منوعات

أصحاب المولّدات في طرابلس يقودون “ثورة مضادة”

لم ينتظر أصحاب مولّدات الكهرباء الخاصّة في طرابلس أن يحلّ بهم ما أصاب زملائهم في المهنة في مدينتي صيدا وصور، عندما أجبرهم القضاء في هاتين المدينتين الجنوبيتين الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة لسعر الكيلووات كهرباء، وإلّا فإنّ ختم مولّداتهم بالشّمع الأحمر وفرض غرامات مالية عليهم وتوقيف أعمالهم وتكبيدهم خسائر، كلها أمور تنتظرهم إذا ما خالفوا تسعيرة الوزارة وقرار القضاء.

فتسعيرة وزارة الطاقة التي تحدّدها وتجدّدها مطلع كلّ شهر بلغت في آخر جدول أصدرته 13 ألف ليرة عن كلّ كيلووات كهرباء، لكن أصحاب المولدات لا يجدونها مناسبة لهم، ويرفضون الإلتزام بها، ويفرضون بدلاً منها تسعيرة أخرى تختلف بين واحد وآخر، لكنّها بالإجمال لا تقلّ عن ضعف التسعيرة الرسمية، ما جعل الضجة ترتفع وسط المواطنين بطرابلس الذين، عبّروا مراراً عن إستيائهم من إرتفاع فاتورة إشتراكاتهم الشّهرية في مولّدات الكهرباء الخاصّة أكثر من ضعف ممّا هي عليه في بقية المناطق، برغم أنّ طرابلس تعدّ من أفقر المدن اللبنانية.

للذك إستبق أصحاب المولّدات في طرابلس أيّ قرار قضائي بحقهم، وبادر كلّ واحد منهم باتخاذ الخطوة التي يراها مناسبة له، ومنها إبلاغ عدد منهم المشتركين، عبر طريق رسائل نصّية أرسلوها لهم على هواتفهم الخليوية، عن توقفهم عن العمل وإطفاء مولّداتهم في الأوّل من شهر آب المقبل.

لكنّ بلال الشّوشة، وهو صاحب مولّد كهربائي في منطقة القبّة في طرابلس، لم ينتظر موعد الأول من شهر آب لإطفاء مولداته، بل أوقفها منذ يومين، بعدما وضع يافطة على باب مكتبه أبلغ عبرها المشتركين لديه إعتذاره عن تشغيل المولّدات “بسبب تسعيرة وزارة الطاقة ولأسباب أخرى” لم يُفصح عنها.

وكشفت معلومات لـ”أحوال” أنّ الشّوشة أقدم على خطوته بعدما استدعته القوى الأمنية، هو وغيره من أصحاب المولّدات، وأبلغتهم بوجوب الإلتزام بالتسعيرة الرسمية، فأبلغ مشتركيه إيقاف مولداته واعتذاره عن تأمين التيّار الكهربائي لهم، ما دفع السّلطات القضائية في طرابلس إلى إصدار قرار يقضي بإغلاق مولّداته ومكتبه بالشّمع الأحمر، وهو قرار نفذته القوى الأمنية على الفور.

خطوة الشّوشة وسواه من أصحاب المولّدات في طرابلس من اعتراضهم على تسعيرة وزارة الطاقة وقرار القضاء، بدت وكأنّها “ثورة مضادة” بوجه من يطالبونهم خفض تسعيرة فاتورتهم الشهرية، التي بلغت لدى بعضهم دولاراً عن كلّ كيلووات كهرباء، وسط مؤشّرات توحي أنّ عمليات كرّ وفرّ ستشهدها طرابلس بين أصحاب المولّدات من جهة، والقضاء والقوى الأمنية من جهة أخرى، ليس واضحاً البرّ الذي سترسو عليه.

تزامناً مع ذلك، عقد ظافر قرحاني، وهو صاحب عدد من مولّدات الإشتراك في منطقة أبي سمراء في طرابلس، مؤتمراً صحافياً في مكتبه تحدث فيه باسم زملائه في المنطقة، نفى فيه “الإتهامات التي تتوجه إلينا وتصفنا بـ”المافيا”، بل نحن كبش محرقة، بينما “المافيا” الحقيقية تتمثل في شركات بيع المحروقات وعلى رأسها المازوت”.

ومع أنّ قرحاني أبدى تضامنه مع الشّوشة، فإنّه أعلن بالمقابل أنّه “لن نطفىء مولّداتنا في المنطقة في طرابلس، ومستمرون بالعمل من أجل الأطفال وكبار السّن والمرضى”، نافياً في الوقت نفسه المعلومات والشّائعات التي تحدثت عن دفع أصحاب المولدات “خوات” مالية إلى سياسيين وأمنيين وغيرهم (النائب أشرف ريفي إتهم محافظ الشمال رمزي نهرا بأنّه يفرض خوات على أصحاب المولّدات)، ما يضطرهم إلى رفع تسعيرة فاتورتهم، لكن أكد بالمقابل أنّه “ندفع خوّة لشبيحة موجودين في الشّوارع وفي كلّ منطقة، وتعرفهم الدولة جيداً لكنّها تغضّ النّظر عنهم”.

وعن مطالبة النوّاب والقضاء ومواطنين الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة، طالب قرحاني “بتشكيل لجنة محايدة تشرف على عمل المولّدات فترة زمنية معينة، إذا وجدت بعدها أنّ الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة لا يُكبّدها خسائر، فنحن مستعدون عندها للإلتزام بها”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى