عقلية القوى السياسية بالسلطة: تهريب للقوانين والإجراءات وتهرّب من المسؤولية عنها
يسمع اللبنانيون منذ فترة بالدولار الجمركي، فكان الخبر يمرّ أمامهم كل أسبوع، لكنهم في الساعات الاخيرة باتوا يسمعون به يومياً بشكل يوحي أن القرار اتخذ ولم يبق سوى البحث عن آلية تخريجه أمام الرأي العام.
من حيث المبدأ هذا الأمر صحيح تقول مصادر نيابية مطلعة، مشيرة الى أن “الخزينة” لا يمكن أن تستمر دون زيادة إيرادتها، وهذه الإيرادات لا تكون سوى عبر زيادة الضرائب والرسوم.
تُشير المصادر إلى أن القوى السياسية كلها تعلم حجم الحاجة لزيادة الدولار الجمركي، لكنها تتعامل مع المسألة بلا مسؤولية، فيظن كل فريق أن باستطاعته رمي المسؤولية على الفريق الآخر لتحميله وزر تداعيات هذه الزيادة، شعبياً، وهذا ما يحاول رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قوله عبر حفر الأفخاخ لوزير المال يوسف خليل، وهذا ما يحاول فريق رئيس الجمهورية فعله عبر تصريحات رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان عن عدم موافقة رئيس الجمهورية ميشال عون على مسألة رفع الدولار الجمركي.
تشدد المصادر على أن عون يعتبر توقيعه على رفع الدولار الجمركي بمثابة الضربة القاضية لعهده في نهايته، ويرى ميقاتي أن بإمكانه عبر اللقاءات الوزارية التي يجريها أن يوحي وكأن الحكومة كلها موافقة وراضية بالسعر الجديد للدولار الجمركي أي 20 ألف ليرة، بينما في الحقيقة هي أن اللقاءات الوزارية لم تحمل أي سؤال للوزراء حول رأيهم، بل كانت مجرد فرصة لإبلاغهم بمستجدات هذا الملف.
إن التعاطي هكذا مع المسائل الحساسة يجعل الفشل مصير كل الملفات، فما يحصل مع الدولار الجمركي يحصل مع القوانين الإصلاحية ومنها قانون السرية المصرفية الذي أشعل غضب جبران باسيل منذ أيام عندما كاد رئيس الجمهورية أن يوقعه، لذلك فإن ما يجري هو محاولات تهريب للإجراءات، وتهرّب من المسؤولية عنها، علماً أنه بحسب المصادر فإن سعر 20 ألف للدولار الجمركي هو رقم مغاير للرقم الذي تبلغ به تجار كبار في لبنان من قبل معنيين في الملف، منذ أيام عندما كان الدولار المقترح هو 12 ألف ليرة فقط.