سياسة

النزاع البحري إلى الشوط الحاسم: حانت لحظة الحقيقة.. وداعاً للمناورات

يجزم بعض المواكبين لتموجات ملف النزاع البحري مع الكيان الاسرائيلي أن مخاض المد والجزر في المياه الساخنة سيفضي في نهاية المطاف إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة وتوزيع حقول النفط والغاز.

ويعتبر هؤلاء أن التصعيد الذي يحصل أحياناً هو من “لوازم الشغل” لتحسين شروط التفاوض وليس لنسفه.

ويرجح أصحاب هذه المقاربة أن يولد الاتفاق في ربع الساعة الأخير من المهلة المعطاة لتل أبيب وللموفد الأميركي عاموس هوكشتاين والتي لا تتجاوز مطلع أيلول المقبل.
ويستبعد هؤلاء أن يؤدي عض الأصابع على هامش التفاوض الى قطعها، “إذ أنها ستُستخدم في التوقيع لاحقاً على التسوية المفترضة”.

ويتوقع المتفائلون بنهاية سعيدة للمعركة الدبلوماسية أن يصرخ الاسرائيلي أولاً في لعبة عض الأصابع، لأنه الأكثر جهوزية للمباشرة في استخراج الغاز وتصديره إلى أوروبا بعدما أنجز جانباً كبيراً من استعداداته على هذا الصعيد.

وبالتالي فإنه سيكون أكبر المتضررين من فقدان هذه الفرصة، بينما لا يزال لبنان عالقاً في المراحل التمهيدية، نتيجة رعونة السلطة وسوء تدبيرها من جهة وبفعل الضغوط الأميركية التي تحول دون أن تستأتف شركات التنقيب الدولية نشاطها في البلوكات المحددة بما فيها تلك غير المتنازع عليها من جهة أخرى.

وبناءً على هذا الوقائع، يلفت المتفائلون إلى أن الكيان الاسرائيلي لن يغامر، عند حلول لحظة الحقيقة، باحتمال خسارة كل شيء وضياع الفرصة الذهبية التي صارت في متناوله، من أجل كيلومترات بالزائد أو بالناقص هنا أو هناك. ولذا هو سيكون مضطراً في النهاية الى التجاوب مع السقف الذي لا تستطيع الدولة اللبنانية التراجع عنه، بعدما يكون قد استنفد كل محاولات تحصيل أعلى مقدار من المكاسب وتقديم حد أدنى من التنازلات في المفاوضات.

ويعتبر المقتنعون باقتراب أوان الحل أن المهلة التي حددتها المقاومة لحسم الأمور سلباً أم إيجاباً أنهت مرحلة المناورات الإسرائيلية والاميركية وأخرجت المفاوضات من عنق الزجاجة، وبالتالي فإن واشنطن وتل أبيب أصبحتا مضطرتين الى تحديد خياراتهما النهائية.

ويُلاحظ أصحاب هذا الرأي أن رسائل المقاومة المسيّرة تارة والمصورة طوراً سمحت للمفاوض اللبناني بانتزاع زمام المبادرة وتعزيز أوراقه بحيث أن الكرة أصبحت في ملعب العدو الاسرائيلي وحليفه الأميركي، “وتبعا لردهما المرتقب قريباً يتحدد مصير الملف وأيضاً المنطقة، مع ترجيح أن تتغلب الواقعية لديهما هذه المرة على نزقهما المعروف”.

ومع ذلك، هناك من يدعو الى تفادي الإفراط في التفاؤل، والأخذ في الحسبان أن الولايات المتحدة وكيان الاحتلال قد يخطئان في الحسابات، انطلاقاً من تقدير يفيد بأن الحزب يطلق قنابل صوتية ليس إلا، وانه لن يتجرأ على الذهاب إلى حرب في ظل الانهيار الذي يعاني منه لبنان مهما علا صوته.

على كلٍ، أسابيع قليلة ويتضح ما إذا كان الاحتلال وحليفه قد فهما الرسائل غير المشفرة على حقيقتها أم لا.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى