سياسة

فراغ دستوري سينتج اشتباك سياسي – طائفي وفوضى أمنية في تشرين المقبل

تتجمع مؤشرات سوداوية في أفق المشهد السياسي الداخلي بالتزامن مع تسخين المشهد الإقليمي والدولي، ليرتسم مشهد الفراغ المزدوج الحكومي والرئاسي مع اتجاه لتأجيل اتفاق ترسيم الحدود لما بعد الانتخابات الإسرائيلية، الأمر الذي سيُعطّل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي كون لا حكومة لإقرار القوانين الإصلاحية التي يطلبها الصندوق، ما يعني أن البلاد على موعد من فراغ دستوري سيؤدي الى اشتباك سياسي – طائفي سيلقي بتداعياته على الاقتصاد وبالتالي فوضى اجتماعية وأمنية في الشارع في تشرين المقبل.

ما يطرح تساؤلات عدة حول أسباب تعطيل تأليف الحكومة والتسويق للفراغ في رئاسة الجمهورية بالتوازي مع تأجيل ملف الترسيم؟ هل هي أسباب سياسية داخلية أم خارجية؟ وهل المطلوب تعميم الفراغ والفوضى في لبنان ضمن مشروع خارجي للضغط على لبنان للتنازل في ملف الترسيم؟.

الكاتب والحلل السياسي يوسف دياب يشير لـ”أحوال” إلى أن “أزمة تأليف الحكومة تعود لتغير الأولويات عند بعض الأطراف الداخلية لا سيّما عند الرئيس عون والنائب جبران باسيل، لسببين:

إدراك باسيل أن حظوظه معدومة في رئاسة الجمهورية وبالتالي يريد ضمانات بعد مرحلة عون ولا يستطيع ذلك إلا عبر حكومة يملك فيها حصة وازنة.

والثاني: تثبيت نفسه شريكاً أساسياً في انتخابات رئاسة الجمهورية”.

ويرى دياب بأن هناك فرصة لتأليف الحكومة والرئيس نبيه بري لم يحدد موعداً لجلسة لانتخاب الرئيس حتى الآن لإفساح المجال أمام الأطراف لبلورة مواقفها والدفع بتأليف الحكومة”.

ويعتبر دياب أن “كلام باسيل الأخير يأخذ البلد إلى أزمة، حتى حزب الله الحليف الوحيد لباسيل لا يجاريه بالخيارات التي يتخذها، ولا يجوز تعطيل البلد، الحكومة الحالية دستورية لكونها تصرف الأعمال رغم أنها فقدت الثقة النيابية.. فهل نترك البلاد في حالة الشغور؟”.

في المقابل يرى الإعلامي والمحلل السياسي حسين مرتضى لـ”أحوال” أن “باسيل لم يطرح نفسه مرشحاً للرئاسة، ومنذ اليوم الأول لتكليف ميقاتي بدأ يتعاطى الأخير على أن الحكومة ستتولى المرحلة المقبلة حتى بعد رحيل عون، ويسوق بأنه يمكن للحكومة الحالية تسلم صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الشغور، بما يخالف المادة 62 التي تشير بما معناه إلى أن الحكومة لا تمارس صلاحياتها بعد استقالتها، فكيف نسلمها صلاحيات الحكومة ورئيس الجمهورية معاً؟”.

ويُلقي مرتضى مسؤولية تعطيل تأليف الحكومات منذ تكليف الرئيس سعد الحريري على السعودية التي منعته من التأليف تمهيداً لإخراجه من الحياة السياسية.

وقال: “لو أن هناك موافقة خارجية على تأليف الحكومة لتشكلت، لكن ممنوع تحقيق أية إنجازات في عهد عون من ترسيم الحدود الى الاستحقاقات الأخرى الى الحكومة وكل ما يرتبط بالوضع الاقتصادي”.

وعن موقف حزب الله من التأليف ومن ميقاتي، يوضح مرتضى أن “الحزب يتمسك بأي شخصية تقوم بدور بناء لتشكيل حكومة، وهو يقدم التسهيلات لتأليف الحكومة ويدعم من يملك التمثيل السياسي الوازن في الطائفة السنية”.

ويكشف مرتضى عن اتفاق عون وميقاتي على تأليف لجنتين من خبراء دستوريين لدراسة الخيارات الدستورية للأزمة القائمة، فخرجتا بنتيجة بأن لا يستطيع عون البقاء بقصر بعبدا وفي المقابل لا يمكن لحكومة تصريف الاعمال أن تحكم في فترة الفراغ”.

ويضيف مرتضى: “نعيش في خضم صراع ما يجري في المنطقة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاحداث المتتالية التي شهدها لبنان الذي لطالما كان جزءاً مما يحاك في المنطقة لا سيّما المشروع الأميركي في المنطقة، لكن لا يعني ذلك اعفاء القوى السياسية من مسؤولية الأزمات الحالية، فجزء من الطبقة السياسية يتناغم من السياسات الأميركية، لكن في عهد عون ازدادت الضغوط والصراعات السياسية، ومطلوب خلق حالة سوداوية لكي تخرج الحقبة السياسية لعهد عون بلا انجازات وتزامنت تصفية الحسابات هذه مع استحقاقات أساسية”.

ويشدد مرتضى على أن “لا ضوء أخضر خارجي لميقاتي لتأليف الحكومة والأمر مرتبط بترسيم الحدود، ولا يريد الخارج الأميركي وبعض الداخل أن ينجز الترسيم بعهد عون، وهذا يتلاقى مع الكلام الإسرائيلي عن انهاء عهد عون بلا إنجازات وتأجيل اتفاق الترسيم لما بعد رحيله”.

ويتساءل مرتضى عن سبب تجميد استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن حتى الآن؟ ويضيف: “ممنوع تحقيق أي أمر يؤدي الى كسر الحصار وضرب المشروع الأميركي على لبنان، ولو وافق لبنان على الشروط الأميركي بترسيم الحدود لقدمت التسهيلات لعون”.

في المقابل يرفض دياب كلام مرتضى ويوضح أن “الصلاحيات الرئاسية تنتقل الى الحكومة القائمة وفق ما ينص الدستور أكانت حكومة مستقيلة أو تصريف أعمال، إلا إذا كان هناك معطى دستوري لدى رئيس الجمهورية كاستبدال الحكومة بحكومة أخرى”، وتساءل دياب عن موقف الرئيس بري الذي استهدف عون في خطابه الأخير ومدى توافقه مع حزب الله؟ وهل يشترك بري وحزب الله ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس المردة سليمان فرنجية مع ميقاتي في المؤامرة الخارجية لعدم تأليف حكومة؟”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى