سياسة

سجال “التيار” – رئاسة الحكومة.. اشتباك مُبكر على السلطة بعد الفراغ الرئاسي؟

الأشقر لـ"أحوال": صلاحيات الرئيس تنتقل لحكومة أصيلة وميقاتي مُكبّلاً بعد 31 تشرين

لم يصل مستوى الخطاب والتخاطب السياسي بين التيار الوطني الحر ورئاسة الحكومة إلى هذا المستوى في الحد الأدنى منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة الحالية، ولم تستخدم العبارات التي استخدمت في هذه “المنازلة الإعلامية” حتى مع الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل.

فما هي خلفية انفجار العلاقة بين الطرفين؟ وما تأثيرها على الاستحقاقات المقبلة لا سيما تأليف الحكومة ورئاسة الجمهورية في ظل ترجيح خيار الفراغ الرئاسي وإشكالية انتقال صلاحيات الرئيس الى حكومة تصريف أعمال ما يفتح المجال لرفض رئيس الجمهورية ميشال عون تسليم السلطة للحكومة الحالية والبقاء في قصر بعبدا؟

وفيما باتت مسألة تأليف الحكومة في “خبر كان” ومُغيبة بالكامل عن اهتمامات المسؤولين، ترجح جهات معنية بالوضع السياسي لـ”أحوال” فرضية الفراغ في رئاسة الجمهورية في ظل التباعد بين رؤى وتوجهات وأهداف اللاعبين السياسيين، وغموض المشهدين الإقليمي والدولي، ودخول عوامل واعتبارات جديدة ستعقد المشهد، وما الاشتباك السياسي على جبهة “التيار” والقصر الحكومي إلا انعكاساً للأزمة السياسية التي ستتفاقم في الأيام المقبلة إذا لم تحصل تسوية خارجية تحتوي الانفجار المقبل.

عضو المكتب السياسي في التيار الوطني الحر وليد الأشقر يشير لـ”أحوال” إلى أن “التيار سبق وأعلن عدم رغبته بالمشاركة في الحكومة، لكن أي تشكيلة وزارية ستحمل توقيع الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية تحتاج الى ثقة مجلس النواب، ومن حق تكتل لبنان القوي إعطاء رأيه بهذه التشكيلة ومنحها الثقة أم لا”.

ويلفت إلى أن “ميقاتي ليس ممثل السنة في لبنان، فهو لم يشارك في الانتخابات النيابية وتراجعت شعبيته في العام الحالي، ولا يملك أي تمثيل سني”.

ويرى الأشقر أن الرئيس المكلف ملزم بتقديم اقتراحات أخرى ومناقشتها مع رئيس الجمهورية كما فعل في تأليف الحكومة السابقة، فهو استشار رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما استبدل وزير المالية، لكن هل استشار رئيس الجمهورية بالأسماء الأخرى التي استبدلها؟.

ويُبين أن “ميقاتي شكل الحكومة الحالية خلال شهرين عندما كانت الظروف الداخلية والخارجية مؤاتية، لكنه يتلقى “وشوشات” داخلية وخارجية اليوم توحي له بأن يبقى رئيس حكومة مكلف لتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية وعدم منح عون والنائب جبران باسيل أي هدية أو قوة دفع تؤدي الى تعويم العهد الحالي”.

ويوضح الأشقر أن “الحكومة الحالية لم تأخذ ثقة المجلس النيابي الحالي وبالتالي لا صلاحيات لها بعد 31 تشرين أكثر من النطاق الضيق لتصريف الأعمال، ولو كانت مثل حكومة الرئيس تمام سلام في عهد الرئيس ميشال سليمان يمكنها أخذ مكان ودور رئيس الجمهورية وفق الدستور، لكن الحكومة الحالية لا تستطيع ذلك”. ويعتبر أن صلاحيات رئيس الجمهورية كانت مغيبة ومصادرة لعقود سابقة وجاء الرئيس عون لاستردادها وممارستها”.

ويؤكد الأشقر أن “الرئيس عون سيسعى إلى انتقال سلس للسلطة من خلال تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، كما أن التيار الوطني الحر سيلبي أي دعوة من الرئيس بري الى جلسة لانتخاب الرئيس وسيكون التيار أول المشاركين، وبالتالي أي عرقلة ستكون من الآخرين”.

ويضيف أن “صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل الى حكومة أصيلة وليس إلى تصريف أعمال، وبالتالي ميقاتي سيكون مكبلاً بعد 31 تشرين المقبل”.

في المقابل يشير الصحافي والكاتب السياسي غسان ريفي لـ”أحوال” إلى أن “البيانات التي يصدرها التيار الوطني الحر تسيئ الى موقعه وتاريخه، لأن ممثل مؤسسة دستورية والسنة في لبنان لا يخاطب بهذه اللغة، ولذلك كانت بيانات رئاسة الحكومة ردة فعل على كلام التيار”. ويشير إلى “التضامن السني لميقاتي والرافضة لمنطق التيار الوطني الحر بالهجوم على ميقاتي بهذا الشكل”، ويعتبر ريفي أن “رئيس الجمهورية ليس دوره التدخل بتفاصيل أسماء الوزراء بل بالموافقة على التشكيلة النهائية بكامل أسمائها وتوازناتها”.

ويضيف: “ميقاتي قدم لعون تشكيلة وتمّ تسريبها من دوائر القصر بعد ربع ساعة”، ويتهم التيار بتعطيل تشكيل الحكومة، والتلطي خلف رئيس الجمهورية لفرض شروطه.

ويقول ريفي: “عامان عبارة عن 720 يوماً من دون حكومة.. فهل كل رؤساء الحكومة السابقين مسؤولين عن التعطيل؟. وإذ يستغرب اتهام ميقاتي بالمؤامرة، يتوجه ريفي للتيار بالقول: “فليوقع رئيس الجمهورية التشكيلة ويكشف المخطط الذي يتحدث عنه ميقاتي”.

ويوضح أن “عملية تأليف الحكومة وفق الدستور تناط بالرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية، لكن التشاور شيء والشراكة شيء آخر.. فرئيس الحكومة الذي سيأخذ الثقة مع حكومته سيتحمل لوحده مسؤولية حجب الثقة عنها، وبالتالي فإذا كان الأمر بالشراكة، فيجب أن يسقط رئيسي الجمهورية والحكومة معاً في مجلس النواب إن لم تنل الحكومة الثقة”. ويتهم باسيل باستعداء السنة من خلال خلق مشاكل في المواقع السنية والملفات التي تتعلق بالطائفة السنية”.

ويحذر ريفي من “مطبخ الاجتهادات الدستورية التي يعدها التيار بموازاة الهجوم على ميقاتي بهدف إرباك البلد وخلق أجواء والطعن بإمكانية وشرعية تسلم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئيس، ما يشكل اعتداءً جديداً على الدستور ويؤسس لفرضية إبقاء الرئيس عون في قصر بعبدا، وهذا ما نقله النائب جميل السيد عن عون بأنه لن يسلم حكومة تصريف الأعمال السلطة قبل أن تستدرك دوائر بعبدا الأمر وتنفي كلام السيد.

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى