضي.

ولكن مسؤولين على اطلاع بتفكير حزب الله ومسؤول لبناني كبير ومصدر غربي مطلع على العملية قالوا إنه وراء الكواليس، كانت الجماعة التي تمتلك ترسانة ضخمة من السلاح تدقق بالتفاصيل وعبرت عن رأيها حتى مع تهديدها بالعمل العسكري إذا لم يتم تأمين مصالح لبنان،.

ويمثل اتفاق ترسيم الحدود البحرية، الذي وصفته الأطراف الثلاثة بأنه إنجاز تاريخي، ابتعاداً دبلوماسياً عن حرب وعداء على مدى عقود بالإضافة إلى أنه سيفتح الباب أمام التنقيب البحري عن الطاقة.

وقال أحد المصادر المطلعة على تفكير حزب الله لوكالة “رويترز” إن “قيادة حزب الله دققت بالتفاهم سطراً سطراً قبل اعطاء الموافقة عليه”.

ويرى حزب الله، وهو أكثر انخراطاً من أي وقت مضى في شؤون الدولة، أن استغلال النفط والغاز البحري هو السبيل الوحيد للبنان للخروج من الانهيار المالي المدمر الذي أصاب جميع اللبنانيين بشدة، بما في ذلك جمهوره الشيعي الكبير.

ورغم إعلان حزب الله مراراً أنه لا يخشى الحرب مع اسرائيل إلا أنه يقول إنه لا يسعى إلى الدخول في حرب مع عدو لدود قام بغزو لبنان في عامي 1978 و1982.

“الخراب” أو الواقعية

سيشكل اكتشاف الطاقة، رغم أنه ليس كافياً بمفرده لحل مشاكل لبنان الاقتصادية العميقة، نعمة كبيرة مع توفيره العملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها وربما في يوم من الأيام يخفف من انقطاع التيار الكهربائي.

وقال نائبان من حزب الله لـ”رويترز” إن الجماعة منفتحة على فكرة الصفقة كمسار لتخفيف بعض المشاكل الاقتصادية في لبنان.

وقال سامي عطا الله، المدير المؤسس للمركز اللبناني للدراسات السياسية، “كان عليهم التعامل معها بطريقة عملية وليس أيديولوجية”، واصفاً دور حزب الله بأنه حاسم.

وأضاف “كانوا يعلمون أن لديهم القدرة على إحداث الفوضى إذا أرادوا ذلك – لكن ذلك كان سيأتي بتكلفة باهظة”.

وقال المسؤول اللبناني والمصدر الغربي المطلع على العملية إن اللواء عباس إبراهيم المسؤول الأمني ​​اللبناني الكبير الذي التقى أيضاً بالمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين مرات عدة أبلغ قيادة حزب الله بالمقترحات الأميركية.

وقال المصدر الغربي إن حزب الله نقل في وقت ما إحباطه من بطء وتيرة المحادثات إلى هوكشتاين عبر إبراهيم.

ورداً على سؤال حول دور حزب الله قال رئيس وحدة الاعلام في حزب الله محمد عفيف إن الدولة خاضت المفاوضات “ونحن وقفنا خلفها”. وقال “أما نحن فكنا معنيين بحصول لبنان على حقه في ثرواته”.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن المفاوضات أجريت مع القيادة السيادية للبنان ولم تشمل محادثات مع حزب الله.

السلام لا يزال بعيداً

أعطى حزب الله الضوء الأخضر لتفاصيل مثيرة للجدل. وشمل ذلك إشارة ضمنية إلى الترتيبات التي ستؤدي إلى حصول إسرائيل على حصة من عائدات حقل قانا، الذي اعتبره لبنان بالكامل في مياهه، لكن إسرائيل قالت إنها جزء منه.

وقال النائب جبران باسيل، الذي تابع المحادثات عن كثب، لـ”رويترز” إن الحل الدبلوماسي يتطلب من شركة “توتال إنرجي” الفرنسية، التي من المقرر أن تقوم بالتنقيب نيابة عن لبنان، إبرام صفقة منفصلة مع إسرائيل تحصل بموجبها على جزء من العائدات، متجاوزة أي مشاركة لبنانية.

وقال مصدران دبلوماسيان فرنسيان إن مسؤولين فرنسيين التقوا بممثلي حزب الله بشأن الاتفاق الشامل.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن فرنسا ساهمت بفاعلية في الاتفاق “لا سيما من خلال نقل الرسائل بين الاطراف المختلفة بالتنسيق مع الوسيط الاميركي”.

وعلى الرغم من تضافر جميع الاطراف للتوصل لهذا الاتفاق إلا أن السلام لا يزال بعيد المنال بين الدولتين المتنازعتين حول العديد من القضايا، ومع نفوذ حزب الله المترسخ بعمق في بيروت.
ولكن بعد مرور أكثر من 16 عاماً على الحرب الأخيرة، يمكن للفوائد التي يتم جنيها من أي إنتاج للغاز أن تساعد في درء الحرب. وقال مصدر مطلع على تفكير حزب الله “بمجرد وصول الأنابيب إلى الماء، تصبح الحرب بعيدة”.

المصدر :رويترز

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى