سياسة

قضية المطران الحاج مرتبطة بملفات التطبيع والعملاء والترسيم ورئاسة الجمهورية

منصور لـ"أحوال": القانون الدولي والدبلوماسي لم يمنح رجال الدين أي حصانات او امتيازات

لم يكن تضخيم قضية المطران موسى الحاج محضُ صدفة، بل جاء في سياق سياسي متعدد الأوجه والأبعاد في ضوء جملة أحداث وتطورات حصلت في لبنان والمنطقة خلال الفترة الماضية.

*زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة وزيارته الأراضي الفلسطينية المحتلة لتسويق مشروع التطبيع أو إحياء ما يسمى بصفقة القرن بين الكيان الإسرائيلي ودول عربية عدة والحديث عن السلام وحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

*تعثر مفاوضات تأليف الحكومة وتجاوزها لمصلحة فتح ملف الاستحقاق الرئاسي باكراً قبل ثلاثة أشهر من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي.

*تجدد الحديث في الأروقة السياسية والحزبية لإعادة طرح ملف العملاء الإسرائيليين الفارين الى إسرائيل.

*تقدم ملف ترسيم الحدود البحرية الى الواجهة بقوة وتلويح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالحرب العسكري في حال لم تتمكن الجهود الديبلوماسية من التوصل الى حل للملف وإذا حاول العدو استخراج الغاز من حق كاريش ومن كافة شاطئ فلسطين.

*المواجهة الميدانية في مصرف لبنان المركزي بين المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضي غادة عون مدعومة من جهاز أمن الدولة ومن رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر، وبين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المدعوم من فريق سياسي واسع ومن البطريرك الماروني ما بشارة الراعي
وتربط جهات سياسية مواكبة للتطورات الداخلية والخارجية ما بين قضية المطران موسى الحاج وهذه الأحداث مجتمعة.

وتوضح أن تكليف رجل دين بالانتقال الدائم بين لبنان وفلسطين المحتلة عبر معبر الناقورة الحدودي وكذلك نقل الأموال والعتاد، يشكل جسر تواصل بين لبنان والعدو الإسرائيلي وعملائه الفارين الى إسرائيل بعد تحرير الجنوب، وما يمهد لانخراط لبنان في مشروع التطبيع الذي يحاول الرئيس الأميركي فرضه على دول المنطقة، بالتوازي مع اثارة ملف العملاء مجدداً والحديث عن تسهيل التواصل بينهم وبين عائلاتهم في لبنان طالما عودتهم الى لبنان صعبة المنال، ما يضع ما قام به المطران الحاج جس نبض الدولة والأجهزة القضائية والأمنية من مسألة تسوية وضع العملاء واختبار ردة فعل البيئة المجتمعية العامة والرأي العام اللبناني من هذا الملف.

وتضيف الجهات لـ”أحوال”: “جرى استخدام هذه القضية في ملف رئاسة الجمهورية لتحويل البطريرك الراعي الى الناخب الأكبر أو صانع الرئيس المقبل وبكركي الى حاضنة وقائدة للمسيحيين والمدافعة عن حقوقهم وبالتالي لا يمكن انتخاب رئيس جديد من دون أن يمر من تحت عباءتها، وبالتالي تشكل “بلوك مسيحي” يجمع كل القوى المسيحية السياسية والشعبية خلفه في هذا الاستحقاق الدستورية.

ولا يمكن فصل “واقعة مصرف لبنان” الأسبوع الماضي بحسب الجهات عن قضية المطران الحاج، إذ تخفي هذه الحملة السياسية الكنسية على القضاء العسكري رسالة الى كل القضاء في لبنان بأن من يعصي “أوامر الكنيسية” عليه أن يحمل غضب الرب وكهنوته وعباده، ما سيؤثر على قرارات القضاة المعنيين في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه والمصارف.

وتخلص الجهات للقول الى أن قضية المطران الحاج هي قانونية بحت، لكن جرى تحويلها الى سياسية عبر تضخيمها لاستخدامها لتحقيق أهداف عدة.

لكل هل توقيف المطران على حاجز الأمن العام قرار قانوني؟

تستند البطريركية والداعمين السياسيين لها، في موقفها، على أن “ليس من اختصاص المحكمة العسكرية أو القضاء العسكري ملاحقة أسقف مسيحي سنداً للمادة 1060 من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الصادرة عن الفاتيكان عام 1990 والتي أصبحت نافذة في لبنان منذ عام 1991 وبموجب هذا القانون، يُمنح البابا فقط حق محاكمة الأساقفة الملاحقين بقضايا جزائية”.

لكن الخبراء في القوانين الدولية يرفضون ذلك، ويؤكدون أن جميع المواطنين سواسية في القانون المحلي.

وفي هذا السياق، يوضح وزير الخارجية الأسبق د. عدنان منصور لـ”أحوال” أن “القانون الدولي والدبلوماسي لم يمنح رجال الدين أكانوا مسلمين أو مسيحيين أو من ديانات أخرى، أي حصانات او امتيازات”، ويقدم منصور دليلاً على ما يقول بالحكم الذي أصدره القضاء الفرنسي ضد المطران منصور لبكي بتهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال.

ويضيف: “أمام العمالة لا غطاء على أحد والتحقيق يجب ان يأخذ مجراه، وإذا كان الدستور يسمح بالتحقيق ومحاكمة رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس النيابي والحكومة والنواب والوزراء وفق أحكام الدستور.. فكيف برجال الدين؟”.

ويبين منصور أن “الحصانة على رجال تقتصر على المسائل الدينية والكنسية داخل الدول الذين ينتمون اليها، وليس في القضايا السياسية وقضايا الأمن القومي بين الدول، علماً أن قضية المطران موسى تمس الأمن القومي اللبناني”.

ويشدد منصور على أن ليس من حق الفاتيكان ولا أي دولة أخرى فرض قوانينها على الدول الأخرى ولا أن تتجاوز قوانينها المحلية، متسائلاً: “هل يحق للفاتيكان أن تفرض على فرنسا على سبيل المثال أي أمر بما يعاكس قوانينها المحلية؟”.

ويكرر منصور القول إن الحصانات في القانون الدولي والعلاقات الدولية تقتصر على الشخصيات والبعثات الدبلوماسية من سفراء وقناصل وغيرهم وفي حدود ومواقع وحالات معينة وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدولية بهدف تسهيل المهمة الديبلوماسية وتنظيم وتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية بين الدول.

ويربط بين إثارة هذه القضية واستغلالها سياسياً لأهداف عدة كقضية التطبيع والعمالة، ويحذر منصور من استغلال المطران موسى وتحويله الى جسر عمالة ما بين العملاء في الأراضي المحتلة ولبنان. وتساءل من أين تأتي هذه المبالغ المالية والعتاد والى من؟ ولأي هدف؟.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى