منوعات

أيادي رولا سنو “المتعبة” تخيّط الأكسسوارات وتقيم الزينة في رسائل مفعمة بالفرح 

في وطن تُرك مواطنيه وحدهم بتخبطون في أزماته دون قيادة تدعم أو وزارات تشجع العمل اليدوي، يسعى اللبناني أن يخلق من الضعف قوة ومن الخيبة أمل.

في وطن تجاهل حكّامه معايير الاقتصاد المنتج والتهوا بالسمسرات والصفقات، متجاهلين بذلك المواطن ومؤهلاته وكفاءاته، تخلق أيادٍ لو تعبة، وفي ثناياها إصرار وعزم على التحدي وتحقيق الحلم.

نعم، هؤلاء يخلقون الأمل من خلال أعمال حرفية بسيطية يدوية ملوّنة كما أمانيهم لأصحابها.

بين كل هذا التخبط الذي يمرّ به الوطن، لبنانيون كثر اختاروا ألا يستسلموا للأزمات المتلاحقة، فأطلقوا مشاريعهم الخاصة معتمدين بذلك على صفحات التواصل المجانية لترويج عملهم وتحقيق أهدافهم البسيطة في وطن تملؤه التعقيدات.

بين هؤلاء، اختار موقع “أحوال ميديا” تسليط الضوء على رولا سنو، التي تغلبت على مرض سبّب لها شلل نصفي لسنوات مرّت خلالها برحلة معاناة لم تكن سهلة، حيث فقدت القدرة على الحركة لوقت طويل؛ إلاّ أنّ إرادة الشابة اللبنانية تغلبت على العقبات وانتصرت على إحباط يسببه ألم من هنا، وإعاقة حركة من هناك.

 

أعمال يدوية بيدين متعبتين

تحيك أنامل رولا سنو “التعبة” زينة وأكسسوارات في خياطةفنية تشارك من خلالها فرحة الآخرين في أعمال يدوية. بين زينة الشموع وربطات الشعر وزينة الميلاد ورمضان، تجمع السيدة التي أنهكها المرض، كل قواها كي تخيط بنفسها حلمها منذ الطفولة.

لم تتخصص رولا بالأعمال اليدوية ولم تتخرّج من معاهد أو جامعات من ذات الاختصاص، بل هي تختص بالموارد البشرية؛ إنّما حلمها الذي رافقها منذ نعومة أظافرها كان أقوى فانتصر، انتصر على المرض والشلل في رسائل إيجابية تترجمها نظرتها للحياة من خلال تجسيد حرفي فنّي يحاكي فرح الناس، ويحثهم على التمسك بالأمل، بل تدعوهم إلى الإستفادة “من ما تبقى من صحتكم كي تستثمروا فيها لتحقيق أحلامكم، فليس على الإرادة مستحيل”.

تنتقل أنامل رولا لتخيط أكسسوارات الشعر وتزيّن الشموع، وتبتكر زينة للمناسبات والأعياد في طرق لم يتم اعتمادها في لبنان على حدّ قولها، بل اقتبستها من دول الخارج كألمانيا مثلاً، التي تنوّه في أعمالها في هذا الإطار.

رحلة المرض 

رحلة المرض مع رولا بدأت منذ أربع سنوات، حيث كانت في زيارة إلى الإمارات العربية المتحدة، وشعرت فجأة بخدر وتنميل في أطرافها، لتكتشف بعد التشخيص الطبي أنّها تعاني من متلازمة جيلان باريه ومتلازمة ميلر فيشر  وهي “حالة طبية نادرة يُهاجم فيها الجهاز المناعي الأعصاب، وعادةً ما تظهر الأعراض الأولى على هيئة نخز وضعف في الأطراف، وسرعان ما تنتشر هذه الأعراض حتى يُصاب كامل الجسم بالشلل”.

بعد تشخيص حالتها، بدأت رولا برحلة معاناة، حيث أصابها شلل في وجهها وأطرافها، ثم بدأت تعاني من مشاكل في التنفس وضعف بالسمع والرؤية، وعدم القدرة على التحرّك.

في حديث إلى “أحوال ميديا”، توجّهت رولا سنو بالشكر إلى دولة الإمارات ونوّهت بالمعاملة الجيدة التي تلقتها من خلال الإهتمام بمراحل علاجها خلال تواجدها هناك، دون أي تكلفة شخصية، حيث أخذت دولة الإمارات كلفة العلاج على عاتقها.كما لفتت إلى أنّ حالتها أصبحت مادة دسمة لتدريس الطلاب في البلاد نظراً لخطورة وضعها، ووصفت كيف كانت تتعرّض لعلاج بالكهرباء كي تحرّك وجهها.

رولا سنو احتاجت لكرسي متحرّك لفترة طويلة قبل أن تتمكّن من السير وحدها، وذلك بعد أن خضعت لتدريب حول كيفية المشي من جديد وخلق توازن يمكّنها من التنقل بنفسها.

اليوم رولا بحالة أفضل بعد تلقيها العلاج، لكنها لا زالت تعاني من أمراض وشلل مؤقت، كما تعاني من عوارض نسيان وتعب بالأعصاب وشلل متقطع بسبب رواسب وتداعيات المرض، إلاّ أنّها مستمرة في عطائها وتحقيق حلمها والاهتمام بتأمين معيشتها بنفسها دون الإعتماد على أحد. فهي من تقوم بهذه الأعمال اليدوية بنفسها دون مساعدة أحد، لو أنّها لا تنسى دعم عائلتها ولا سيّما والدتها في تشجيعها.

خلال حديثها مع “أحوال. ميديا”، أشارت سنو إلى دعم عائلتها، ولا سيّما والدتها التي أطلقت عليها “الجندي المجهول” لمواكبتها في رحلتها خلال المرض وبعده”.

في حوزة رولا سنو الكثير من الرسائل الإيجابية التي تجعلنا ننتفض على داخلنا والنعم التي نتمتع بها. فإن كانت هي من تستفيد من ما تبقى من صحتها كي تحقق هدفها، لما نحن لا نستفيد من كامل صحتنا للتمسّك بأحلامنا والمضي قدماً في رحلة تفاؤل، صبر وتعقّل؟

منال سعادة

اعلامية لبنانية قدّمت العديد من البرامج الإذاعية الحوارية منذ عام 2005 . أعدّت وقدمت برامج تلفزيونية. عملت في عدة مطبوعات لبنانية وعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى