صحة

تبادل الدواء مقدمة لتبادل الغذاء ومواجهة المحتكرين؟

تبادل الأدوية نمط جديد ومبتكر من “العونة” التي كادت أن تنقرض في لبنان، ويبدو أن “الحاجة من جهة، وايمان الأهالي بضرورة مساعدة بعضهم البعض، في هذه الأيام العصيبة جعلت العديد من الأهالي يبتكرون حلولاً ممكنة ومرضية، تساعد على تخطي الأزمة والأوضاع الاقتصادية السيئة”.

على وسائل التواصل الاجتماعي المعتمدة، حاول أحمد فرحات، ابن بلدة برعشيت (بنت جبيل)، أن يؤمن حاجته من دواء لمعالجة مرض السكري، الذي يصعب ايجاده في معظم الصيدليات، كما يصعب على فرحات شراءه في حال تواجده، لذلك طلب من أصدقائه الافتراضيين أن يستبدلوا دواء لمعالجة حساسية الجلد الذي كان يحتفظ به، ولم تنته صلاحيته بعد، بدواء السكري، وسرعان ما تقاطعت حاجته مع حاجة صديق له على الواتسآب، فيقول “تبين أن صديقي وسام بحاجة الى دواء الحساسية، المفقود أيضاً من الصيدليات، وهو يحتفظ بعدد من علب دواء السكري الذي أحتاجه، فتعاونا على تبادل الدواء، على أمل أن يتكرر هذا النواع من التعاون مع أصدقاء آخرين”.

يلفت فرحات الى أن تجربته هذه بدأت تتكرر مع أشخاص آخرين، من الذين أعجبتهم الفكرة، وبدأوا بعرض حاجتهم من الأدوية، وعرض ما لديهم من أدوية لا يحتاجون اليها”.

في احدى صيدليات بنت جبيل، وضع صاحب الصيدلية عدد من الأدوية المجانية التي تبرّع بها عدد من أبناء المنطقة، فيقول “هذه الأدوية تبرّع بها أهل الخير، الذين تركوا لي مسؤولية توزيعها على المرضى الذين أجدهم من الفقراء والمحتاجين، فيما عمد بعض الفقراء على احضار الأدوية التي لا يحتاجون اليها، طالبين مني بيعها لمصلحتهم بأسعار تشجيعية”، مؤكداً على أن ” هذا النوع من التبرّعات وان كانت النقابة لا تقبل به، لكنه حتماً يساعد الأهالي والمحتاجين”.

ويلفت الصيدلي الى أن ” تبرعات الأهالي وتعاونهم في ما بينهم على تأمين الأدوية خفّف كثيراً، والو بشكل مؤقت، من المصائب التي تحصل بسبب فقدان الأدوية أو عدم القدرة على شرائها”.

ويشير المغترب علي رمال ( مرجعيون) الى أن “معظم المغتربين باتوا يرسلون الأدوية المفقودة الى أصدقائهم وأقربائهم”، لافتاً الى أن “الأدوية هي الهدايا الجديدة التي يحضرها المغتربون معهم من السفر، فقبل قدوم أي مغترب، يسأل أقربائه ومعارفه عن الأدوية التي يحتاجون اليها، وهو يعمل على شرائها واحضارها وتقديمها لهم بالمجّان في أغلب الحالات”.

كما عمد العديد من الأهالي الى جمع الأدوية الفائضة من المنازل وعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي لكي يحصل عليها من هو بحاجة اليها.

ويرى البعض أن التعاون على تبادل الأدوية يجب أن يعمّم على الجميع، وفي هذا السياق يعتبر حسن ذيب، ابن بلدة شقرا (بنت جبيل) أن ما يحصل من حالات تبادل للأدوية قد يكون بداية لكي تعود العادات القديمة المتعلقة بتبادل المواد الغذائية بين الأهالي، والتي كانت معتمدة قبل أكثر من مئة عام، وذلك اذا ما ظلّت الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءاً في ظل جشع التجّار وتراجع قيمة العملة اللبنانية، طالباً من جميع الأهالي، لا سيما في القرى والبلدات الزراعية ” البدء في عملية تبادل المنتجات الغذائية المحلية، التي ينتجونها بأنفسهم، وهذا قد يساعد على مواجهة ارتفاع الأسعار وتهميش التجّار المحتكرين”.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى