السفير الأوكراني لـ”أحوال”: نهاية بوتين قريبة ونحن بانتظار غاز النروج والمتوسط
أكثر من ستة أشهر على اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وهي مرشحة للمزيد من التصعيد والتوسع إذ لم تنطلق المفاوضات للتوصل الى حلول سلمية…. الحرب التي ضغطت على الشرق كما الغرب وعلى العالم برمته، لم تعد مواجهة بين دولتين، بل تعكس صراع الأقطاب لم تمثلها حروب الشرق الأوسط كما تمثلها اليوم بشكل مباشر الحرب الروسية – الأوكرانية، التي خلفت نتائج كبرى على المستويات السياسية والاقتصادية وأمن الطاقة العالمي وأخطار نووية متوقعة.
الشتاء المقبل في أوروبا سيكون “بروفا” عما سيكون عليه الوضع في القادم من الأيام، فهل يوقف “الدب القطبي زحفه الى أوكرانيا أم يستسلم الغرب لشروط بوتين تحت ضغط أزمة الطاقة والبرد القارس وارتفاع وتيرة الاحتجاجات في دول أوروبية عدة؟”.
السفير الأوكراني في لبنان إيغور أوستاش الذي يستعد لمغادرة لبنان والعودة الى بلاده لانتهاء مهامه الديبلوماسية في لبنان أواخر الشهر الجاري، يجري قراءة للمشهد السياسي والعسكري والاقتصادي الأوكراني والاحتمالات المتوقعة في المراحل المقبلة، فيؤكد أن “بلاده استطاعت الصمود أمام الهجمات الروسية ومنعها من الدخول الى العاصمة كييف ومن تحرير مدينة خاركوف”، مشيراً الى أن “نهاية الرئيس فلاديمير بوتين السياسية قريبة”.
وفيما يُشدد المسؤولون الروس على أن المسار العسكري يسير لصالح الجيش الروسي ووفق المخطط الذي وضعته القيادة العسكرية، يتحدث السفير الأوكراني في المقابل عن “مؤشرات جدية على تصاعد أصوات روسية سياسية وشعبية ضد بوتين، فيما تطلب روسيا من الصين وايران المساعدة التسليحية”.
ويرى أنه من الطبيعي أن نتلقى الدعم من حلفائنا في وقت جيش ضخم ومسلح كالجيش الروسي يتلقى الدعم من دول أخرى أيضاً، ويعترف السفير بأن أوكرانيا تتلقى الدعم من أميركا وأوروبا وكندا وكوريا الجنوبية وأستراليا واليابان، ويكشف عن اجتماع عقد مؤخراً ضمّ 60 دولة لدعم أوكرانيا إضافة الى دعم الشعوب وخاصة في أوروبا.
وإذ يتساءل مراقبون: ما الذي خسره بوتين طالما أن الحرب تحصل خارج أرضه واقتصاده يزدهر بسبب ارتفاع أسعار الغاز وسعر الروبل الذي أصبح عملة الدفع لشراء الغاز الروسي، بينما أوكرانيا تخسر بنى تحتية وفي اقتصادها ولازالت تحت الحصار.
وتتهم جهات قريبة من الروس عبر “أحوال” أوكرانيا بأنها تخوض الحرب نيابة عن الأميركيين ضد روسيا، لكن سفير أوكرانيا يقول “أميركا والناتو لم يقاتلوا روسيا وأعطوها ضمانات بأن أوكرانيا لن تدخل في الناتو في العشرين سنة المقبلة، لكن بوتين قرر الحرب”.
فأوكرانيا وفق السفير تدافع عن أوروبا، ولو انتصرت روسيا بأوكرانيا ستصبح كل الدول الأوروبية أهدافاً لها، لذلك لا نحتاج الى الجيوش الاوروبية للحرب معنا، بل نستطيع الدفاع بقدرات جيشنا، فنلندا والسويد ستصبحان قريباً أعضاء في الناتو، بعد السويد والنمسا أوكرانيا ستكون عضواً في الناتو وقاعدة الأمن في أوروبا.
ويلفت الى أن الروس أقفلوا كل أبواب الحوار ويريدون حسم الأمور بالحرب، “ونحن كيف نتحاور مع جيش يحتل أرضنا ويشن غارات ويستهدف البنى التحتية والمواطنين المدنيين.. مع بداية الحرب كنا مستعدين خلال المفاوضات للعودة الى الحدود قبل 24 شباط الماضي ونبدأ بالمحادثات السلمية لكن الآن تغير الواقع ونستطيع تحرير الأراضي المحتلة والوصول للحدود المعترف بها من الدول قبل العام 1991 بمن فيها شبه جزيرة القرم”.
ويضيف “وافقنا على وساطة ألمانيا وفرنسا وتركيا لكن طلبات بوتين استسلام أوكرانيا ولن نقبل، محادثات السلام ستتم على أرض المعركة والمفاوض هو الجيش الاوكراني، وحلينا أزمة المواد الغذائية، و 190 سفينة غادرت الموانئ الأوكرانية لدول العالم”.
ويشير السفير الى أن أوكرانيا تساعد لبنان على تخطي أزمته الغذائية (عبر طرق بديلة ومنها عبر نهر الدانوب) وأوكرانيا وتزود لبنان بـ 65 بالمئة من حاجته من الحبوب، وسنبذل الجهود لعدم حصول أزمة غذاء في لبنان.
لماذا لم يدخل بوتين كييف؟ هل لإطالة أمد الحرب واستنزاف أوروبا والاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة لتحصيل عائدات مالية أكبر؟
يجزم أوستاش بأن “الجيش الروسي لن يصل الى العاصمة كييف، فالجيش الأوكراني سيتصدى له، وسيفشل أهداف ومخططات الحرب. تسليحنا أفضل بكثير من روسيا، التي أرادت نزع سلاحنا لكننا نستطيع قريباً إغلاق السماء أمام روسيا. ويتساءل: أوكرانيا استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي فلماذا لا يحق لها الانضمام الى الناتو؟”.
وعن أزمة الغاز المتوقعة وعجز أوروبا عن تأمين بدائل وتنامي التظاهرات في كرواتيا وفرنسا وألمانيا واستقالات في إيطاليا وغيرها، يكشف السفير عن بدائل كثيرة للنفط والغاز الروسي، ويقول “روسيا تبتز أوروبا بالغاز، وأغلقت أنابيب النفط أمام اوكرانيا بعز الشتاء بسبب الخلاف السياسي مع روسيا، أكثر من 65 بالمئة من حاجة أوروبا من الغاز أصبح مؤمناً، وألمانيا لن تأخذ الغاز الروسي، ولن تخضع للابتزاز الروسي”.
ويرى بأن “دولاً عدة ستبدأ باستخراج الغاز ومنها لبنان الذي سيصبح خلال عام أو عامين دولة نفطية وغازية ويصدر الى أوروبا ونحن سعداء بانسحاب شركة “نوفاتيك” الروسية من “كونسورسيوم” النفط والغاز، ومستقبل لبنان مع أوروبا وليس مع روسيا”.
ويشير إلى أن “البديل الأساسي للنفط والغاز الروسي هو النروج، لذلك كمية النفط ستأتي من الشمال لكن لاحقاً ستأتي من الجنوب من لبنان والشرق الأوسط”.
وعن محطة توليد الكهرباء من الطاقة النووية زابروجيا”، يحذر السفير الاوكراني من كارثة وخطر يهدد العالم في حال انفجارها ستكون أخطر من انفجار “تشرنوبل” بخمس مرات. ويتوقع أن تطول الحرب حتى العام المقبل، وأن يكون لها تداعيات على الحرب السورية وعلى كل العالم.
النائب السابق ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في أوكرانيا سيعود الى بلاده لخدمتها بالقدر نفسه الذي خدمها خلال وجوده كسفير في لبنان، وفق ما يقول.
محمد حمية