سياسة

محللون سياسيون يرجحون توقيع اتفاق ترسيم الحدود ويستبعدون الحرب العسكرية

الجوني لـ"أحوال": هبة الفيول الإيراني مستثناة من العقوبات وأسباب سياسية للحصار الأميركي على لبنان

يترقب لبنان عودة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود الجنوبية عاموس هوكشتاين الى بيروت والتي حسمت أواخر الأسبوع الجاري، بعد أسابيع من الغموض وتضارب المعلومات والمعطيات حول الزيارة وما يحمله في جعبته من جديد، وتأرجح “بورصة الحرب” والحلول عشية الدخول في شهر أيلول موعد استخراج كيان الاحتلال الغاز من حقل كاريش.

وحتى الوصول الى الخواتيم النهائية للملف، يعيش لبنان حالة من انعدام الوزن باتجاه مزيد من الانهيار، في ظل استمرار الحصار الأميركي الاقتصادي والمالي المفروض عليه لا سيما على صعيد الطاقة التي تشكل أزمة الأزمات خصوصاً ان الحكومة لاتزال حتى الساعة تتردد وتناور في قبول هبة الفيول الإيراني، فيما لاتزال واشنطن تحبس خط الطاقة العربي من الوصول الى لبنان لأسباب عدة، تتزامن هذه الوقائع مع أزمة سياسية حادة وخطر فراغ مزدوج رئاسي وحكومي.

لبنان إلى أين وهل تقبل الحكومة الفيول الإيراني وتكسر الحصار الأميركي لمعالجة أزمة الكهرباء وبالتالي الحد من الأزمات المالية والحياتية التي تكوي المواطن؟

رئيس موقع جنوبية الصحافي علي الأمين يشير لـ”أحوال” الى أن “السلطة تستطيع قبول الهبة الإيرانية والرفض لا يأتي من الرئيس نجيب ميقاتي فقط، بل من مختلف القوى الأخرى لأسباب عدة”، ويتساءل: لماذا لا يؤتى بالفيول الإيراني رغماً عن السلطة كما أدخل حزب الله المازوت الإيراني الى لبنان عبر سوريا طالما يتحدثون عن حصار أميركي على لبنان ويخاف ميقاتي من عقوبات خارجية اذا وافق؟، والأمر مناط بمجلس الوزراء وليس بقرار ميقاتي فقط.

في المقابل يوضح أستاذ القانون الدولي د. حسن الجوني لـ”أحوال” أن جملة أسباب تمنع لبنان من قبول الهبة الإيرانية أولها عدم وجود حكومة أصيلة في لبنان، إذ أن حكومة تصريف الأعمال لم تجتمع منذ تحولها الى تصريف أعمال وبالتالي لا يمكنها اتخاذ قرار بهذا الحجم.

ويشير الجوني الى أن “الهبة الإيرانية غير مستهدفة بالعقوبات الأميركية ولا تحتاج الى استثناء”، مذكراً بحجم العلاقات التجارية الإماراتية الإيرانية وتبلغ 30 مليار دولار وكذلك الأمر مع أوروبا والصين وروسيا.

ويلفت الى أن “السفيرة الأميركية سارعت الى ابلاغ رئيس الجمهورية والمسؤولين اللبنانيين بعزم بلادها على اصدار استثناء على قانون قيصر ولم يفرج عنه حتى الساعة، لأن المطلوب استمرار الحصار على لبنان لفرض شروط سياسية كترسيم الحدود وتوطين الفلسطينيين ودمج النازحين السوريين في اطار المشروع الخارجي الكبير المعد للبنان”.

ويرى الجوني أن “لا مشكلة للأميركي بحل ملف الترسيم كون استخراج الغاز من لبنان أو الكيان الاسرائيلي سيصدر الى أوروبا في نهاية المطاف، لكن المشكلة بالتطبيع، والدمج وغيرهما”.

ويفرق الجوني بين جلب حزب الله كمية من المحروقات لسد بعض عجز الدولة بالوقود في فصل الشتاء وبين الفيول لتشغيل معامل الكهرباء في لبنان، وبالتالي الامر يحتاج الى إجراءات إدارية ولوجستية ومالية وتقنية من قبل وزارتي الطاقة والمالية ومؤسسة كهرباء لبنان”، ويكشف أن “الروسي يتردد بتقديم عروضات كهربائية ونفطية للبنان خشية تلقي الرفض من الحكومة اللبنانية بعدما رفض لبنان سابقاً قبول شراء طائرات”.

ويعتبر الجوني أن “الإسرائيلي في مأزق داخلي، وفضل تأجيل استخراج الغاز لتفادي المواجهة مع حزب الله بعدما هدد السيد حسن نصرالله بالحرب وأرسل رسائل مدروسة للأميركيين والإسرائيليين”.

ويجدد أستاذ القانون الدولي القول إن “الحصار الخارجي على لبنان مرتبط بفلسطين والبند الرئيسي الذي ناقشه الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته السعودية هو حل الدولتين”.

ويشير الجوني الى تقدم مناخ التسويات في المنطقة، لا سيما على صعيد المحادثات التركية الروسية والإيرانية السعودية. الأمر الذي سينعكس على لبنان، ويستبعد الحرب العسكرية مع العدو نظراً لعدم قدرة الاسرائيلي على الحسم العسكري. ويضيف: “الهجوم يمكن أن يكون من حزب الله هذه المرة اذا تمادى العدو بسرقة ثرواتنا، وقد تكون الحرب النهائية مع العدو ولن تنتهي كما انتهت الحروب السابقة”.

وإذ يتخوف من مخطط لإشعال الفتن الأهلية في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، يوضح الجوني أن الأوروبي والفرنسي تحديداً سيقوم بمبادرة لتهدئة الوضع بلبنان ضمن اطار المشروع الاقليمي بالمنطقة وربطاً بما يجري في العالم.

ويتلاقى الأمين مع الجوني باستبعاد الحرب في المنطقة في لبنان كون لا ظروف إقليمية ودولية لها، وحتى أن خطاب حزب الله ينطوي على نية لتجنب الحرب لإدراكه تباعاتها ليس على البلد فحسب، بل على بيئته الشعبية.

ويشير الأمين الى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة لا تتأتى من الحصار فقط، بل من فساد الطبقة السياسية، فهناك حصار على سوريا وليس على لبنان الذي يستطيع التصدير عبر البحر والمشكلة في العلاقة الثنائية مع الدول العربية والخليجية، لكن لا يعفي ذلك المسؤولين اللبنانيين الذي يغطون فسادهم بالحصار الأميركي. ويؤكد بأن مفاوضات ترسيم الحدود الجنوبية مستمرة وستصل الى اتفاق وكل الأطراف تدفع بهذا الاتجاه.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى