سياسة

البخاري في طرابلس: السّعودية تبحث عن إستعادة نفوذها في الشّارع السنّي

يحلّ السفير السّعودي في لبنان وليد البخاري، السّبت 8 تشرين الأوّل الجاري، ضيفاً على طرابلس، حيث سيقيم له رجل الأعمال محمد أديب، شقيق سليمة أديب زوجة النائب أشرف ريفي، مأدبة غداء تكريمية في منتجع “ميرامار”، يُنتظر أن يسبقها ويعقبها جولة يقوم بها البخاري على عدد من الشّخصيات السّياسية والدينية في عاصمة الشّمال.

زيارة البخاري إلى طرابلس ليست الأولى التي يقوم بها للمدينة، إذ سبقتها زيارات عدّة له، لكنّ هذه الزّيارة يبرز فيها أنّ مادبة الغداء المذكورة ستكون حاشدة، إذ دُعي لها أغلب نوّاب طرابلس والشّمال، وفق مصادر مطلعة على أجواء الزيارة، وفاعليات سياسية وإقتصادية ودينية وأمنية ووجوه تمثل عائلات المدينة المختلفة.

وأوضحت المصادر أنّ السفير السّعودي “إطلع بنفسه على لائحة المدعوين للمأدبة، ودقّق فيها إسماً إسماً، وأنّه طلب إضافة بعض الأسماء التي سقطت من لائحة المدعوين، كما أنّه حرص على دعوة ممثلي العائلات الطرابلسية وعدم الإقتصار على شخصيات الصفّ الأوّل من نوّاب وقيادات على اختلافها، في مسعى منه لقيام علاقة مباشرة بينه وبين ممثلي هذه العائلات”.

وأضافت المصادر بأنّ “أغلب من سيحضرون المأدبة كان البخاري قد إلتقاهم سابقاً، سواء بزيارته لهم، أو زيارتهم له في مقرّ السّفارة السعودية أو منزله، وأنّ بعض هذه اللقاءات كان علنياً والآخر لم يكشف عنه”.

توسيع سفير السعودية في لبنان مروحة لقاءاته وإجتماعاته مع قيادات وفاعليات مختلفة في مختلف الأوساط اللبنانية، وتحديداً ضمن الطّائفة السنّية، وليس الموالين أو المقربين من السّعودية فقط، في لقاء يأتي بعد لقائه بأغلب نوّاب الطائفة السنّية في منزله بالرابية في 24 أيلول الفائت، بعد إجتماع موسّع لهم عقدوه في دار الفتوى بدعوة من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.

وكشف مطلعون على أجواء لقاء البخاري مع نواب سنّة بأنّه “كان فاتراً، ولم يسفر عن أيّ نتيجة تجعل سفير المملكة له مونة سياسية عليهم، والدليل أنّهم ذهبوا بعد خمسة أيّام من اللقاء به إلى أول جلسة عقدت لانتخاب رئيس للجمهورية، في 29 أيلول، متفرقين وغير موحدين خلف إسم مرشّح واحد، بل تشتّت أصواتهم في أكثر من إتجاه.

إضافة إلى ذلك، فإنّ لقاء البخاري يومها مع نوّاب سنّة، وفق المطلعين، “لم يخلو من نقد وعتب شديد على سياسة المملكة تجاه لبنان، لجهة عدم دعمه لمواجهة الإنهيار الذي يشهده على جميع الصعد، وأنّ أحد الحاضرين لفت نظر البخاري إلى أنه إذا كانت المملكة مستاءة وغير راضية عن عرض إيران تزويد لبنان بالفيول لتشغيل معامل الكهرباء، فلما لا تقوم هي بهذه المهمة، ولماذا تغيب كليّاً عن المشهد اللبناني، وتحديداً السنّي، وتخلت عن نفوذها داخل الطائفة السنّية بعد طيّها صفحة الرئيس سعد الحريري، الذي وجد نفسه مضطراً بعد ذلك إلى تعليق عمله السياسي، وكذلك الأمر بالنسبة لتيّار المستقبل وأفراد عائلته.

كما سمع البخاري يومها تلميحات من بعض الحاضرين تنتقد وتعبّر عن “رفضها أن يكون مدخل السعودية إلى الطائفة السنّية عبر شخصيات سياسية من طوائف أخرى، كرئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع، أو عبر شخصيات سنّية لا وزن ولا تأثير لها”.

كلّ هذه الملاحظات يبدو أنّ البخاري أخذها أو أخذ بعضها بعين الإعتبار، إنسجاماً مع سياسة السعودية الجديدة تجاه لبنان، التي تتلخص في عدم حصر نفوذها عبر شخصية واحدة كما كان الحال أيّام الرئيس الراحل رفيق الحريري ونجله سعد، أو عبر حزب أو تيّار محدّد دون غيره، وأنّ السعودية التي تعلمت من أخطاء الماضي، يبدو أنّها قرّرت أن لا تضع بيضها السّياسي في سلّة واحدة.

وسط هذه الأجواء تأتي زيارة البخاري الأخيرة إلى طرابلس، التي أفادت معلومات أنّه سوف يبدأها بزيارة النائب السابق فيصل كرامي، وزيارة جامعة المدينة التي يشرف عليها كرامي، وزيارة النائبين طه ناجي وكريم كبارة وغيرهما من النواب، يليها زيارات إلى شخصيات وفاعليات قبل مأدبة الغداء وبعدها، في جولة طرابلسية وشمالية طويلة سوف يمضيها السّفير السّعودي في العاصمة الثانية، من غير أن يتضح إن كانت هذه الجولة ستظهر نتائجها سريعاً، وستعيد النفوذ السعودي في لبنان إلى سابق عهده، أم أنّ الأمر يحتاج لوقت طويل، وإلى بلورة مواقف في ضوء التطوّرات التي يتوقع أن يشهدها لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى