سياسة

عون ينتظر تجاوب الرئيس المكلف مع ملاحظاته وميقاتي ينتظر بعبدا!

بقرادوني لـ"أحوال": "الجنرال" سيسلم الرئاسة وفرنجية يتقدم المرشحين بانتظار المتغيرات

لم يخرج ملف تأليف الحكومة الجديدة عن دائرة الجمود رغم عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بيروت بعدما أدى فرضة الحج في السعودية.

فلم يُرّصد موكب ميقاتي على طريق قصر بعبدا ولم تظهر كما لم تحدد دوائر بعبدا موعداً لميقاتي لزيارة القصر للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون لاستئناف مشاورات التأليف، ما دفع بجهات مواكبة لمشاورات التأليف لوضع هذا التأخير بحصول اللقاء الرئاسي في خانة السلبية، ما يرسم تساؤلات حول مصير الحكومة وفرص ولادتها في ظل تسارع وتيرة الحديث حول الاستحقاق الرئاسي وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وسط عاصفة إضرابات واحتجاجات لموظفي القطاع العام، ما يضع البلاد على حافة الانهيار والانفجار.

وتشير أجواء السراي الحكومي لـ”أحوال” الى أن ميقاتي لن يزور بعبدا قبل إبلاغه من دوائر القصر بأن رئيس الجمهورية مستعد للبحث بالتشكيلة الأخيرة التي قدمها ميقاتي، فيما تلفت أجواء قصر بعبدا الى أن عندما يبدي الرئيس المكلف استعداده لبحث الملاحظات والتعديلات التي طلبها رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية فإن الرئيس جاهز للقاء.
ويرسم الوزير السابق المحامي كريم بقرادوني مشهداً قاتماً للوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، وإذ يستبعد ولادة الحكومة في العهد الحالي، يرى أننا دخلنا في فلك الاستحقاق الرئاسي الذي سيكون مدخل الحل للأزمة اللبنانية، وإلا سندخل في نفق مجهول ستكون تداعياته كارثية على كافة القطاعات.
ويبدي بقرادوني في حديث لـ”أحوال” اعتقاده أن الحكومة الجديدة مؤجلة ولن تبصر النور، بسبب وجهات النظر المتضاربة بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف.. فالأول يريد حكومة سياسية – تقنية فيما يفضل الثاني الإبقاء على الحكومة الحالية مع تعديلات وزارية وفق ما يراه مناسباً. لذلك انتقلت الجهود الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

ويرى بقرادوني أن رئيس الجمهورية ميشال عون يحاول انتشال عهده بتحقيق بعض الإنجازات كالتدقيق الجنائي وتغيير حاكم مصرف لبنان والقوانين الإصلاحية، لكنها بداية طريق الإصلاح وليست الحل للفساد المستشري في الدولة، والحل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة جديدة ووضع خريطة طريق للإنقاذ الاقتصادي والمالي.

ويلفت الى أن عون يسعى لانتخاب رئيس للجمهورية لكي لا يسلم الفراغ في نهاية عهده، جازماً بأن “الجنرال” لن يبقى دقيقة واحدة بعد نهاية عهده وحتى لو سلم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية كما ينص الدستور.

ويعتقد بقرادوني أن اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يتقدم لائحة المرشحين حتى الآن، لكن قد تحصل متغيرات وتطورات خلال الشهرين المقبلين تفرض أسماء أخرى.

ويعود بقرادوني بذاكرة التاريخ الى الوراء ويخلص الى أن عوامل داخلية وخارجية تتحكم بانتخاب الرئيس المقبل، ويضيف: باستثناء حالة واحدة أنجز الاستحقاق الرئاسي في لبنان (الرئيس فؤاد شهاب)، فإن كل الرؤساء انتخبوا بتدخل خارجي أو بتسوية خارجية.

ويرى بقرادوني أن من مصلحة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن يدعم الوزير فرنجية للرئاسة ضمن تسوية يقدم خلالها فرنجية ضمانات سياسية لباسيل. معتبراً أن دعم باسيل لفرنجية وارد كونهما من خط سياسي واحد رغم خلافهما الشخصي الذي يمكن وضعه جانباً.

ويعتقد أن فرنجية مرشح حزب الله لكن الحزب لن يعلن ذلك حالياً بانتظار فتح النقاش الرئاسي على مصراعيه والتوصل الى اجماع حول شخصية معينة، لكن الحزب وفق بقرادوني سيحافظ على التوازنات السياسية لا سيما بين حلفائه.

ويعتقد أن انتخاب الرئيس يتطلب شبه اجماع على رئيس لتأمين نصاب انعقاد المجلس أي 86 نائباً، رغم أن هامش الكتل النيابية بمقاطعة الجلسة ضيق جداً لأنه سيلقى معارضة شعبية واسعة وانتقادات خارجية.

ويتخوف بقرادوني من موجة الانحلال والترهل التي تشهدها مؤسسات وادارات الدولة من إضرابات وانقسام في الجسم الوظيفي للقطاع العام، ما يهدد استمرارية الدولة ويفتح الباب على فوضى اجتماعية وأمنية كبيرة، ويضع مستقبل ومصير الكيان اللبناني وفق النظام الحالي على محك الانتهاء.

ويبشر بقرادوني بمرحلة خطيرة سيدخل فيها لبنان على كافة الصعد، لا سيما على المستوى الاقتصادي والمالي والاجتماعي فضلاً عن ملف ترسيم الحدود الذي يشهد مماطلة أميركية – إسرائيلية لإتاحة المجال لإسرائيل لاستخراج الغاز وتصديره الى أوروبا.

لذلك يلاحظ الوزير السابق أن المسار الأميركي للتعامل مع هذا الملف لا يبشر بالخير رغم كل الأجواء الإيجابية، فواشنطن وفق بقرادوني لن تقدم هدايا مجانية للبنان، بل سترفع من وتيرة ضغوطها خلال الفترة المقبلة لفرض تنازلات في ثلاث ملفات: تأليف الحكومة انتخاب رئيس للجمهورية وترسيم الحدود.
ويشدد بقرادوني على أن إسرائيل لا تعترف بالخط 23 مع حقل قانا الذي يتمسك به لبنان كحل للنزاع حول الحدود البحرية، في المقابل لبنان لن يقبل بالتنازل عن هذا الخط. ويخلص للقول إن مصير ملف الترسيم مرهون بمدى الضغط الأميركي على الحكومة الإسرائيلية لتلبية مطالب وحقوق لبنان بانتظار زيارة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى لبنان، ويضيف أن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله شكل قوة دفع لتحريك الملف باتجاه الحل، لكن السؤال هل ستضغط واشنطن على إسرائيل في ملف يشكل أولوية ومصلحة حيوية لإسرائيل؟.
ويرجح بقرادوني فرضية الحرب إذا سُدت أبواب الحلول بملف الترسيم والسماح للبنان باستخراج ثروته النفطية والغازية واستثمارها لإنقاذ اقتصاده المتهالك.

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى