منوعات

تحويلات المغتربين: 6 مليارات سنوية تعيل عشرات آلاف العائلات

بـ 400 دولار شهرياً يصمد أبو جهاد ص. وزوجته بوجه الأزمة الاقتصادية والمعيشية ويحاول أن يلبي جميع متطلباته، ولو بتقشف، عبر المبلغ الذي يرسله ابنهما المقيم في فرنسا.

حال عائلة أبو جهاد كحال آلاف العائلات اللبنانية التي تعتمد على تحويلات أبنائها من الخارج إذ تشكل المبالغ المرسلة لهم شريان حياة في ظل تقلبات سعر صرف الدولار وتآكل قيمة العملة الوطنية.

ما هو أثر مساهمات المغتربين على الأوضاع المعيشية في لبنان، ماذا عن تدفقات التحويلات وما هي البلدان التي يتلقى منها اللبنانيين الأموال؟

لطالما كان اقتصاد لبنان يعتمد على تحويلات المغتربين، هذه التحويلات تمثّل نسبة مهمّة من تدفقات العملة الأجنبية، وهي تمثّل الدخل المتاح للأسر المقيمة في لبنان، ويشير الباحث الاحصائي عباس الطفيلي، إلى أن “لبنان يحتل نسبة 54% من بين الاقتصادات التي تبلغ فيها تدفقات التحويلات المالية نسبة عالية جداً من الناتج المحلّي الاجمالي، اذ تلقى نحو 6.61 مليار دولار كتحويلات فردية في عام 2021 مقارنة مع 6.2 مليار دولار في عام 2020، أما بالنسبة للعام 2022 فأتوقع أن تبقى هذه النسبة على حالها”.

وأشار الطفيلي أنه “وفي ظل تفاقم الأزمات في لبنان وارتفاع معدلات الهجرة فمن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة مزيداً من التحويلات المالية ما يعني إدخال المزيد من العملات الصعبة إلى البلاد”.

وعن البلدان التي يتم تحويل الأموال منها، يحددها الطفيلي بالدول التالية: الخليج العربي، أميركا الشمالية، أوروبا، أما أفريقيا فهي خارج التحويلات الرسمية حيث يحمل المغتربون الأموال في حقائبهم”.

من جهته يؤكد المحلل الاقتصادي نديم السبع أن “ارتفاع تحويلات العاملين في الخارج إلى لبنان عبر شركات التحويل بشكلٍ غير مسبوقٍ، خلال العامين الماضيين لأسباب عدة أولها الأزمة الاقتصادية التي دفعت العديد من اللبنانيين إلى زيادة إرسال الأموال بهدف مساعدة ذويهم وهو ما يندرج تحت خانة “المساعدات الاجتماعية” والانسانية”.

ويتابع المحلل الاقتصادي إلى أنه “ومع ارتفاع أسعار النفط العالمية ازدادت أيضاً تحويلات المغتربين خصوصاً المرسلة من الدول الخليجية وأفريقيا، ما عزز صمود اللبنانيين وشكل صمام أمان لعشرات الآلاف من العائلات التي انقلبت حياتها رأساً على عقب مع تضخم الأسعار وانهيار العملة الوطنية وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات والدواء”.

أما بالنسبة لأرقام التحويلات، فيجزم السبع “عدم إمكانية تحديدها بدقة خصوصاً وأن قسماً منها يرسل إلى لبنان عبر المصارف وشركات تحويل الأموال، وقسم آخر يدخل إلى لبنان نقداً عبر جيوب المغتربين وحقائبهم”.

وكان رئيس مجلس إدارة شركة تحويل الأموال “OMT” توفيق معوض قد صرح أنه “خلال العام 2021 تلقى نحو220 ألف مستفيد شهرياً التحاويل الواردة من الخارج بالدولار الأميركي نقداً عبر الشركة التي يرأس مجلس إدارتها”، مشيراً إلى أن “التحاويل وصلت من نحو 156 دولة، على رأسها أستراليا، والولايات المتحدة الأميركية، ودول الخليج، وكندا، وألمانيا”.

إذن التحويلات تؤمن دخلاً إضافياً وتساعد في عمليات الشراء الأساسية، وبالتالي في خفض معدل الفقر المدقع إلى حد ما، كما وتعتبر نوع من “التأمين الاجتماعي” إذ تؤمن استقراراً اقتصادياً واجتماعياً للأسر وتحصنهم في أوقات الأزمات المعيشية.

ولتحقيق الاستقرار على المدى الطويل، لا بد أن تتجه هذه التحويلات أيضاً نحو الاستثمارات كالرعاية الصحية والتعليم والمشاريع الإنتاجية.

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى