منوعات

رفع الدّعم يقترب وكيلو لحم العجل إلى 100 ألف ليرة

لم يعد باستطاعتنا إحصاء الأزمات المعيشيّة اليوميّة التي ترمي بثقلها على المواطن، ففي ليلة وضحاها تتبدّل الأسعار والكميّات، الموجود اليوم في السّوق قد يُفقد غداً أو تحلّق أسعاره في سماء الاحتكار.

الارتفاع في أسعار اللّحوم يتجدّد وهي غير متوفرة في كل الأماكن، فيما يظهر تجّار الأزمات إلى الواجهة من جديد. والمفارقة أن يؤدي دعم سلعة ما إلى ارتفاع سعرها بدلاً من انخفاضه، هذه العجيبة لا تحصل إلا في لبنان، بعد أن وصلت أسعار اللّحوم الحمراء في السّوق إلى 60 ألف ليرة لكيلو اللّحم البقر الواحد، و80 ألف ليرة لكيلو اللّحم الغنم، وهي أسعار مرشّحة للارتفاع في الأيّام القليلة المقبلة.

تجّار ومستوردون يضاعفون أرباحهم من بضائع هي في الأساس مدعومة، ومواطنون بانتظار الفرج، يتنقّلون من منطقة إلى أخرى بحثاً عن كيلو لحم مدعوم إن وجد.

مباركة وزارة الاقتصاد

قام  “أحوال” بجولة على بعض الملاحم في بيروت وضواحيها، للتّحقق من أسعار اللّحوم التي تخطّت كلّ التّوقّعات.

في بيروت يقول القصّاب محمود، أنّه يبيع كيلو لحم البقر بـ 60 ألف ليرة وكيلو الغنم بـ 80 ألف ليرة، وفقاً للتّسعيرة التي حدّدتها له وزارة الاقتصاد كونه يشتري الكيلو بعظمه بـ 42 ألف ليرة، وكي لا يخسر بعد إزالة الشّحوم والعظام، يبيعه بـ 60 ألفاً.

ويتابع، ما يحدث اليوم هو مسؤوليّة وزارة الاقتصاد التي حدّدت لنا هذه التّسعيرة في الملحمة، وفقاً للفواتير التي قدّمناها لها، ويبقى دورها ملاحقة المحتكرين ومقاضاتهم بالتّعاون مع وزارة الزّراعة. وتساءل، هل تنجح هاتين الوزارتين بالتّصدي لمستوردي المواشي حيتان المال، المعروفين بالاسم والمحميّين من بعض الأحزاب والسّياسيين؟

تراجع عن التّسعيرة

أمّا في منطقة عرمون، فقد طُلب منّا 50 ألف ليرة مقابل سعر كيلو لحم البقر، ولما علم صاحب الملحمة أنّنا بمهمة صحفية هبط السّعر فجأة إلى 40 ألف ليرة، بحجّة أنّ الموظّف جديد ولا يعرف الأسعار، مؤكداً التزامه البيع بحسب السّعر المحدد من قبل وزارة الاقتصاد.

أسعار بحسب الجودة

وفي الشّويفات يواصل بعض القصّابين احتكارهم للّحوم وعلى عينك يا دولة، حيث يبيعون كيلو لحم البقر بـ 58 ألف ليرة، بحجّة شحّ اللّحوم في  الأسواق، والحصول عليها بأسعار مرتفعة من المصدر، نظراً للارتفاع الحادّ في سعر صرف الّدّولار في السّوق السّوداء.

ويتابع القصّاب إيهاب: أسعار اللّحوم المستوردة تختلف وفقاً للجودة والنّوعيّة أيضاَ؛ فاللّحم  النّظيف عادة ما يكون سعره أعلى، عندها نضطّر للبيع على أساس سعر الشّراء، ما يخلق تفاوتاً في الأسعار  بين ملحمة وأخرى.

فهل اللّحوم المدعومة ليست ذات نوعيّة جيّدة؟ وهل القصّابون يتلاعبون فعلاً بالأسعار، أم أنّهم ضحايا المستوردين وتجّار الأزمات؟ ومن المسؤول عن ضبط هذا الفلتان في القطاع. ومن يحمي المواطن من الاحتكار؟ ومتى سيتم إنجاز معاملات نقابة مستوردي المواشي العالقة في وزارة الإقتصاد ومصرف لبنان؟

التّسعيرة الرّسميّة

وفي حين يعزو أصحاب الملاحم سبب الارتفاع الجنونيّ لأسعار اللّحم في سوقي الجملة والمفرق، إلى الارتفاع غير المحدّد لسعر صرف الدّولار مقابل اللّيرة، وإلى رفع الدّعم عن اللّحوم، يقول أمين سرّ نقابة القصّابين ومستوردي وتجّار المواشي الحيّة ماجد عيد لـ “أحوال”، إنّ كل أسعار اللّحوم الموجودة في السّوق اللّبناني مدعومة، ووزارة الاقتصاد حدّدت السّعر بالحدّ الأقصى لكيلو لحم البقر بـ39000 ليرة لبنانيّة، ولا يحق لأيّ تاجر تجاوز هذا السّعر.

ويضيف، نرى بعض التّجار يحتكرون القطاع ويبيعون بأسعار مرتفعة بحجّة فارق السّعر بين الدّولار المدعوم ودولار السّوق السوداء، وهو أمر مرفوض.

وزير الاقتصاد يحرّض

ويتابع عيد، على التّجار أن يتعاملوا مع الأزمة بتعقّل، لحماية أنفسهم من المرحلة المقبلة، وهذا يتوافق مع ما قاله وزير الاقتصاد، الذي أكّد أنه يحقّ للتّاجر تخزين البضائع وعدم بيعها إلى حين قيام مصرف لبنان بتحويل مبالغ البواخر التي وصلت لبنان، إلى الموردين في الخارج، ويتعارض مع تصريحات وزير الزّراعة الدّاعية إلى ضرورة البيع مهما كانت الظّروف.

الكيلو بـ 100 ألف

ويختم عيد، لا ننكر أننا مقبلون على مرحلة حرجة وشحّ في اللّحوم، إذ سيشهد القطاع ارتفاعاً إضافيّاً في الأسعار، خصوصاً بعد تصريح أحد النّواب برفع الدّعم عن كلّ المواد الغذائيّة، بما فيها اللّحوم خلال شهر ونصف، عندها سيسجّل كيلو اللّحم سعراً غير منطقياً يصل إلى 100 ألف ليرة.

ويأمل عيد الحصول على انتباه وزارتي الزّراعة والاقتصاد قبل فوات الأوان من أجل حماية القطاع والمواطن.

عتب على “الاقتصاد”

بدوره، يؤكّد وزير الزّراعة في ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​عبّاس مرتضى​، إلى أنّ  الدّعم على اللّحوم لا يزال قائماً حتّى الآن، إلى حين وجود خطط بديلة مقدّمة للمواطن.

وفيما يخصّ المعاملات العالقة التي تأخذ موافقات الوزارات المعنيّة ومن المصرف التّجاري، ثمّ تذهب إلى مصرف لبنان حيث تنام لأكثر من شهر، يلفت مرتضى إلى أنّ وزارة الزّراعة وجّهت كتاباً لكل من وزير الإقتصاد راوول نعمة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك بعد مراجعات عدّة وردت من نقابة مستوردي الماشية وتجّارها، حول وجود ملفات لم يتم البتّ بها في وزارة الإقتصاد ومصرف لبنان . ويقول مرتضى، وزارة الزّراعة ستتابع مع المعنيين، كما جرت العادة، للإسراع في إنجاز الملفّات، لأنها تمسّ بالأمن الغذائي الوطني.

ويأسف وزير الزراعة على تعاطي وزارة الاقتصاد باستنسابيّة مع بعض الملفات وتمرير معاملات على حساب أخرى، محمّلاً نعمة مسؤوليّة ما يحدث في قطاع اللّحوم، خصوصاً بعد تحريض التّجار على تخزين المواشي بدل بيعها إلى حين تحويل أموال البواخر للخارج.

وعن مراقبة ومتابعة المحتكرين، يؤكد أن وزارة الاقتصاد وحدها المسؤولة عن الموضوع، “وتبقى مسؤولياتنا مراقبة الشّقين التّقني والبيطري”.

ويشدّد مرتضى على أنّ أي مستورد أو تاجر يُضبط بجرم الإحتكار أو التخزين غير المشروع للمواشي المستوردة المدعومة، سيتعرّض لإيقاف أذوناته تلقائياًّ، لأنّ التّعامل المسؤول في هذه المرحلة الدّقيقة واجب على الجميع دون استثناء وأن المصلحة الوطنيّة تعلو فوق كلّ المصالح.

وفيما يتعلّق بسلامة وجودة اللّحوم المدعومة، يؤكد أن جميعها تتمتّع بذات المواصفات، وأيّ تاجر يقول عكس ذلك، فهو يبرّر احتكاره.

حاميها حراميها

إلى ذلك، تشير مصادر من وزارة الاقتصاد إلى أنّ بعض التّجار يستفيدون من الدّعم ويبيعون اللّحوم بسعر غير مدعوم، فيما يبرّر بعض التّجار احتكارهم، بشرائهم اللّحوم من السّوق السّوداء.

وتضيف المصادر، بكل الأحوال تقوم الوزراة بتتبّع ورصد المخالفين في كل مكان، وتسطّر يوميّاً حوالى 30 محضراً بحقهم. فهل يصحّ القول بأنّ “حاميها حراميها”؟

أمّا بالنسبة لرفع الدّعم فتقول المصادر، لا معلومات دقيقة ولا خطط بديلة حتى الآن.

ناديا الحلاق

 

 

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى