مجتمع

عندما “تنزاح” الكورونا عن صدور اللبنانيين!

بعد ثلاث سنوات من “جلوس” وباء الكورونا على صدور اللبنانيين، وما كاد يدير ظهره حتى بدأت القرى والبلدات والمدن اللبنانية تستعيد عافيتها ونشاطها رغم كل الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية والحياتية التي ما تزال رابضة على كواهل اهل هذا الوطن علّها تحبط من عزيمتهم على الحياة ولكنها بالتأكيد لن تستطيع فالمجتمع الذي توجد عنده إرادة الحياة لن تستطيع قوة على الأرض تركيعه.

واكبر مثال في هذا المجال هو قرية اصنون التي لا يتعدى عدد منازلها السبعين والتي جعل منها التوسع العمراني متعانقة مع مدينة زغرتا. ففي هذه القرية تداعى منذ اندلاع الحروب والصراعات على الأرض اللبنانية قبل نحو خمسة عقود شباب متحمسون لسد النواقص الحاصلة من تراجع وجود الدولة، وبسبب عدم وجود بلدية، فأطلقوا على تجمعهم اسم ” جمعية مار يعقوب الخيرية في أصنون” التي بدأت باجتراح الحلول للأزمات التي ظهرت من جراء الحرب فعمدت بمساعدة أهل الخير من ابناء البلدة المقيمين او المنتشرين داخل وخارج الوطن، على حفر بئري ماء لتزويد منازل القرية بما تحتاجه، واشترت مولد كهرباء لسد النقص الذي يحصل في “كهرباء الدولة” بكلفة توازي المصروف، إضافة الى الاهتمام بجمع النفايات وتأهيل الشوارع والأزقة حتى باتت تُعَرَّف بالنموذجية في محيطها، كما شجعت الجمعية الشاعر والمؤلف والمخرج المسرحي شيبان سعادة على تحضير مهرجان صيفي سنوي بات مقصداً من البلدات المجاورة نظراً لما يقدمه من فنون مسرحية توازي ما يُعرض في العاصمة بيروت او عاصمة الشمال طرابلس، إضافة الى هذا العشاء القروي او تلك المسابقات العائلية لتحضير المأكولات البلدية ناهيك عن “الهريسة” التي تقدم مجاناً في عيد شفيع الجمعية في 25 تموز من كل صيف.


جاءت “الكورونا” اللعينة في العام 2019 لتفرض إيقاعها المؤلم في التباعد الاجتماعي الذي ما تعودت عليه القرية يوماً، ولتجعل القرية شبه خالية كما مجمل المناطق اللبنانية. ولكن ما كاد وهج تلك الكورونا يخف وما إن أدارت ظهرها حتى عادت الجمعية الى استئناف نشاطها هذا الصيف فمنذ أيام وبمتابعة من موقع “أحوال” بدأت في ساحتها التي كانت مكاناً لمهرجاناتها، مباريات بلعبة الأربعمئة” عبر مشاركة اكثر من عشرين فريقاً، مترافقة مع تقديم المأكولات البلدية مثل “الذرة المسلوقة” او “الكعك” بجبنة او شوكولا .. او القهوة البلدية او بيع المرطبات ومستلزماتها، على ان تكمل مسيرة هذا الصيف بمباريات في “طاولة الزهر” او نشاطات أخرى قيد الإعداد الأمر الذي يوحي أن من يستطيع تخطي “الكورونا” سيستطيع تخطي كل الأزمات الاجتماعية الأخرى.

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى