منوعات

العقوبات على باسيل… سطوة أميركية ومخالفة دستورية

العقوبات على باسيل.. سطوة أميركية ومخالفة دستورية

 

بعد تهديدٍ ووعيدٍ، فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوباتٍ على رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل مستندةً إلى قانون ماغنيتسكي الذي يستهدف الفساد والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم. القانون صدر عام 2012، وعدّل عام 2017 لإعطائه البُعد الدّولي. وإنطلاقاً منه، أعطت الولايات المتحدة الأميركية لنفسها الحق في فرض عقوبات اقتصادية على أيّ شخصيةٍ في العالم ووضعها على لائحة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC).

 

بين القانون والقوة.. الغلبة لأميركا

عن الأطر القانونية والتشريعية لهذه العقوبات على شخصية لبنانية رسمية وتداعيات تطبيقها والإجراءات المتوقعة، يتحدّث الخبير الدّولي في القوانين المالية والمصرفية المحامي علي زبيب لـ ” أحوال”، فيؤكّد أنّ القوانين الثلاثة (ماغنيتسكي ومنع تمويل حزب الله HIFPA وقيصر) قوانين أميركية لا طابع دولي لها، وبالتالي هي تُطبّق في الولايات المتحدة الأميركية.

أمّا في الواقع، فإنّ السّطوة الأميركية المالية والاقتصادية والسياسية تجعل تطبيق هذه القوانين أمراً إلزامياً. وعليه، إنّ المؤسسات المالية في مختلف الدول، بما فيها تلك اللّبنانية، ملزمة بالانصياع لهذه القوانين وللوائح العقوبات. فوزارة الخزانة تبلغ مؤسساتها المصرفية بعدم جواز التعامل مع أي مؤسسة مالية أو مصرفية دولية أو شركة تجارية أو شخصية طبيعية أو معنوية لا تمتثل إلى القوانين الأميركية، والمؤسسات المالية اللّبنانية لها مصارف مراسلة في الولايات المتحدة، وهي لا تقوى على الاستمرار بعملها بشكل طبيعي في منأى عنها، ولا سيّما أنّ الاقتصاد اللّبناني مدولر وكافة العمليات الدولية تجري عبرها.

 

قيام المصارف بإقفال حسابات نائب في البرلمان مخالفة دستورية

المادة 27 من الدستور تنصّ على أن عضو مجلس النّواب يمثّل الأمّة جمعاء، والمادة 39 تنص على أنه لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يُبديها مدّة نيابته، والمادة 40 تنصّ على أنّه لا يجوز أثناء دور الانعقاد اتخاذ اجراءات جزائية ضدّ أيّ عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً، إلّا بإذنٍ من المجلس.

بناءً على ما تقدّم، يشير المحامي علي زبيب إلى أنّ قيام مصرف لبناني بإقفال حساب مصرفي لنائب لبناني هو قبول باتهام جزائي بالفساد أو تمويل الإرهاب أو غيرها من التهم، وفي قبول ذلك من دون إذن المجلس يرتكب المصرف مخالفةً دستوريةً واضحة قد تفضي إلى ملاحقته قضائياً في لبنان.

 

هل تطال العقوبات على باسيل حسابات الأصول والفروع؟

التداعيات القانونية لهذه العقوبات تطال فقط الأشخاص المدرجة أسماؤهم على لائحة OFAC، لا أفراد عائلاتهم، إلّا أنّ المؤسسات المالية والمصارف تقوم عادةً بتنفيذ إجراءات تقليص المخاطر وفق ما يشير زبيب، وبالتالي فهي تُفضّل تجميد أو إقفال حسابات الأصول والفروع مخافة أن تكون هذه الشخصيات قد قامت بعمليات مالية مشبوهة كتهريب للأموال والحسابات والأصول المنقولة وغير المنقولة إليهم، ولكن من حيث النص القانوني، لا يجب أن تطال الإجراءات الأولاد والأزواج.

وفي لبنان، يمكن للمصرف أن يقوم بتجميد مؤقت لهذه الأصول ويبلغ هيئة التحقيق الخاصة، وهي وحدة التقصي المالي الوطني، التي تقوم بالتقصّي وبالتحقيقات اللّازمة، لتقرّر تجميد هذه الأصول أو إفادة المصرف بعدم وجود أي شبهات وبالتالي انتفاء الحاجة إلى إقفال هذه الحسابات أو تجميدها.

 

باسيل ممنوع من السفر إلى أميركا وغيرها

في ما يخص الضوابط على السفر، يشير زبيب إلى أنّ الأشخاص المدرجين على لائحة العقوبات ممنوعون كلّياً من السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية أو إلى أيِّ منطقةٍ تابعةٍ لها، كما تُسحب منهم التأشيرة المعطاة سابقاً والامتيازات الأخرى. قانونياً، لا مانع من السفر إلى دولٍ أخرى، ولكنّ عدداً كبيراً من دول العالم وسعياً منها لإرضاء أميركا، تعيق عملية السفر واستصدار تأشيرات دخول لهذه الشخصيات إليها.

 

 

المسار القانوني للطعن بقرار العقوبات

باسيل أبدى رغبته بمواجهة العقوبات الأميركية قانونياً عبر مكتب محاماة أميركي، وفي هذا الإطار يلفت زبيب إلى وجود عدّة إجراءات يحق للشخصيات المدرجة على لائحة العقوبات القيام بها، بدءاً من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة حيث يمكن تقديم طلب إعادة نظر لإزالة الاسم من اللائحة أو إثبات القيام بخطوات إصلاحية، إلّا أنّ الأمر قد يستغرق سنوات، لذا يحق لهذه الشخصيات إقامة دعوى قضائية وفقاً لقانون الإجراءات الإدارية أمام محكمة مقاطعة كولومبيا بحجة خرق الحريات الشخصية.

 

عقوبات أخرى قد تطال باسيل

ورود اسم النائب جبران باسيل على لائحة العقوبات تحت قانون ماغنيتسكي لا ينفي إمكانية فرض عقوبات أخرى عليه وفق قانون آخر، كما أكّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وهو بذلك يغمز من قناة قانون HIFPA، وذلك يحتّم نتيجة مشابهة للوضع الحالي مع إختلافٍ في التوصيف، بين اتهام بالفساد واتهام بتسهيل وتمويل ودعم منظمة تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية.

 

 

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى