سياسة

التغييريون من “ثوار” إلى “أكسسوار”!

سريعاً تصدعت تجربة النواب التغييريين تحت وطأة الخلافات الحادة بينهم حول كيفية مقاربة الاستحقاقات السياسية التي واجهوها، وما زالوا، منذ دخولهم إلى مجلس النواب قبل أشهر قليلة.

وقد أتى إخفاق هؤلاء النواب في الفوز بعضوية أي من اللجان النيابية ليترجم حجم التخبط الذي يعانون منه، مهما حاول بعضهم تجميل الخسارة التي وضعتهم خارج المطبخ التشريعي كليّاً.

ولكن التشظي الأكبر عكسه التباين الذي ظهر داخل صفوف التغييريين في التعامل مع عشاء السفارة السويسرية المؤجل، بعد دعوة النائب ابراهيم منيمنة إليه وموافقته على المشاركة فيه، من دون أن يبلغ زملاءه، ما تسبب في ردود فعل سلبية لدى عدد منهم، كان أكثرها حدة ما صدر عن النائب وضاح الصادق الذي اعترض على العشاء بشدة، ليصيب بـ”النيران الصديقة” زميله منيمنة.

وتلاحقت مظاهر التفسخ في تكتل التغيير مع رد منيمنة على النائب مارك ضو معتبراً أن ما أورده حول حيثيات انتخابات اللجان وهيئة مكتب المجلس غبر دقيق “واحتراماً للزمالة سأكتفي بذلك الآن” كما ورد في تغريدته.

وتواصل تدحرج حجارة الدومينو مع إعلان النائب ميشال دويهي عن انسحابه من تكتل نواب التغيير احتراماً للبنانيين واَللسياسة، داعياً إلى إنهاء تجربة التكتل ومنح كل عضو فيه حريته الكاملة.

ولعل الطبقة السياسية هي من أكثر الشامتين بما آل إليه وضع التغييريين الذين دخلوا إلى الندوة النيابية تحت شعار محاربة “المنظومة” وتفكيكها من الداخل، فكانت النتيجة تفككهم هم وصمود “المنظومة” المخضرمة، بعدما ثبت أن قواعد اللعبة المعتمدة في الشارع لا يمكن أن تسري في المجلس.

والمفارقة المدوية تكمن في تداعي تكتل التغيير في 17 تشرين الأول تحديداً، أي في تاريخ اندلاع شرارة الانتفاضة الشعبية الشهيرة، ما شكل صدمة للذين راهنوا على أن يكون النواب الجدد امتداداً للانتفاضة وأمناء على تطلعاتها.

وبهذا المعنى، فإن أولئك النواب خذلوا من صدّقهم وانتخبهم وتحولوا من أمل للبعض إلى خيبة امل، ولكنهم شكلوا في المقابل أجمل هدية وأفضل خصم – حليف للطبقة السياسية بعدما عززوا بسلوكهم المضطرب موقعها وفشلوا في أن يكونوا البديل المفترض.

هذا الضعف سهّل على على حوت النظام ابتلاع سمك التغييريين الذين أثبتوا عجزهم وافتقارهم إلى الحنكة والخبرة في كل المعارك التي خاضوها، لينتهي بهم المطاف إلى التبعثر الذي من شأنه أن يضعف تأثيرهم وأن يحليهم من “ثوار” إلى مجرد “أكسسوار” في المجلس النيابي.

لقد أصبح التحدي الذي يواجه التغييريين هو أن ينجحوا في لملمة صفوفهم بالدرجة الأولى قبل أن يتصدوا لمهام أخرى أشد تعقيداً وبالتالي صاروا بحاجة إلى مبادرة تنقذهم من السقوط الكامل قبل أن يستمروا في مبادرتهم للتوافق على اسم رئيس الجمهورية.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى